رغم الحزن والألم الذي انتاب شعوب العالم من النكبة التي حلت بالشعب الأمريكي بسبب الإعصار الأخير (كاترينا) الذي اجتاح كل شيء وقضى على مئلت المواطنين وأغرق مدينة بأكملها، إلا أن الحدث بحد ذاته رغم الدمار الذي خلفه، فقد جاء ليؤكد مرة أخرى الفشل الأمريكي الذريع في إدارة الأزمات ويبرهن على أن تضخيم الإعلام الأمريكي لـ(بلد الأحلام) ما هو إلا إعلام (متورّم) إلى درجة (السرطنة) التي بدأت تظهر علائمها منذ أحداث الحادي عشر من أيلول حين استطاع مجموعة من المخربين ،حسب الرواية الأمريكية اختراق النظام الأمني الأمريكي الذي كان ومازال يصوره الإعلام عملاقاً خارق القوة، والمتتبع لهذين الحدثين يدرك بسرعة أن لا نظام أمني محكم ولا إدارة أزمات متمكنة وأن (أرض الأحلام) ما هي إلا وهم بناه الإعلام الأمريكي وخدع الأمريكيين به قبل أن يخدع العالم، ويضاف إلى الفشلين السابقين فشل القوات الأمريكية في العراق، التي وُعدت من قبل صقور البيت الأبيض بأن تستقبل بالأرز والورد، تلك القوات التي مازالت تتلقى الصفعة تلو الأخرى على عكس ما أشيع عن حفاوة الاستقبال والترحيب بها من قبل الشعب العراقي.

إن الصفعات التي تتلقاها القوات المحتلة في العراق، والتي عجزت عن إيقافها رغم كل المحاولات الوحشية الفاشلة التي قامت بها (سواء بقصف المدن أو البيوت أو اتباع أسلوب الأرض المحروقة) تلك الصفعات لم يجد الصقور ما يبرر فشلهم بإيقافها سوى توجيه الاتهامات لسوريا، فكلما تصاعدت حدة المقاومة العراقية وفشل الاحتلال بإخمادها، كلما تصاعدت التهديدات، وبات واضحاً أن هذه الاتهامات توجه لسوريا بهدف بثها في الإعلام الأمريكي، لإيجاد تبرير للفشل موجه للشعب في أمريكا، الذي يرى في الحرب على العراق عدواناً وليس تحريراً، بعد سقوط حجج أسلحة الدمار الشامل (من تقارير فرق التفتيش، وصولاً لاعترافات وزير الخارجية الأسبق باول) وعندما تتم (جدولة زمنية) للاتهامات المتلاحقة (بدءاً من وزير الدفاع العراقي إلى السفير الأمريكي في العراق مروراً بكونداليسا رايس وأخيراً وليس آخراً جور بوش) فهذا يعني أن أزمة قائمة في الداخل الأمريكي، مفادها رفض الشعب للحرب التي لم تؤد إلا للخراب وموت أبنائه، وما أدل على ما نقول سوى استطلاع الرأي الذي سبق حملة الاتهامات الجديدة على سوريا، والذي أشار إلى أن (شعبية الرئيس بوش وصلت إلى الحضيض بسبب فشله في العراق وطريقة تعامله مع إعصار كاترينا) وكانت نتائج الاستطلاع من أهم المبررات الأمريكية لتصعيد التهديدات ضد سوريا، وبالتالي تصدير الفشل إلى خارج الحدود العراقية، بإظهاره تفشيلاً خارجاً عن إرادة الصقور (فيما يتعلق بموضوع العراق).

بقي أن نقول إن رفض الولايات المتحدة مرافقة الوفود الغربية التي شاهدت عن كثب إجراءات سوريا الحدودية قبل أشهر، والتهرب من انعقاد اللجنة الحدودية (السورية – العراقية – الأمريكية) من قبل الولايات المتحدة وتجميدها، إضافة إلى عدم الموافقة على تزويد سوريا بالمعدات اللازمة لزيادة ضبط الحدود، وأخيراً الإهمال المقصود للحدود العراقية السورية من الجانب العراقي... جميع هذا يؤكد أن الاتهامات والتهديدات لسوريا الهدف منها تبرير فشل سياسة (الصقور) للمواطن الأمريكي أولاً.