يقول الخبر:

في هدأة ليلٍ دمشقيٍّ ساكنٍ، وفي مزرعةٍ ما في غوطة دمشق على ضفاف المرحوم بردى-كانت معدّة في زمنٍ سابقٍ لتكون دكّاناً من دكاكين المحاصصة الفكرية والبشرية والسياسية لشعبٍ كان قدره لزمنٍ طويل أن يكون غنماً في قطعانٍ يقود الواحد منها مرياعٌ مأمورٌ من راعٍ كان قد انتصر وما يزال في حربٍ أسموها حرباً كونية- تداعى مجموعة من هؤلاء المراويع يرافقهم مجموعة من خرافهم و نعاجهم المخلصين لوضع النقاط على الحروف وتدارس الوضع السوري للخروج بقراراتٍ تحفظ للسوريين كرامتهم وتضعهم على الطريق السليم والصحيح في هذا العالم.

وبعد اجتماعات و خلوات شرعية وغير شرعية، وبعد الاتصال بالرعاة عفواً الأصدقاء المنتشرين في أصقاع العالم المنتصر توصل هؤلاء المؤتمرون إلى ضرورة تشكيل حزبٍ جديد.

وبحسب مبدأ(كما تراني يا جميل أراك) وانطلاقا من (ما في حدا أحسن من حدا) و (كما حنّا كما حنين) مع إسقاط كفاية المثل حتى لا تتحرّك داخل النفوس مشاعر لا يرضى عنها الراسخون في العلم وأولي الأمر منا، فقد اتفقوا على أن يكون اسمه حزب"حرّاس التوت الشامي" وهو حزب سوري 100% كما هي إذاعات الF.M التي بدأت تفقّس عندنا كدلالةٍ لدخولنا الشرعي في زمن النظام العالمي الجديد كحبّات البطاطا المرشوشة سماداً كيميائياً، أو كجسمٍ بكر حُقِن بالهرمونات حتى لم تعد تميز بين خدٍّ و أوراك أو أنفٍ وكاحل.
أسّسوا الحزب وكان لزاماً عليهم وضع المبادئ والأسس الخاصة به، وهي مبادئ على قياس شجرة التوت الشامي(ولو استطاعوا لجعلوها على قياس دودة القز أو الشرنقة المتعلقة بورقة توت).
أول هذه المبادئ هو(الإيمان)المطلق بنهائية الوطن السوري ذي ال 185000كم مربع .

والمبدأ الثاني يعرّف أعداء سوريا بأنهم الغرباء و الغرباء هم جميع جيران سوريا الذي يطمعون بها ويحيكون الدسائس لها، لذلك فهم يبعثون برعاياهم إليها للتسوق والسياحة، وهم بذلك يساهمون في غلاء أجور العقارات وأسعارها وأسعار البضائع الوطنية بسبب استهلاكهم لها.

وفي شرح هذا المبدأ يقول الحزب أن أخطر الغرباء هم اللبنانيين الذين لا يتوقفون عن التجول والتصرف بحرية في بلادنا كما لو أنها بلادهم، وبالمقابل لا يكفون عن الحديث عن محبتهم للبنان. لذلك فإن الحزب سيصفهم في "أدبياته" بال"غرباء جدّاً".
أما الدرجة الثانية في الخطورة فيقول الحزب أنهم الفلسطينيين الذين ورّطوا سوريا بحروب متكرّرة تحت حجّة استرجاع أرضهم التي هم أصلاً قد سلبوها ذات يومٍ من اليهود المساكين الذين يرى أحد أهم منظري الحزب والعائش في أمريكا الحرة أنهم لا يكنون أي عداء للشعب السوري وهم جاهزون لإقامة أفضل العلاقات معه، وبالنسبة للجولان فهو ليس مشكلة، وبزوال الحرب وانتشار ثقافة السلام والأخوة السورية اليهودية فإنه لا مشكلة إن كان بيد السوريين أو بيد اليهود إلا مزارع شبعا فهي حتما لسوريا كي لا تذهب لأخطر الغرباء أي اللبنانيين. لذلك يستثني هذا الحزب اليهود من مفهوم "الجيران" الغرباء.

أما العراقيون فهم لا يقلّون خطورةً عن الفلسطينيين، ولن ينسى أعضاء الحزب أنه عندما اجتاحت الحضارة الأمريكية أرض الهمج العراقيين بغية نشر الديمقراطية والعدالة والحضارة وإقامة تمثالٍ للحرية على شط العرب في البصرة كيف هرب هؤلاء الرعاع من بلادهم إلى دمشق مما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات وأجورها.
وكنتيجةٍ(منطقية)لخطر الجيران على أرض التوت الشامي فقد أوصى المؤتمرون بإقامة ستار حديدي يحمي أرض التوت الشامي من أعدائها الغرباء على أن يبقى في هذا السور فتحةً في منطقة عين التينة(مقابل مجدل شمس التي لا يشك أعضاء هذا الحزب بإسرائيليتها) التي ستصبح بوابة لسوريا على العالم من خلال الجيران اليهود الجيدين.
أما الأعضاء المؤسسون المُقترحون لهذا الحزب فهم الأبطال الألمعيون الذين يعيشون في مواقع القرار في واشنطن ولندن والذين ينتظرون الفرصة السانحة للدخول إلى دمشق للتبشير بفكرهم الجديد(حقّاً جديد). كذلك الصحفيون الذين شنّوا الحملة تلو الحملة على الشعب اللبناني(الناكر الجميل)، وعلى الشخصيات اللبنانية المغايرة في الرأي لرأي الجهات السياسية السورية، وعلى الفنانين والمثقفين والرياضيين السوريين الذين لم يستحوا ففعلوا ما شاءوا إما بظهورهم على شاشات التلفزة اللبنانية أوبكتابتهم في الصحف والمجلات اللبنانية أو بمشاركتهم في النشاطات اللبنانية. ولا ننسى صناديد الاقتصاد الوطني الذين سحبوا أرصدتهم وأموالهم من البنوك والشركات اللبنانية عقاباً للشعب اللبناني على شعاراتٍ كُتِبت في مكانٍ ما من هذا العالم لتتشكل في لبنان(أرض الأرز) حالة مشابهة لما يفكرون به كنموذج لسوريا أرض التوت الشامي.

