الرئيس بشار الأسد يقول إن الولايات المتحدة فشلت في العراق، وحان الوقت لتأخذ برأي الذين حذروها منذ البداية من هذه النتيجة. وهو يقول أيضاً إن هناك اتصالات لا تكاد تتوقف من وسطاء لبدء مفاوضات جديدة بين سورية وإسرائيل، والموقف العربي معلن ومعروف فلا تنازل عن شبر من الأرض، ولا مفاوضات، قبل ان تقر إسرائيل بمبدأ انسحاب كامل من الجولان المحتل.رأيت الرئيس السوري في مكتب
خاص له في وسط جبل قاسيون، في جلسة استمرت حوالى ساعتين، وتناول حديثنا القضايا المطروحة كلها من الولايات المتحدة والعراق إلى إسرائيل والفلسطينيين،
ولبنان والعلاقات العربية – العربية.
الدكتور بشار بدا مرتاحاً للقمة العربية ونتائجها، وقال إنه عقد اجتماعاً طيباً مع كل من الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس حسني مبارك، وزاد ان العلاقات الثنائية والمشتركة "جيدة وطبيعية".وركز الرئيس السوري على التواصل مع المملكة
العربية السعودية خلال سنة رئاستها القمة لأن تعاون البلدين سيساعد على نجاح القمة المقبلة التي ستكون برئاسة سورية. وتوقع ان يؤدي نجاح الرئاسة الحالية
إلى نجاح القمة التالية، وشدّد على ضرورة قيام اتصالات مباشرة وتعاون في شؤون القمة وكل شأن آخر.وفهمت أن الرئيس الأسد كان دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على هامش قمة الرياض الى زيارة سورية، والرئيس الأسد قال إنه لا يزال يتوقع هذه الزيارة، وقد سمع أن الأمير سعود أخذ إجازة بعد
القمة للراحة بسبب الجهد الكبير الذي بذله في إعداد القمة وإنجاحها.ركز الرئيس كثيراً في المقابلة على الوضع العراقي، وقال إن القمة أبدت القلق مما يحدث هناك بسبب حجم العراق، مع اهتمامها المماثل بأوضاع الفلسطينيين ولبنان والمشاكل الأخرى. وهو قال إن العرب يرَوْن أن العراق ينزلق نحو الهاوية لذلك كان
من الطبيعي ان تهتم الأطراف الإقليمية والدولية بهذا الوضع فهو يؤثر في مصالحها أيضاً.اليوم أسجل ما سمعت من الرئيس بشار الأسد عن مواضيع محددة قبل ان أكمل غداً بلبنان.
عن الولايات المتحدة قال:السيد نايجل شاينوالد، المستشار للشرق الأوسط عند رئيس الوزراء توني بلير نقل إلينا الموقف الأميركي قادماً من واشنطن.نحن نقول للأميركيين: ضعوا مصالحكم على طاولة المفاوضات، ونحن سنشرح مصالحنا. لن نقوم بأي عمل يناقض مصالح سورية. إذا فكرتم في مصالحكم تجدون انها
لا تتعارض في معظم الحالات مع مصالح سورية وبلدان المنطقة.نقول الحرب كانت خطأ والانسحاب يجب ان يحصل.
ماذا تريدون من سورية؟هم يريدون ان ندعم وضعهم، وأيضاً ألا نتدخل، وقد عارضوا فتح سفارة سورية في بغداد، ويعارضون قدوم وفود عراقية إلينا. نحن نقول ان الحل يجب ان يكون عراقياً.نريد ان نفهم هل المطلوب ان تساعد سورية على دعم العراق، أو على إخراج أميركا من ورطتها؟ يطلبون منا ضبط الحدود وردنا ان هذه مشكلة عندكم في العراق ومن نتائج المعالجة الفاشلة لحرب فاشلة.
لن نغير موقفنا فقد ثبت ان ما قلنا قبل الحرب كان صحيحاً.
(عندما سألت الرئيس الأسد ماذا يطلب الأميركيون من سورية تحديداً ضحك وقال) نحن نطلب منهم:
أولاً: الموافقة على مبدأ الانسحاب.
ثانياً: وضع جدول زمني للانسحاب.
ثالثاً: إيجاد حل سياسي عراقي، وليس دولياً، مع دعم إقليمي ودولي.
لا نستطيع ان نتحدث عن حرب أهلية شاملة (قال بالإنكليزية Full blown ) في العراق. هناك اقتتال طائفي على مستوى القوى السياسية يجب وقفه ومنع الحرب
الأهلية، وهذا لا يزال ممكناً.
– عن إسرائيل ونشاط السوري الأصل إبراهيم سليمان وآخرين قال: هناك اتصالات لا تعد ولا تحصى. كل شهر عندنا اتصال من هذا النوع. اتصالات سرية ممكنة ولكن لا نقبل مفاوضات سرية. المفاوضات يجب ان تكون في العلن.
بعض هؤلاء الوسطاء يسمع الموقف السوري وينقله إلى إسرائيل ولا يعود. بعضهم يعود. حتى هذه اللحظة لم يعد أحد بشيء جدي أو ملموس. عندما يأتي وسيط بشيء
جدي أو ملموس سنعلنه فوراً. الموقف السوري لا تنازل عن أي شبر من الأرض. لا مفاوضات قبل ان تقر إسرائيل بعودة الجولان كاملاً... عند ذلك نعلن ونحكي.
(سألته عن أخبار صواريخ سورية جديدة على الجبهة، وهل يتوقع حرباً مع إسرائيل في الصيف): نعمل يومياً على تعزيز دفاعاتنا. نحن دائماً نحضر أنفسنا.
إسرائيل عدو شرس، لم نرَ منها سوى الأذى. لا نعرف هل تقع حرب، ولكن لا يجوز ان نلغي الاحتمال. إسرائيل لا أمان لها.
– عن الفلسطينيين قال: (أبديت تخوفي من تهريب السلاح إلى حماس وفتح،
ومن مواجهة بينهما، أو حرب أهلية): لا أعرف. لا معلومات عندي عن تلقي حماس أو فتح أسلحة. لا أتوقع حرباً أهلية. فكر في الدور الإسرائيلي. إسرائيل ردت على المبادرة العربية سنة 2002 باجتياح عسكري. هناك الآن حكومة إسرائيلية هي الأضعف في تاريخ الحكومات عندهم. وهم عادة يلجأون في حالات الضعف إلى المواجهة والحرب. ربما كانت الحكومة الإسرائيلية تسعى بعد ما أصابها في حرب الصيف على لبنان للتعويض عن خسارتها في مكان آخر. ربما كانت ترى ان المخرج في شق الفلسطينيين والإيقاع بينهم.
أكتفي بهذا القدر اليوم من نقل مباشر لحديث الرئيس بشار الأسد. وهو كان استقبلني بالقول إنه لم يرني منذ سنة، وقلت: زُرْ غباً تزدَدْ حباً.
بعد سنة وجدت الرئيس مرتاحاً لعلاقاته مع السعودية ومصر، ولقوة الموقف السوري. وكان دائم الابتسام، وضحك غير مرة ونحن نتبادل بعض القصص.
وأكمل غداً بالشأن اللبناني.