في اجتماع للجبهة "الوطنية التقدمية" عام 1979 مع الكتاب والمثقفين السوريين، وذلك بعد أن تأزم الداخل السوري سنتذاك، قال الشاعر الراحل ممدوح عدوان في معرض حديثه عن الإعلام السوري: "إنه إعلام يكذب حتى في النشرة الجوية وحالة الطقس"، وتابع قائلاً بمرارة: "أنا أعمل في هذا الإعلام وأخجل من نفسي لأني أعمل فيه .. أخجل من كثرة كذبه!". منذ أن قال ممدوح شهادته تلك والإعلام السوري الى مزيد من التدهور والانحطاط غير مبال بشهادة أهل بيته فيه. ولعل الكثير من الصحافيين السوريين المتمردين (يأتي حكم البابا في طليعتهم) واكبوا من خلال كتاباتهم المتهكمة مناحي التدهور الإعلامي في سوريا "الحديثة" وسوريا "التطوير والتحديث". وعلى الرغم من أنه ليس من السهل على أي باحث أن يتابع "هفوات" و"ثغرات" الإعلام في سوريا إلا أن تلك الثلة من الكتاب والصحافيين السوريين أبدت من صنوف الصبر والجلد وهي تتابع خطايا (إعلام غصباً عنك) ما يستحق تقدير واحترام المنصفين منا، وابتدعت له من الصفات والأسماء ما يليق به حقاً ! كإعلام العصر الحجري واللغة الخشبية وما شابه ذلك... وفعلاً لو لم يكن إعلاماً أصمّ من الحجر لكان حاول تغيير جلده ! "لكن لا حياة لمن تنادي".

وإذ أكتب عنه الآن فليس غرضي تصيد عيوبه في عهد البعث بشكل عام وفي عهد التصحيح وما تلاه من عهد بشكل خاص، مع يقيني أن هذه العيوب من حيث العدد، كنعم الله، لا تعد ولا تحصى. وليس غرضي التشفي، لا سمح الله، إنما أرمي الى إبراز دور الإعلام في ما آل إليه الحال السوري، وأشياء أُخر تأتي في السياق.

من الصعب على أحدنا أن يتناول الإعلام السوري من غير النظر إليه على أساس أنه إعلام تسلطي يستمد مشروعيته من نظرية السلطة (إحدى النظريات الإعلامية التي قام بوضعها سيبرت وشرام وبيترسون عام 1956) وهي نظرية ترى أنه في إطار النظام السلطوي تستخدم الصحافة كأداة في يد الدولة وينحصر دورها في الدعاية والتوجيه ودعم السلطة الحاكمة في ظل علاقة تدور في إطار الولاء للحاكم. ويمكننا أن نستنتج من وحي هذه النظرية أن الإعلام هنا لا يملك شيئاً من مقومات الإصلاح الذاتي إلا بقدر ما تملك السلطة من مقومات هذا الإصلاح. وبافتراض أن الديموقراطية هي أحد أهم حوامل الإصلاح، فإن إصلاح حال السلطة (وبالتالي إعلامها) ضرب من المحال! ذلك ببساطة أن الديموقراطية هي الضد الطبيعي للاستبداد وبالتالي هي ضد طبيعي لأي نظام سلطوي كنظام البعث السوري وسلطته التي قامت وتجبرت بالاستبداد. بهذا المعنى من الجنون الاعتقاد أن السلطة في سوريا في وارد الإقدام على الانتحار من خلال أي إصلاح، ولو كان ذلك الانتحار يتمثل جزئياً في توسيع هامش الحرية الإعلامية. وما رأيناه (سابقاً ولاحقاً) من وَهم الانفتاح وحقيقة الانغلاق ليس إلا تعليمات صادرة من قبل صناع القرار لاعتبارات تتعلق بأحوال كل مرحلة. وهذا الأمر عادة ما يتكرس ويصبح منهجاً في ظل وجود دولة تعليمات ونظام مياومة كبديل ما ورائي عن دولة القانون والمؤسسات. فدولة التعليمات تصبح هنا بديلا (مخفياً لكنه عملي) عن دولة القانون، وتستمد شرعيتها من الاستبداد وحكم الفرد الذي يصبح بدوره غاية بذاته ولذاته! وبالتالي تصير غاية الإعلام إضفاء صفات الألوهية على هذا الفرد..

