عندما يكون كل العرب‚ شعبا ودولا‚ على المحك الأحمر الذي يفتح أكثر فأكثر أبواب الاحتمالات الكارثية‚ من رفع درجات الحصار‚ إلى الخنق السياسي‚ إلى التفكيك الكياني‚ إلى الحروب الأهلية‚ إلى مصادرة المستقبل‚‚‚ إلخ‚ يصبح أي لقاء تنسيقي‚ أمرا بالغ الأهمية‚ قياسا بهذه الظروف المأساوية.

سواء أكان هذا التنسيق واسعا أم محدودا‚‚ وهذا ما ينطبق بالضبط على دمشق والقاهرة‚ وعلى غيرهما من عواصم العرب‚ قديما وحديثا‚ ولا يخرج عن هذه المعادلة لقاء القمة الأخير (25/9/2005) في القاهرة بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس المصري حسني مبارك.

ما يلفت في هذا اللقاء نقطتان أساسيتان‚ في الموقف المصري‚ وفي هذه المرحلة بالذات إذ تتعرض دمشق لسلسلة ضغوط أميركية قاسية‚ أما النقطتان فهما تأكيد الرئيس حسني مبارك رفضه سياسة عزل سوريا‚ وتأكيده أن استقرار سوريا جزء من استقرار المنطقة‚ وبناء على هاتين النقطتين حذر الرئيس مبارك من أي اتهام مسبق لدمشق‚ في دور ما‚ في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري‚ ووصف مثل هذا الاتهام المسبق قبل انتهاء التحقيق بأنه خطأ جسيم.

من المنطقي جدا‚ ألا يكون كلام الرئيس المصري محصورا بأبعاد سورية ومصرية‚ بل هو ذو أبعاد دولية ـ إقليمية‚ يأتي قبل مدة وجيزة من اقتراب إنهاء لجنة التحقيق الدولية عملها‚ وبالتالي فهو موقف يقال ليسمع في القاهرة ودمشق وبيروت وباريس وواشنطن والأمم المتحدة‚ ومجلس الأمن‚ وفي العواصم العربية كلها‚ خصوصا أن دمشق تعاونت مع لجنة التحقيق‚ وأطلقت مبادرات حوارية كثيرة.

هذه الأبعاد‚ تدفع إلى التدقيق في المعنى السياسي التطبيقي لترفض مصر عزل سوريا‚ ولـ «تشديد مصر على أهمية استقرار سوريا»‚ ألا يعني ذلك دعوة مصرية إلى واشنطن بالدرجة الأولى‚ ثم باريس ولندن‚ من أجل اللجوء إلى الحوار مع سوريا بديلا من الضغط والحصار؟ ألا يعني تحذيرا من العواقب الخطيرة التي تنتج في المستقبل عن أية محاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي في سوريا؟ لا شك أن هذه المعاني موجودة‚ وهناك معان غيرها تبقى من أسرار المحادثات المصرية ـ السورية‚ لكن اللقاء الرئاسي «الأسد» و«مبارك» في هذا الظرف الدقيق‚ ستكون له تداعياته التي علينا أن ننتظرها في مستقبل قريب‚ سواء فيما يتعلق بالملف اللبناني أو بالملفين العراقي والفلسطيني.

مصادر
الوطن (قطر)