حفلت الصحف البريطانية خلال الأسبوع الماضي بعدة مواضيع وقضايا، كان أهمها الاحتجاجات الداخلية العنيفة في أثيوبيا، والتمرد ضد توني بلير داخل حزبه، والاضطرابات التي تشهدها باريس، والانتخابات التشريعية في مصر•• وفيما يلي نسلط الضوء على تلك الموضوعات من خلال العرض التالي:
’’أصدقاؤنا الأفارقة’’: كان هذا هو عنوان افتتاحية’’ الفاينانشيال تايمز’’ الصادرة الجمعة الماضي، والتي تناولت فيها المظاهرات التي نظمتها المعارضة الأثيوبية في شوارع ’’أديس أبابا’’ وأعمال العنف التي اندلعت في زنجبار على خلفية ادعاءات بتزوير الانتخابات• وقالت الصحيحة إن مما يثير القلق بشأن تلك الأحداث هو أنها اندلعت في دولتين من الدول التي تحظى باهتمام خاص من قبل الدول الغربية المانحة للمساعدات، وأشارت إلى أن مما يستدعي قلقا أكبر بالنسبة لإثيوبيا هو أن تلك التظاهرات قد تزامنت مع تصاعد التوتر الحدودي مجددا مع إريتريا رغم أن التحكيم الدولي قد حسم أمر تلك الحدود منذ ثلاث سنوات تقريبا• وبالإضافة إلى ما تسببه هذه المظاهرات وأعمال العنف من قلق في الغرب، فإنها تحمل في نظر الصحيفة دلالة أعمق وهي أنها تعتبر في حد ذاتها اختبارا لواحد من التفاهمات الرئيسية في الصفقة الجديدة التي عقدتها الدول الغنية مع القارة السمراء، وهو ذلك الخاص بمدى التزام أفريقيا بتطبيق قواعد الحكم الرشيد والممارسة الديمقراطية نظير المساعدات الاقتصادية المقدمة إليها من قبل تلك الدول•

’’تفاقم التمرد ضد بلير’’: اختار ’’ديفيد كاركنيل’’ المحرر بصحيفة ’’التايمز البريطانية’’ هذا العنوان لمقاله المنشور في عدد الصحيفة الصادر الأحد الماضي، والذي يقول فيه إن رئيس الوزراء توني بلير يواجه تمردا متزايدا من أعضاء حزبه بشأن إصلاحاته في مجال الخدمات العامة، وخططه الرامية لتطبيق إجراءات مناوئة للإرهاب•• وإن الذي يفاقم من خطورة هذا التمرد هو أن عددا من مؤيدي بلير قد انضموا إليه، وهو ما يهدد بفشل خططه الرامية إلى جعل المدارس مستقلة عن سلطة المحليات، أو تلك الهادفة إلى زيادة دور القطاع الخاص داخل نظام الخدمات الصحية القومي• وفي معرض التدليل على تفاقم حدة التمرد ضد رئيس الوزراء، استشهد الكاتب باستطلاع الرأي الذي أجرته صحيفته بين أعضاء حزب العمال الذين وافقوا على الإجابة عن أسئلته وعددهم 66 نائبا حيث تبين أن 11 نائبا فقط هم الذين وافقوا على الإصلاحات المزمع القيام بها في مجال التعليم، وأن 25 منهم عارضوها وأن 16 نائبا كانوا غير متيقنين من موقفهم• وبالنسبة للإصلاحات في نظام الخدمات الصحية القومي فقد عارضها 21 نائبا في حين كان هناك 10 نواب غير متيقنين من موقفهم• وبالنسبة لمقترح بلير الخاص بزيادة المدة التي يمكن خلالها للشرطة احتجاز المتهمين دون تهمة إلى 90 يوما فقد عارضها 20 نائبا وكان هناك نائب واحد غير متيقن من موقفه• ويقول الكاتب إنه إذا ما أصر بلير على طرح هذه المقترحات للتصويت، ولم يتسن له الحصول على النسبة المطلوبة، فإن ذلك قد يعرضه إلى احتمال طرح الثقة في حكومته•

