تتداول الأخبار عن التمديد لبعثة المراقبين في سوريا لشهر آخر، في وقت رفضت فيه دمشق من خلال خارجيتها التصعيد القطري الذي اقترح إرسال قوات عربية إلى سوريا، وعدته تدخلاً في الشؤون الداخلية، في ظل تأكيد روسي صيني إيراني على عدم التدخل العسكري في سوريا.

وكانت روسيا وزعت مشروع قرار جديد بشأن سوريا، وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "روسيا تقف ضد تطبيق عقوبات أحادية الجانب وتعتبر أن مثل هذه العقوبات تقوض سمعة ونفوذ مجلس الامن الدولي وتشكل تقويضاً وعائقاً للجهود الجماعية في ما يتعلق بسوريا أو إيران أو أي دولة أخرى".

قال لافروف "بالنسبة لنا فإن الخط الأحمر واضح وإننا لن نؤيد أي عقوبات أو نشر قوات في سوريا"، مؤكداً أن "روسيا ستعرقل ولن تسمح بأن يتخذ مجلس الأمن أي قرارات غير قانونية لا تتجاوب مع مصالح الشعوب".

وأوضح لافروف أن "مشروع القرار الروسي المطروح على المناقشة في مجلس الأمن الدولي حالياً والذي يحظى بتأييد الصين وبلدان مجموعة "بريكس" الأخرى يهدف الى تحقيق اهـــداف خاصة بالتوصل الى حل سياسي بالحـــوار الوطني الداخلي ومنع تدخل الامم المتحدة في شؤون سوريا الداخلية".

وقــــال وزير الخارجية الروسي إن "روسيا والصين تواصلان الإصرار على ان يتضــــمن القرار أحكاما بعدم تدخل الامم المتحـــدة في الشؤون الداخلية السورية وعـــلى عدم جواز تأويل هذه الوثيقة كذريعة لاستخدام القوة ضدها".

وجدد لافروف انتقاد بلاده ورفضها "لعمليات تهريب الاسلحة الى سوريا لدعم المسلحين ومحاولات اختلاق أزمة انسانية فيها"، واصفا هذه الإجراءات بأنها "مرفوضة وغير مثمرة".

بدورها مصادر في مجلس الأمن اعتبرت مشروع القرار الروسي الجديد محاولة لقطع الطريق على تحرك ربما يعيد الأزمة للمربع الأول، ونقلت فضائية فرنسية عن دبلوماسي غربي نقده للنص الروسي، ووصفه بأنه" النص الجديد يجمع التعديلات المقترحة من قبل اعضاء المجلس من دون احراز تقدم في الجوهر"، وتساءل الدبلوماسية "هل لدينا الآن قاعدة عمل واضحة" لمفاوضات محتملة "في حال أظهر الروس حسن نية بدلاً من محاولة كسب الوقت"، مبينا أنه سيتم النظر في النص الجديد، الذي على الارجح لا يغير في جوهر الموقف الروسي" يوم الثلاثاء على مستوى الخبراء.

بدوره اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمنبارست أن الاتهامات الفرنسية حول تزويد سوريا بالأسلحة لا تستند إلى دليل ولا أساس لها . وأضاف "من الأفضل أن يتجنبوا مثل هذه التصريحات" .

ودان مهمنبارست التدخل الخارجي في شؤون سوريا، وقال "نحن نعارض قطعياً التدخل في شؤون دول أخرى . نعتقد أنه لا يحل المشكلات بل يزيدها تعقيداً" . وأضاف "الإصلاحات الجيدة التي أعلنها مسؤولون سوريون تدفع المناخ العام نحو الحوار وحل المشكلات وإن كانت بعض الدول لا يعجبها هذا".

في الغضون ومع انتهاء مهمة بعثة المراقبين العرب إلى سوريا غداً، أعلن المكتب الإعلامي لبعثة المراقبين العرب أنه تم تأكيد الاجتماع الوزاري العربي الخاص بسوريا يوم السبت القادم في القاهرة، وسيقدم رئيس البعثة خلال الاجتماع تقريره الكامل عن الأوضاع ومدى التزام سوريا بالبروتوكول.

إلا ان أحمد بن حلي نائب أمين الجامعة العربية أوضح أن "بعثة المراقبين هي عبارة عن قناة من الآليات التي من المفروض أن تنفذها الحكومة السورية في إطار خطة العمل العربية، لأن من المفترض أن يكون هناك مؤتمر للمعارضة للتوافق على مرئياتها، يليه مباشرة مؤتمر بين المعارضة والحكومة السورية للاتفاق على عناصر المرحلة الانتقالية وبالذات ما يتعلق بتنفيذ الاستجابة لطموحات الشعب السوري في الإصلاح والتغيير، لذلك نقول إن بعثة المراقبين هي آلية ضمن آليات أخرى لا بد من أن نتبعها".