من جهة أخرى يصبح نظام المياومة بديلاً عن النظام الذي يختاره الشعب في ضوء دستور متفق عليه لا ملفق كما هو راهن الدستور السوري.. وكي أزيل أي التباس قد ينشأ حول هذه النقطة يجب الأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر القائلة أن النظام القائم في دمشق منذ عام 1970 هو وليد مصالح قوى إقليمية ودولية رعته وتبنته(وثمة أكثر من واقعة تثبت صحة وجهة النظر هذه). انطلاقاً من هنا ربما صار بالإمكان فهم مرادنا بـ"المياومة"، فمثل هكذا أنظمة تعمل ليومها ولشخصها، لا لغدها ولا لشعبها، ما يعني مضاعفتها لجهودها إرضاء لمنشئيها بغية بقائها أطول فترة ممكنة في السلطة. ومن اللافت أن أنظمة المياومة قد ترحل عن وجه البسيطة بين ليلة وضحاها، بافتراض أن مصالح الدول التي أنتجت هكذا أنظمة تختلف وتتضارب من حين لآخر، وقد تدهس تحت عجلات مصالحها المتباينة أنظمة المياومة هذه.

في ظل هكذا أنظمة تجمع صفتي المياومة والتعليمات ينتج خطاب إعلامي أسوأ من خطاب الإعلام السلطوي الذي تحدث عنه سيبرت وشرام وبيترسون في نظرية إعلام السلطة المنوّه عنها آنفاً.. إذ يكون إعلاماً يجمع "مجد" الفجاجة (لم أجد تعبيراً أخف وطأة وأكثر دقة لوصف حال إعلامنا إلا هذه الكلمة، فالمعذرة) والغباء من طرفيه. وفي حالة كهذه يمكننا أن ندرك، مثلاً، كيف يتحدث الخطاب السياسي عن محاربة الفساد قبالة ذلك يقول لنا بعض الزملاء من العاملين في الصحافة السورية الرسمية: أتتنا تعليمات أن لا نثير قضية الفساد الآن (انتبه الى كلمة تعليمات)، أو أتتنا تعليمات أن لا نتوجه بنقد لأي مسؤول كان(مهما كان صغيراً) الخ...أو كيف يتشدقون بالانفتاح إعلاميا وعلى أرض الواقع يزجون بالنشطاء في المعتقلات ويغلقون المنتديات، أو كيف يتذكر الإعلام فجأة أن لسوريا مفقودين في لبنان ويتناسى في الوقت ذاته معتقلي سوريا في ليبيا وغوانتامو كما تناسى من قبل معتقلين سوريين في العراق. وتحضرني هنا حادثة، ربما كان فيها من الطرافة أكثر مما فيها من بلادة إعلامية، ذلك عندما حاول بضعة مثقفين وناشطين سوريين الاعتصام أمام مجلس الوزراء بمناسبة يوم حقوق الإنسان الموافق 10/12/2004، كتبت الصحف السورية خبراً عنهم (بافتراض أنها تبغي مواكبة العصر من خلال ملاحقة الخبر) مفاده أن بضعة مواطنين حاولوا الاعتصام في ساحة(كذا) لكن الشرطة (لا أجهزة الأمن) فرقتهم لأنهم أعاقوا حركة السير.. هكذا تناقل الإعلام السوري خبر الاعتصام، متغافلاً أن ساحات دمشق، كانت تتسع قبل أشهر قليلة من هذا الحدث لمظاهرة المليون اللبنانية السورية، تأييداً لمواقف سوريا وتأكيداً لوحدة المسار والمصير وما تبقى من شعارات بعثية، من غير أن تعيق هي أو سواها من مسيرات الولاء التي تحشدها أجهزة المخابرات والحزب أي حركة سير ؟!... ترى هل أصبحت شوارع دمشق التي احتكرها التصحيح والتحديث خمسة وثلاثون عاما تضيق ببضعة مواطنين بذريعة أنهم يعرقلون حركة السير؟ ألهذه الدرجة يستخفون بعقل الشعب السوري ؟ ومتى يكون الاستخفاف؟ عندما يحاولون التذاكي ! لقد سبق أن قال عبد الغني العريسي في جريدة "المفيد" عام 1909,. "إن تقييد الصحافة إهانة للبشرية.." أين الكذب الذي يهيننا به إعلامنا من التقييد الذي تطرق إليه شهيد الحرية وفقيد عصر النهضة؟ (مع الآسف لا أحتفظ بالعدد الذي ذكر خبر عرقلة المعتصمين للسير عسى الصديق حكم البابا يكون محتفظاً به).

