هالني عنوان مادة صحفية إنترنيتية (عروبة العراق مهددة بدستوره ).. العروبة أو الانتماء القومي عدوان ؟!!! ومع عدم اهتمامي بما تلا العنوان فهو لا يعدو عن موضوع إنشاء شعاراتي شعائري، ولكن هذا العنوان يضع المرء في مفاضلة بين الانتماء والدستور... أي انتماء كان، وأي دستور كان، وكأن المسألتين منزلتين يجب على المرء ان يختار واحد منهما واو تخضع احدهما إلى الثانية حكما، ما يعني جعل المسألة اصطفائية بمعني ان الانتماء إلى قومية يعطينا مواصفات فوق قومية أو فوق اجتماعية، مع ان مسألة القومية هي في الهدف السياسي مسألة نفعية تقضي تجميع قوى المجتمع لمواجهة استحقاقات الحياة، وليست مثل دمغ الغنم، ولا تضمن شرفا زائد عن احد فأن تكون عربيا أو فارسيا أو فرنسيا أو ميكرونيزيا لا يعني شيئا خارج استجابتك لاستحقاقات الحياة، فالدفاع عن عروبة أو فرنسة أو برزلة ( من البرازيل ) لا يساوي شيئا من خارج اللغة الاجتماعية ( سياسة اقتصاد فن ) طبعا منسوبة إلى العصر وأدواته وليست معلقة في فراغ الكلمات الطنانة، والقومية مفهوم علمي لا يمكن مداورته باللعب بالألفاظ ومن ثم الرمي بالخيانة لكل من يقول لا أرى ذلك، والقومية أداء على صعيدي المعرفة بالواقع والتاريخ من جهة وعلى صعيد الإنتاج من جهة أخرى، ولا يسع الإنسان ( البني آدم ) الانتظار حتى يدور الدولاب وتخف المؤامرات حتى يلحظ إنجازات الأمة، لذلك فأن فشل قوم ما ان يكونوا امة محددة ليس معيبا بقدر الإصرار على عدم النظر إلى الواقع والحياة والفكر.

وعلى كل الأحوال هل يدلني احد على أية امة عربية موجودة على قيد الحياة السياسية والاجتماعية بغض النظر عن كبرها وصغرها ؟ انها أمم أو امة موجودة بالكلمات والشعارات والأحلام ( بالمعنى الايجابي ) ونستطيع افتعال اكبر المعارك عبثية في الدفاع عنها ولكنها أين هي؟وماذا سيهدد الدستور العراقي العتيد ؟

إذا هدد الدستور العراقي شيئا فأالخمسينيات،الإنسان وقيمة الإنسان السياسية وذلك من خلال تقسيمه إلى شيع وملل ونحل ومذاهب، أي سوف يهدده في تعريفه السياسي الحقوقي كونه ابن طائفة أو مذهب وليس ابن الوطن الذي ليس من الثابت لا في العراق أو غيره هل هو امة أم مقاطعة أم مزرعة أم إقليم أم ولاية سايكسبيكوية أم إمارة أم مصر من الأمصار، ماذا سيهدد ؟ فكرة ؟ شعار ؟ صراخ في المظاهرات الممنوعة منذ الخمسينيات، وما هي هذه الأمة التي يهددها مجرد دستور مصنوع يدويا ويمكن تغييره حسب المصلحة المجتمعية . لماذا علينا الهروب كلما ذكرت كلمة الإنسان والمواطن وكرامة هذا المواطن وحريته وأمنه وشبعه إلى شعارات تزلزل الهواء من تحتنا، لماذا نتجاهل الأسئلة التي تعبر أمام أنوفنا يوميا ونذهب إلى مواضيع كبيرة للغاية نتحجج بعدم قدرتنا عن حملها عندما تقترب المسؤولية؟ ، لماذا نبدأ من البعيد البعيد ؟

لا أحد ضد العروبة ولا شيء ضد العروبة، ولكنها نفسها العقلية التراثية الماورائية تجدد خطابها ( في حال كان خطابا ) في صيغة اعتقدت انها حديثة على أساس ان أصحابها يلبسون البنطلون والكرافات، ولكن ليقولوا لي ما هي العروبة في ظل استحقاقات الحياة المعاصرة ؟