وقال "إننا في هذه المرحلة يجب أن نعرف هل اللجنة قادرة على مواصلة عملها أم لا بد من الاستعانة بخبرة الأمم المتحدة"، موضحا في هذا الإطار أنه "ربما يصلنا بعض الخبراء إلى الامانة العامة قريبا للاستماع إليهم في ما يمكن أن يقدموه من خبرة وتجربة من ناحية كتابة التقارير".

وفي السياق، أعلنت المتحدثة باسم الأمم المتحدة فانينا مايستراكي أن المنظمة الدولية ستباشر خلال أيام تدريب مراقبين عرب بناء على طلب الجامعة العربية لإرسالهم لاحقاً إلى سوريا ، موضحة أن هذا القرار يأتي استجابة لطلب رسمي تقدمت به الجامعة على أن يبدأ التدريب في القاهرة بعد الاجتماع العربي الوزاري، لمناقشة تطورات الوضع في سوريا .

وفي سياق متصل، نقل سفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، عتب بلاده على الأجواء "التي شهدتها العاصمة اللبنانية أخيراً"، في إشارة إلى مواقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو، خلال وجودهما في لبنان، وقال علي إنه بحث وميقاتي هذه الأجواء "بعتب حيناً وبنقاش مستفيض أحياناً"، وإنه جرى التركيز على ضرورة تطبيق الاتفاقات بين سوريا ولبنان "لجهة ضبط الحدود، ووقف تسريب المسلحين واحتضان كل معاني التطرف والهجوم على سوريا من خلال هذه الدولة الشقيقة". وأوضح رداً على سؤال، أن العتب هو "على دور يجب أن يكون أكثر حزماً لجهة ضبط الحدود، وعدم السماح لجهات دولية باستغلال لبنان، تحت أي تسميات، لتزوير الحقائق وقلبها". وذكر أن رئيس الحكومة كان "جاداً بتجاوبه، لجهة الحزم في منع كل معاني النيل من سوريا عبر تسريب السلاح والمسلحين، والسماح لجهات خارجية بأن تتسلل إلى سوريا عبر لبنان".

بدوره جدد نائب وزيرة الخارجية الأميركية ويليام بيرنز في حديث له مع صحيفة "كومرسانت" في موسكو إلى سعي واشنطن لإصدار قرار من مجلس الأمن يسمح بإدانة النظام السوري، ويزيد من الضغط عليه، واعتبر بيرنز أن "السلطات السورية لم تنفذ مطالب جامعة الدول العربية بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وإخراج الجيش من المدن وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي وتمكين المراقبين العرب من تحقيق مهمتهم على أكمل وجه"، أضاف "نأمل في بدء العمل بصورة مشتركة مع جامعة الــــدول العــــربية لإعداد خطوات لاحقة، ونريد العمل كذلك مع روسيا، وبالأخــــص في مجلس الأمن التابــع للأمم المتحدة".

وقررت دول الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على 22 فردا في الأجهزة الأمنية وثماني منظمات او مؤسسات اضافية بسبب تواصل اعمال القمع في سوريا، حسب ما افادت مصادر دبلوماسية. واتخذ القرار على مستوى دبلوماسيين يمثلون دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل على ان يصادق عليه رسميا الاثنين المقبل خلال اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسل.

وفي الوقت الذي ينتظر أن تقدم البعثة تقريرها اليوم، أكد فؤاد عليكو عضو المكتب السياسي للحزب الكردي المعارض في سوريا يكيتي، أن "أحزاب (المجلس الوطني الكردي) علقت عضويتها في (هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي) وفي (المجلس الوطني السوري)، و(إعلان دمشق للتغيير الديموقراطي)، على خلفية عدم التوصل حتى الآن إلى تفاهم مع الكتل المعارضة الثلاث بشأن الحصول على اعتراف دستوري بوجود الشعب الكردي كقومية أصيلة في البلاد وإيجاد حل ديموقراطي للقضية الكردية في سورية على قاعدة حق تقرير المصير بإطار سورية الموحدة".

أضاف" أن العفو الرئاسي الأخير الذي أصدره الرئيس بشار الأسد شمل بعض الكوادر الكردية المعتقلين، ولكن لم يُفرَج عنهم إلى الآن، وهو متوقع قريباً بحسب ما أبلغنا به المحامون".