دعني أعيش كما أريد... أو اتركني أفكر في ذكريات إذاعة القدس، عندما كنت يافعة وتستهويني أغاني فيروز في ذروة الانتفاضة الأولى، فعندما أعرف أن ما بيني وبين الذكور محطات بث ومرجعيات تراثية عندها سأسقط في مساحات غامضة، وأدرك أن مسألة الأنوثة ربما أصبحت هما "تحريريا"، أو ذابت في مساحة طبيب للأسنان قرر العمل "مرشدا أعلى للأزواج".

استطيع أن أفهم الآخرين دون رجل وعمامة، وأنا قادرة على تفكيك "الذكور" من غير أن يكللني الآخرين بالنصائح، فالزواج ليس جسدين وبنود تفصيلية يتلوها علينا أحدهم من "إذاعة القدس" التي كانت تتحدث عن (ّطريق تحرير الأرض والإنسان)، ولكن على ما يبدو أن هذا الطريق يسير فوق رغبتي أو رغبات الأخريات، حيث يصبح "الوعظ والإرشاد" طريقا نمطيا للوصول إلى قلوب الناس حتى وإن كان طريق القدس مزروعا بالمستوطنين.

في إذاعة القدس لحن صباحي يعزف على مسامات جلدي، فتنهمر الأسئلة الذكورية من النوع الثقيل لتجد شرعية فيما تقوم به، وليصبح تزويج الإناث ضرورة ربما للتحرير الذي يحتاج لفضيلة مختلفة عما كنا نعرفه، بينما أقف وحيدة في مساحة "جسدي" الذي أصبح غاية إذاعية، أما أهواء الأخريات فهي أيضا مجالا لإجابات لا تملك وقتا للتفكير فهي تجلس على لسان من يعظنا في إذاعة القدس، فيرمينا بها أو يجعلنا أسيرات تراثه الخاص في طب الأسنان أو في رمي الفتاوى على كل عابر سبيل.

تحرير الأرض والإنسان سيمر من على وجهي، وربما سيمسح التعب الذي خلفته سنوات الافتراق عن أزقة القدس، وربما سيلامس كل انعطافات جسدي أو يمسد على خاصرتي، فأطلق العنان لحريتي رغم أنف أوصياء التحرير، وأعاهد الأرض على "مضاجعتها" كي أفهم أن الذكور والرجولة لا يمكن فهمها عبر موجات الـFM، فهي قدرة على تفهم ذات الأنثى التي تعرف أن التحرير ليس معنيا بأجساد النساء ولا بوضع تعليمات للعلاقات الزوجة، أو بحدها في إطار الفهم الخاص لم يحلمون بالماضي....

مشكلتي... أزمتكم... مستقبلنا... إنها أمور متعلقة بالاحتلال سواء حصنا المرأة على طريقة ابن تيمية، أو جعلناها في نطاق الحرية الشخصية، فالاحتلال لا يهتم إلا بانتهاكنا سواء كنا سافرات أو منقبات....