ولأن غاية الإعلام في ظل هكذا نظام (تعليمات ـ مياومة) هي الفرد، لن يجد الإعلام حرجاً آنئذ من الكذب الصريح والمباشر، وفي مواقع ومناسبات يكون فيها أكثر ألماً على نفس المتلقي من وقع الحسام المهند. راجع مثلاً حوار جريدة "تشرين" بتاريخ 28/2/2005 مع الشهيد هايل أبو زيد بعد أن تحرر من سجون الاحتلال الإسرائيلي، كيف قوّله الإعلام مالم يقله، وكيف تنطع الصحافي لشكر الرئيس بشار الأسد والثناء عليه وعلى نهجه على لسان الأسير المحرر آنذاك من غير أن يكون شهيدنا قد تطرق الى هذا الجانب(اجتهاد شخصي من الصحافي ليقدم لنا أنموذجاً عن كيفية العبودية الإعلامية للفرد بطريقة تلقائية وعفوية)، وكيف حذف أشياء حارة تتضمن من لون الصدق وعاطفة الوطن ما يذكرنا أن ثمة وطناً يستحق منا التضحية والفداء، وان وطناً آخر لنا يشبه رائحة الفردوس غير "فردوس" السلطة الموعود يستحق منا بذل الغالي والنفيس، وإن سوريا ليست فقط رامي وفراس ومجد وجهاد (رجال الأعمال "الناجحين" حكماً؟!)، وإن ثمة أناساً يقدمون أغلى ما وهبهم الله كرمى لجولان ضاع في سبيل الاستئثار بالسلطة ومزاياها. إن من يعود الى قراءة ما كتبه الكاتب المرموق ياسين الحاج صالح في نشرة "الرأي" الإلكترونية بتاريخ 2/3/2005 حول فضيحة "تشرين" وحوارها المزعوم مع الشهيد "أبو زيد" يشعر بالخجل أن إعلاماً كهذا يمثل ـ شئنا أم أبينا ـ سوريا بملايينها وشهدائها وأدبائها وكتابها ومفكريها تماماً كما يمثلهم نظامها مع الآسف.

من نافل القول أن النظام السوري يعيش أزمة حقيقية جرّها على نفسه منذ مقامرته بالتمديد للرئيس لحود، وكان من الطبيعي أن يعكس الإعلام السوري هذه الأزمة، ما يعني أن تضاعفت نسبة اللاعقلانية لديه. هذا ما لمسناه في استنكار كل من د. مهدي دخل الله ود. صابر فلحوط لموقف فرنسا السلبي من فضائية "المنار"، في حين لم نسمع لهما صوتا حول إغلاق "الدومري"، مثلاً، أو "المبكي" لاحقاً وغيرها من صحف أغلقت في سوريا بعد صدور عدد واحد منها في عهد السيد دخل الله! ناهيك عن أن دمشق أقرب الى السيدين د. دخل الله ود. فلحوط جغرافيا وسياسيا وتاريخيا وثقافيا من باريس، (وأنا أدون هذه السطور قرأت خبراً مفاده عدم الموافقة على سبعة عشر طلب ترخيص لمطبوعات غير سياسية، قبالة موافقة الوزارة المهدية على ترخيص بضعة صحف إعلانية). أتت تلك التصريحات في زمن لم تكن الأزمة داخل سوريا متفاقمة بالشكل الذي آلت إليه اليوم، وهذا التفاقم في الأزمة جسدته تصريحات د. دخل الله حول الكتاب السوريين الذين يكتبون في الصحف اللبنانية "الصفراء" حسب زعمه، وصولا لعدم استبعاده أن يكتبوا في صحف إسرائيلية (؟!) مادفع بالكاتب ميشيل كيلو أن يسميه وزير الكذب في إحدى مقالاته. ربما لا نكون قد جافينا الحقيقة إن قلنا أن هذا الرأي ـ رأي دخل الله ـ في المثقفين لم يخطر في مخيلة نظام الحزب الواحد وأركانه بمن فيهم الحرس البائد (على الرغم من العقم الذي تتمتع به تلك المخيلة)، ما يعني أن أزمة خطاب الإعلام هنا فاقت أزمة خطاب السلطة!

