د. ثائر دوري

لو أن الذئب لم يلتهم أول حمل صادفه و لو أنه لم ينادي أصدقائه الذئاب للفتك بقطيع الغنم ، و لو أن هذه الذئاب لم تهاجم الراعي و لم تروع سكان القرية . لو أن كل الأمور السابقة لم تحدث لكانت الأمور تسير بين الأغنام و الذئاب على ما يرام و لحل السلام و صار الذئب صديق الغنم وكان يمكن أن يستقبل أهل القرية الذئاب في حظائرهم و ربما قدموا لها الطعام بالطبع بعد ان تتخلى عن اكل اللحم و تتحول إلى حيوانات عاشبة أو تتناول اللبن كالقطط . تخيلوا أي ذئاب ترضى بالاستغناء عن أنيابها ؟

و يضرب بعضهم كفاً بكف أسفاً على الأخطاء التكتيكية التي ارتكبها الذئب . فيقولون لو أن الذئب تحاشى ذلك لعم الخير و السلام و الديمقراطية و لما سالت دماء الذئاب على يد العراقيين .

انتهت الحكاية التي أقل ما يمكن وصفها بأنها غير واقعية و تجافي المنطق فإن لم يلتهم الذئب الغنم و لم يهاجم الراعي و لم يروع أهل القرية و اكتفى بتناول العشب و لعق الحليب و خلع أنيابه، هل يعود ذئباً ؟!!بالتأكيد لا عندها يجب أن نبحث له عن اسم آخر مشتق من الحملان .

هذه القصة ليست للأطفال ، كما أنها ليست من إبداعي بل إنكم تسمعونها يومياً على لسان محللين سياسيين كبار ، عرباً و أجانب ، في المحطات الفضائية ، و ترونها مكتوبة في الصحف بقلم كتاب عرب و أجانب و تأخذ طابع الجدية الكاملة و محورها الحالة العراقية .

يدور الحديث عن أخطاء الذئب الأمريكي ، فيقولون : لو أن الذئب لم يحل الجيش العراقي . و كأن الذئب جاء لإجراء دورة تدريبية للجيش العراقي ليرفع جهوزيته القتالية ، و بالتالي فإنه قد ارتكب خطأ بحل هذا الجيش!!

فحسب رأيهم كان على الذئب أن يحافظ على هذا الجيش العريق ، الذي هو مؤسسة وطنية قديمة ضامنة للحمة البلاد و غير قابلة للتدجين في قن المستعمر !! أي كلام عجيب هذا ؟!!!

ثم يشرحون أخطاء الذئب في العراق ، فيقولون : إنه شجع النهب و لم يدفع النهب سوى عن وزارة النفط ، و يقولون أنه أخطأ بقتل الناس و تدمير بيوتهم و قطع أشجارهم و أنه شجع الطائفية و قصف المدن و نهب البنية التحتية .

هذا الكلام العجيب الذي نسمعه يومياً يريد أن يقنعنا أن الذئب قد يصير صديق الغنم و أنه قد هاجم العراق من أجل مصلحة العراقيين !!! بينما طبيعة الذئب تفرض عليه أن يسيل لعابه كلما رأى حملاً . وتفرض عليه أن يهاجم البشر . و كذلك طبيعة المحتل فلا يمكن له سوى أن يقتل و يدمر و ينهب . و من يطالبه بغير ذلك كمن يطالب الذئب أن يصير صديقاً للغنم !!!