ليس من مهمات الدراما الإجابة على الأسئلة المفترضة أو الواقعية، وربما كانت الأقرب إلى طرح الأسئلة بذاتها وعلى ذاتها، فهي جزء من التنوير وليس من مهمتها إبداء النصائح أو الخطب العصماء، لأنها هي ذاتها تحتاجها ( إذا كانت هناك حاجة إليها ) تماما كما غيرها، أي لا مسافة تفصلها بين كونها مرسل للمعلومات أو متلق لها، فالمسألة تفاعلية تحصل في سياق وجودها.

في مسلسل نزار قباني / نصا وصورة / تنحو الدراما مسارا تعقيميا يجعل منها آلة خيرية تعرض ما يمكن ان تتبرع به عن سيرة ربما كانت الأكثر انفجارية تفاؤلا وإحباطا في تاريخ سوريا الحديث، بحيث تلغي صفة الأصلية عن إنتاج الشاعر ليتحول إلى صدى للشعراء القدامى تشوبه بعض الاندفاعات الثوروية قياسا على الواقع الحالي بما يكتنفه من نسيانات لنوعية الشخصية ذات المشروع، حيث تم محو كل أثر للشخصية المدينية بمعناها الحداثي الإبداعي القابل للممارسة والتي تمثلها نزار قباني في لحظة تاريخية أمل الشاعر فيها بإمكانيات التغيير عبر عقلانية ثورية تشوبها المغامرة اللصيقة بالرجال الجديرين حمل مشاريع جديدة لا خيرية كما تمت صياغة المسلسل بل موضوعية وضرورية في صيرورة حياة وطن وجد بعد سايكس بيكو الأولى.

ان تسفير نزار قباني من مشروعه الحداثي الصادم إلى مشروع شخصي استجدائي، هو نقله كما الدراما التلفزيونية من ساحة المعرفة إلى ساحة المعلومات، ولكن بطريقة على الموضة أكثر من طريقة الشيخ الغبرة الذي طارد جده أبو خليل القباني، فالشيخ الغبرة رمى القباني بالكفر، وصناع مسلسل نزار قباني وصلوا إلى نتيجة ان هذا الشاعر لم يقصد ان يكون ( كافرا )
ليس من حقي اقتراح كيف يجب ان يكون هذا المسلسل أو غيره، ولا يحق لي لفت النظر إلى عشرات الأسئلة التي تحكي السيرة الحقيقة أو المفترضة أو المشتهاة، ولكن ما هو نزار قباني ؟ …. أليس مشروعا حداثيا موضوعيا أجهض …. كما الدراما اليوم؟؟؟!!!