لا بل أن هذا الإعلام كان قد عبّرعن أزمته في طريقة تعاطيه مع الشأن اللبناني منذ بدء العمل بهدي مقولة "شعب واحد في بلدين"، و"وحدة المسار والمصير" وتصديرها إعلامياً بغض النظر عن مدى تطابقها مع الواقع وإمكاناته وحقائقه. ثم مِنْ قرّاء هذا الإعلام لا يتذكر تبجحه بأفضال سوريا على لبنان سواء من خلال كتّابه أو مأجوريه في كلا البلدين!؟ شخصياً بت أكره فضيلة المعروف لكثرة ما أهينت حرمته في وسائل إعلامنا، شأنه شأن الكثير من مفردات اللغة العربية التي تعهرت في ظله.. واستفحلت هذه الأزمة الى درجة باتت معها مرضا عضالاً في المرحلة التي أعقبت استشهاد الرئيس الحريري، وصولاً الى الحرب الإعلامية غير المتكافئة بين بعض الإعلام اللبناني المحتقن وجلّ الإعلام الرسمي السوري (الذي تناسى الشعارات التي كان يرفعها حتى عهد قريب) وتوابعه من بعض الصحف الخاصة أو ما يطيب لي تسميتها بصحف "القطط المدللة".

الإعلام والمثقف في عهد البعث (نماذج)

إن من يقرأ كتابات الصحافي الراحل عدنان الملوحي عن الصحافة السورية في عقدي الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، سيصعق عندما يدرك أن البعث الذي جُلدت في ظله عبقرية القرن العشرين الشعرية ـ بدوي الجبل أعني ـ وبالكاد ذكر خبر وفاته إعلامياً منذ قرابة ربع قرن من الزمن، هو ذاته الشاعر الذي يحتفي به الإعلام بمقالات بين الحين والآخر! تماماً كما منعوا ممدوح عدوان من دخول مقرّ عمله في جريدة "الثورة" ثماني سنوات فقط(؟!)، والقاصي والداني يدرك كيف احتفى هذا الإعلام به قبيل وبعيد وفاته، لماذا؟ المسألة ببساطة لأنه إعلام كسلطته، ليس بوسعه النظر الى المثقف أكثر من كونه سلعة لها عوائد سياسية وإعلامية يصب ريعها في خدمة النظام.

