بلا أدنى شك ، أن الجلاء يوم عميق المعنى وأساسي وضروري لكل من يعيش في وطن ، حيث يكون العيد الوطني هذا تعبيرا عن الرابطة الانسانية الحقوقية التي تلم شمل المجتمع المؤلف من ارض وناس الذين تبدو مصالحهم بالاستقلال كخطوة أولى تأسيسية لتحقيق مصالحهم الكبرى المستقبلية ، وهي ترتقي من حيث الأدوات والنتائج .

من نافل القول المقارنة بين الانتداب والاحتلال ، كما انه من نافل القول النظر الى الحالة الانتدابية من باب التثاقف أو الانجازات ، فما جرى هو الذي جرى وفق حالة استعمارية فرضتها شروط وظروف هاتيك الأيام ، كما الاستقلال نفسه جرى كما جرى وفق شروط وظروف هاتيك الأيام ، ولم يبق من تلك الحالة الا نقطة اساسية ارتكازية هي رفض الاحتلال أو التحكم بمصائر المجتمع من قبل اي كان ، هذه هي البؤرة الرمزية لمفهوم الاستقلال تقابلها وتوازيها تماما البؤرة المركزية لمفهوم الانتاج وما يتفرع عنها من تطبيقات الوفرة والمنعة والابداع بما يقدم في مجموعه صيغة الهوية المعلنة والمتطورة في شكلها ومضمونها ، بحيث يمكن قراءتها من قبل الآخر ربما كعلامة ممنوع المرور ، ولكنها وفي مجملها ( أي الهوية ) هي اعلان عن الاستعداد للمشاركة في صناعة السعادة البشرية على قدم المساواة .

من هنا يبدو الارتقاء في فهم الأدوات ناهيك عن تصنيعها ، وفهم الأهداف ناهيك عن انتاجها هو في المحصلة النهائية ، المفصل الاساسي في مفهوم الاستقلال ، فالوسائل الاستعمارية كما الأهداف لا تني عن التطور والتنوع والمستقبلية ، في المحاولة للسيطرةعلى الانتاج البشري وتطويعه بما يناسب الحيوية القومية ، فالذي لا ينتج ينتج له ويشتري هذا الانتاج بأعلى الاسعار ، والذي لا يبدع يبدع له وكذلك عليه شراء الأبداع وهكذا دواليك في حركية صلبة وباردة لا تحتمل المواربة أو التجمل ، خصوصا وأنها بحاجة الى الطاقة المجتمعية الكاملة بكافة تجلياتها ، وأدواتها وأداؤها ، ليصبح الاستقلال ناجزا ومحققا صورة الندية مع الآخر من خلال التبادلية ، انتاج مقابل انتاج وابداع مقابل ابداع . حيث يصبح للحرية كما للهوية تعريف معاصر يمكن لمسه من قبل الأجيال الجديدة ذات المعارف المختلفة كما ونوعا حيث يبقى سؤال الأنتاج هو المحدد الأساسي للحرية اذا كانت استقلالا أم مجرد قرارات ادارية بإنهاء الأحتلال أو بطرده .

الجلاء أو الاستقلال هو حرية مشروطة بالإنتاج ، فمقررات سايكس بيكو أو يالطا ليست مجرد تكتيك ( استعماري ) بل هي تعبير عن ذهنية الوجود الانساني في حالة الحيوية التي لا تقاس بحالة الاحتلال أو العسكرة فقط ( وهي تصغير وتشخيص تبسيطي لها ) بل هي سيطرة عى الموارد التي لا تكون مستقلة الا من خلال حيوية موازية ، قادرة على الاكتفاء في ظل قوانين الحراك المعاصرة التي تحتاج الى الإخلاص والصدق والعزيمة الصادقة كجزء من صورة الهوية في حال نظرنا اليها نحن أم نظر اليها الآخرين ، لذا يبدو الاستقلال وابنته الحرية كمفترق طريق لا تخفى نتائج سلوكه عن أحد ..... اذا نظرنا اليها نحن .... أم نظر اليها .... المتربصون