وبعد عقد المؤتمر التأسيسي وضع الأعضاء التوصيات التالية:

-إصدار مجموعة بيانات تحذر المواطنين السوريين من زيارة البلدان المجاورة،عفوا بلدان الغرباء وذلك بسبب الحقد الدفين الذي يكنه هؤلاء الغرباء للشعب السوري.

-التوجه إلى الحكومة لمنع الغرباء من الدخول إلى سوريا لما في دخولهم من مخاطر كبيرة على الشعب السوري والاقتصاد الوطني.

-القيام بحملة توعية للمواطنين السوريين الذين يظنون أن هناك علاقات قربى وصداقة تربطهم بالغرباء، وإظهار الحقيقة لهم وهي أن القرابة والصداقة المدعاة هي علاقة زائفة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الروحية الحقيقية للشعب السوري الرافض لأي تدخل خارجي، على اعتبار أن هذه العلاقات هي نوع من الانتقاص للسيادة الوطنية.

-إن إحدى أكبر المؤامرات التي أحيكت على الشعب السوري النبيل هي نشر أغاني فيروز بين أبنائه، لذلك يجب على جميع أفراد هذا الشعب محاربة فيروز و الرحابنة كونهم أشاعوا كذبة كبيرة هي وحدة الحياة بين سوريا ولبنان، والغرض من ذلك هو ابتلاع سوريا وتكريسها تابعة للبنان. وإن الرحابنة عندما يصفون علاقتهم بدمشق وبيروت بقولهم(بين الحبيبين ما قلبي بمنقسم) إنما يقصدون الزعبرة والضحك على ذقون السوريين تمهيدا لالتهام أموالهم وخصوصيتهم الوطنية. لذا يجب منع أية محطة إذاعة او تلفزة سورية من بث أية أغنية أو مسرحية لفيروز و الرحابنة جميعا، ويجب على الجهات الوطنية الغيورة على مصلحة الشعب أن تقوم بمصادرة كاسيتات وسيديات واسطوانات فيروز و الرحابنة. والأمر ذاته ينطبق على وديع الصافي وتوفيق الباشا وزكي ناصيف وعموم المطربين اللبنانيين. كما أن الشيء ذاته ينسحب على مؤلفات جبران وميخائيل نعيمة وشبلي شميل وأنطون سعادة وبطرس البستاني وغيرهم وغيرهم. أضف إلى ذلك رفع دعوى على كاظم الساهر بسبب كل أغنية له أخذ كلماتها من شاعر التوت الشامي نزار قباني،ذات الأمر ينطبق على ماجدة الرومي.

-منع محطات التلفزيون والراديو التابعة للغرباء من بث أي عمل أو نشاط سوري واعتباره تدخلاً وقحا في الشؤون الداخلية السورية.

-محاكمة أي مواطن سوري يظهر في أية محطة تابع للغرباء في لقاء معه، واعتبار ذلك بمثابة تعامل مع العدو. وفي هذا السياق يطالب الحزب بسحب بسحب الجنسية السورية من الممثلة سلاف فواخرجي كونها قد تجرأت وظهرت في برنامج على تلفزيون المستقبل التابع للغرباء.

انتهى الخبر

وماذا بعد هل ما قرأناه سابقاً غير معقول, أم انّه إن أردنا هو أدنى من حبل الوريد فالحالة الكيانية جاهزة للانتشار والتفشي، كما أن مقاطعة البضائع اللبنانية والحقد على العراقيين والفلسطينيين أصبحت(على ضعفها) ظاهرة موجودة. وإذا بقينا نتفرج أو نسمح بذلك تحت ستار (حرية الرأي) فإن النتائج ربما ستكون أبشع من ظهور هكذا حزب، ولا تستغربوا أن نرى يوماً من يدّعي أن أهل دمشق أتوا من القمر.

إن معركة أمريكا اليوم على مايبدو هي تعويم الحالة الكيانية تحت ستار الوطنية بين الدول(الكيانات)، والحالة الطائفية الإثنية داخل كل كيان.انظروا إلى العراق وانظروا أيضا إلى الدراسات والصحف و المواقع الإلكترونية المدعومة من أمريكا والتي تعوّم الحالة الطائفية و الإثنية تحت شعار دراسة وضع الأقليات وحمايتها، والهدف على مايبدو إقامة فيديراليات ضمن كل كيان بحيث تعود الكذبة الكبيرة (لبنان وطن الأقليات) و(لبنان قوته في ضعفه) لتصبح قاعدة لكل بلدان الشرق القديم. وعندها سأموت انتحاراً عندما يطلبون منّي تأشيرة دخول لزيارة حمص.