تحصيل حاصل أن الإعلام في ظل دولة التعليمات ونظام المياومة يكون شريكاً في الأخطاء وصانعاً رئيساً لها، وهي أخطاء تطال عقابيلها المجتمع كلاً وجمعاً. فحسب وصف عبد الغني العريسي "ما من أمة قيدت صحافتها، وحجزت حريتها، إلا وفسدت أخلاقها، وتزعزعت أركانها، وأصبحت لا ترى إلا مساكنها"، ولأدلل على كلامي هذا سأروي هذه الحادثة المتضمنة على أكثر من دلالة: في 7/1 العام الجاري اجتمع السناتور الأميركي جون كيري بنخبة من المثقفين السوريين، كان من ضمنهم د. صادق جلال العظم، ود. محمد شحرور، ود. عبد الله الدردري وآخرون. تطرق المجتمعون الى العلاقات السورية/اللبنانية في ضوء التمديد للرئيس لحود، فكانت رؤية أحد مثقفي السلطة (هو الآن مسؤول في النظام) في ما يخص هذه العلاقات من الزاوية التي كان يقررها النظام ويتاجر بها الإعلام السوري، فقاطعه د. العظم وقال رأياً لاقى، مع الآسف كما هو متوقع، صدى سلبياً في الدوائر العليا من خلف الكواليس وهناك من حاول تشويه سمعته والتشكيك بوطنيته كاتهامه بالتحامل مع أميركا على وطنه. وعندما تتطوع أحد الصحافيين (المقربين من النظام) بكتابة مادة صغيرة يدافع بها عن د. العظم، أتته التعليمات بعدم النشر، وها أنا أنقل حرفياً ماكان مقرراً نشره في "تشرين" من وجهة نظر د. العظم نظراً لأهميته ودلالته مع اعتذاري المسبق منه لعدم استئذانه، قال: "في معرض نقاشنا حول العلاقات السورية ـ اللبنانية، وبعد مداخلة أحد المثقفين التي ترى أن العلاقات سمن على عسل، عقبت بقولي: شعوري كمواطن وكمفكر متابع الآن، هو أن مصدر الخطر المباشر علينا يأتي من الأزمة الناشبة في لبنان نتيجة قرار مجلس الأمن رقم 1559 والضغوط الأميركية المرافقة له، ولا يجوز استسهال المسألة على النحو المطروح حرصاً على أنفسنا وعلى جارنا لبنان وعلى العلاقات مع الولايات المتحدة. كما عبّرت عن قناعتي بأنه لابد أن القضية كلها ستناقش على هذا المستوى من الجدية عند اجتماع السناتور كيري بالرئيس الأسد في اليوم التالي. كذلك عبّرت عن اعتقادي أنه إذا قامت حكومتنا على الفور بإعلان فتح مفاوضات مع الرئيس إميل لحود والحكومة اللبنانية الحالية (كانت حكومة الرئيس عمر كرامي يومئذ) بغرض التوصل الى استكمال تطبيق اتفاق الطائف وإعادة انتشار جيشنا في البقاع على امتداد سنة أو سنة ونصف، مثلا، حفاظا على الاستقرار والأمن في لبنان، فإن 75 في المئة من الأزمة الراهنة سيفش كما أن معظم الاحتقان الحالي المرافق سيتبدد". هذا هو رأي صادق العظم الذي لم تنشره جريدة "تشرين" (هل ينبغي القول في هذا المقام الغرّاء؟)، نزولاً عند تعليمات ما، والله أعلم . ليس بوسعنا القول سوى: شتان بين الزمن العبثي الذي يتعامل فيه الإعلام السوري بهذا المستوى المخجل مع مثقف من وزن صادق جلال العظم وبين الزمن الذي جاء فيه أحد رؤساء وزراء سوريا الى عند محمد كرد علي كي يتشفع ويتوسط لديه لشخص عسى يقبله في المجمع العلمي العربي الذي كان يرأسه، فما كان من كرد علي إلا أن وقف غاضباً وخاطب رئيس الوزارة: "يا جاهل! ألمثلي يقال: إن فلاناً عالم، وفلاناً جاهل، وأنت رجل أميّ، أظننت أن رئاسة الوزارة ترفعك الى مصاف العلماء والعارفين..."، ثم التفت كرد علي للحضور قائلاً لهم: "الله الله، تباً لزمان صار فيه الجهّال يتطاولون على أهل العلم والفضل". ونحن بدورنا نقول: الله الله، تباً لزمن أصبح فيه فقهاء القمع من رجالات الأمن هم من يفصّل لنا إعلامنا وثقافتنا وهم من يقرر مصير سوريا.. حمى الله سوريا من وفرة جهلهم وكثرة طيشهم ومن شرّ مخبوءات الأيام، آمين.

ملاحظة للنشر: أول مرة سمعت بمصطلح "دولة التعليمات ونظام المياومة" كانت من فم مفكر سوري مرموق، لكني أحجمت عن ذكر اسمه والاستشهاد به نظراً لضرورات المرحلة، فالمعذرة منه ومن القارئ الكريم.

مصادر
المستقبل (لبنان)