تسحب اسرائيل قواتها من قطاع غزة بعد 38 سنة من الاحتلال المباشر، في ما يشكل حدثا تاريخيا، بعد ان قررت ان لا تهدم بنفسها المعابد اليهودية المتبقية في المستوطنات المهدمة• ووافقت الحكومة الاسرائيلية برئاسة ارييل شارون امس بأغلبية الاصوات على عدم قيام اسرائيل بازالة المعابد والذي كان سيؤخر سحب القوات 24 ساعة• وصادق مجلس الوزراء بالإجماع على إلغاء ما سماه ’’الحكم العسكري’’ في قطاع غزة بعد احتلال دام ثمانيا وثلاثين سنة، كما اقر المجلس بالإجماع انسحاب قوات الاحتلال من الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر والمعروف بمحور فيلادلفي حيث بدأت بنتشر 750 عنصرا مصريا من ’’حرس الحدود’’ بمحاذاة الشريط الحدودي الممتد لنحو 14 كلم•

فقد تراجع رئيس وغالبية وزراء الحكومة الاسرائيلية عن قرار هدم الكنس اليهودية التي خلفها المستوطنون في قطاع غزة، خاضعين بذلك للضغوطات التي مارسها الحاخامات اليهود، والتخويف من انعكاس هدم الكنس على مصير كنس يهودية اخرى في العالم، كما ادعى الوزير سيلفان شالوم، والخوف من دفع الثمن السياسي في الانتخابات المقبلة، غير آبهين بالاهانة التي ألحقوها بالمحكمة العليا الاسرائيلية التي قررت، الاسبوع الماضي، وبناء على موقف الحكومة، ووزير الامن بشكل خاص، رفض التماس قدمته جهات دينية ويمينية واستيطانية طالبت بمنع هدم الكنس•

وكان موفاز قد غير رأيه واعلن بعد ساعات من صدور قرار المحكمة العليا معارضته لهدم الكنس، ممهدا الطريق امام العديد من وزراء حزبه ’’الليكود’’ للتسابق في اعلان رفضهم لهدم الكنس ومغازلة اعضاء مركز حزبهم الذين هددوا بمعاقبتهم في الانتخابات الداخلية ان دعموا القرار•

وكان الحاخام عوباديا يوسيف، الزعيم الروحي لحركة شاس اليمينية المتشددة قد اجرى، سلسلة من المحادثات مع اعضاء في مركز ’’الليكود’’ والوزراء والرئيس الاسرائيلي، تباكى خلالها على مصير الكنس اليهودية، وتمكن بذلك من لوي ذراع المحكمة العليا التي يحاربها منذ سنوات، ومن ثم ذراع شارون، الذي تراجع هو ايضا عن موقفه السابق، ايضا مراضاة لمركز حزبه الذي ينقم عليه بسبب تنفيذ خطة فك الرتباط ويهدد باسقاطه في الانتخابات الداخلية المقبلة•

وقررت الحكومة الابقاء على الكنس بغالبية 14 صوتا بينما ايد القرار وزيران فقط، وامتنعت عن التصويت وزيرة واحدة هي دالية ايتسيك• وانضم شارون امس الى المعارضين لهدم الكنس معلنا في افتتاح جلسة الحكومة انه يعتقد بضرورة الابقاء عليها• وكما فعل خلال جلسة سابقة، استغل شارون هذه المسألة لمواصلة التحريض على الفلسطينيين ونزع الصفة الانسانية عنهم متهما اياهم اليوم، كما في تصريح سابق، بتدنيس الكنس والمقدسات اليهودية وعدم احترامها• وزعم انهم سيحولونها الى مراحيض عامة وزرائب وغير ذلك من اوصاف يتوق الاسرائيليون الى رؤيتها تتحقق في غزة، لاستغلالها على الحلبة الدولية في مساعيهم الى تبرير عدوانهم على الفلسطينيين ونزع الصفة الانسانية عنهم، بل ونعتهم بالبرابرة والمتوحشين، كما فعل وزير الخارجية سيلفان شالوم يوم السبت•

ورغم ان قرار شارون تأييد الابقاء على الكنس يساهم ايضا في اهانة قضاة المحكمة العليا االاسرائيلية الذين تبنوا قرار الحكومة السابق ودافعوا عنه حين رفضوا التماسا يطالب بهدم الكنس، الا ان شارون انتقد الهجوم الذي شنته اوساط دينية ويمينية متطرفة على قضاة المحكمة العليا وقال انها تصريحات تستحق الشجب•

ولم يتمكن المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلي ميني مزوز من الصمت ازاء الاهانة التي الحقها الوزراء بالمحكمة العليا، وقال ’’ان النقاش الجاري اليوم يعتبر عملية محرجة سنجني ثمنها’’• وأضاف: ’’كل محاولة للقول ان الامور تغيرت عما كانت عليه قبل اسبوعين فهذا يعني سحب الثقة من الجهاز القضائي’’•
وهاجم مزوز الوزراء والمسؤولين الامنيين الذين غيروا رأيهم، واقتبس على مسامعهم التصريحات التي ادلوا بها بهذا الشأن خلال الجلسة التي عقدتها الحكومة قبل اسبوعين• ومنها ما كان قد زعمه موفاز في حينه من ان ’’حماس’’ ستقود موجة تسوماني بعد يوم واحد (من الانسحاب) ولن تبقي على اي كنيس’’• كما اقتبس تصريحات الوزير بنيامين بن اليعزر الذي قال ان ’’ما سيحدث سيكون اخطر مما حدث في قبر يوسيف• افضل كيهودي ان لا يشاهد اولادي هذه الصور’’•

وكان الوزير اوفير بينس والوزير حاييم رامون هما الوحيدان المعارضان للقرار الذي اتخذته الحكومة بينما عادت دالية ايتسيك وامتنعت عن التصويت خلافا لما اعلنته سابقا من انها ستعارض هدم الكنس• وهاجم بينس وزير الامن شاؤول موفاز وسأله: ما دمت ستغير موقفك فلماذا لم تفعل ذلك قبل يوم واحد من صدور قرار المحكمة العليا وليس بعد صدور القرار مباشرة• موقفك هذا يمس بمكانة المحكمة العليا•

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)