’’الحريق الفرنسي إلى باقي أوروبا’’: كان هذا هو عنوان افتتاحية ’’الديلي تلغراف’’ الصادرة الثلاثاء الماضي والتي بدأتها بالقول إن فرنسا طالما تباهت بقدرتها على دمج الأقليات العرقية في نسيج المجتمع الفرنسي، وذلك قبل أن تأتي الاضطرابات الأخيرة التي اندلعت في ضواحي العاصمة باريس لتثبت أن ذلك لم يكن صحيحا• وأرجعت الصحيفة انفجار الغضب في باريس إلى إهمال الحكومة الفرنسية للضواحي التي تسكنها غالبية من المهاجرين، وإلى قوانين العمل الصارمة، وإلى اهتمام النخبة السياسية في فرنسا بتحقيق مصالحها الذاتية على حساب مصالح ناخبيها، وإلى التباطؤ الاقتصادي، وحذرت الصحيفة من انتقال هذا العنف إلى مدن أخرى في أوروبا وخصوصا أن الأسباب التي أدت إلى انفجاره في الضواحي الفرنسية، موجودة في دول أوروبية أخرى كذلك• بيد أن الصحيفة اختلفت مع بعض الآراء التي تشبّه اضطرابات الضواحي الفرنسية الحالية، بالمظاهرات التي اندلعت في مايو 1968 لأن مظاهرات ذلك العام بدأت بمسيرات للطلبة ثم انضمت إليها قوى أخرى من المجتمع، ولأنها كانت مظاهرات ذات أجندة سياسية في حين أن الاضطرابات الأخيرة اندلعت كمظهر من مظاهر التعبير عن الاستياء والامتعاض من جانب المهمشين والفقراء في الضواحي الفرنسية ضد السياسات المتشددة التي تطبقها السلطات الفرنسية بحقهم وعلى رأسها تلك التي يطبقها وزير الداخلية ’’نيكولا ساركوزي’’، ولأن الذين قاموا بمظاهرات عام 1968 يختلفون عن الذين يحركون الاضطرابات الحالية ويضمون بينهم أعدادا كبيرة من المهاجرين المسلمين الأفارقة والآسيويين وهو ما يشكل خطورة بالغة خصوصا على ضوء تنامي قوة الحركات الأصولية في أوروبا•

’’نحن بحاجة إلى معارضة أكبر’’: لم يكن هذا عنوانا لافتتاحية أو مقال، ولكنه تصريح جاء على لسان مسؤول كبير في ’’الحزب الوطني’’ الحاكم في مصر، بمناسبة الانتخابات البرلمانية التي أوردت عنها صحيفة ’’الجارديان’’ تقريرا خبريا من مراسلها في القاهرة، والذي كتب يقول إن هذه الانتخابات ستكون محكا عمليا لصحة مزاعم ’’الحزب الوطني’’، والتي أطلقها عقب إعلان فوز الرئيس حسني مبارك بفترة ولاية جديدة في سبتمبر الماضي• ويقول مراسل الصحيفة إن تلك الانتخابات ستبين ما إذا كانت المعارضة سوف تحصل على نسبة تمثيل أكبر داخل مجلس الشعب المصري الذي يحتل الحزب الحاكم 90 في المئة من مقاعده تقريبا•• وما إذا ما كان الحزب سيفي بوعده فيما يتعلق بزيادة الحصص المقررة للمرأة، وإلغاء قانون الطوارئ القائم منذ مدة طويلة، وتحسين الحالة الاقتصادية، ومعالجة البطالة وغير ذلك من الوعود•• وأورد كاتب التقرير تصريحا على لسان محمد كمال، العضو البارز في ’’الحزب الوطني’’، أعرب فيه عن أمله في حصول حزبه على عدد كافٍ من المقاعد البرلمانية يمكنه من تنفيذ الأجندة الإصلاحية التي وعد بها الرئيس مبارك، وإن كان قال كذلك إنه سيكون سعيدا لو حصلت المعارضة على المزيد من المقاعد لأن من شأن ذلك إضفاء المزيد من الحيوية على الحراك السياسي الموجود حاليا في مصر•

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)