سمير عطا الله/الشرق الأوسط

كنت ضيفاً على الزميلة بتول ايوب على «المنار» منذ حوالي العام. وقد سألتني: «أليس من الافضل ان ننسحب من الامم المتحدة»؟ واجبت: «ننسحب الى اين؟ ما هو البديل. ان كل قضايانا موجودة هناك. من قرار التقسيم الى 242 و338». كان الدافع الى السؤال يومها صدور القرار 1559 الذي يطالب بانسحاب القوات السورية وتجريد «حزب الله» من سلاحه. وبعد اشهر اخذت سورية تحمل على الامم المتحدة وتشكك في ادائها واهدافها.

كانت تلك اول مرة تحمل فيها دول صغيرة على الامم المتحدة. فالذي يكره المنظمة اكثر من اي فريق آخر هم الاميركيون. ومنذ بدأت في متابعة اخبارها وانا اقرأ عن اميركيين يريدون اغلاقها او نقلها من نيويورك او على الاقل وقف دفع المساهمات. وفي بداية الستينات شعر بيلي وايلدر، وهو اشهر مخرج للافلام الضاحكة، ان ايراداته تنخفض، فقرر ان ينتج فيلماً يضحك الناس في انحاء الارض. وبعد تفكير قليل صرخ، وجدتها. وجدتها!

كان في هوليوود آنذاك ثلاثي هزلي يدعى «الاخوة ماركس» اكبرهم غروشو، ذو الشاربين الكثيفين. ويمثل هؤلاء عادة ادوار الاغبياء الذين يصطدمون بكل ما هو امامهم. وفكر وايلدر في خلط الحابل بالنابل في قاعات الجمعية العمومية ومجلس الأمن واللجان الاخرى. وكلّف مؤلفي النكات بأن يجمعوا له حوالي 3 آلاف نكتة عن المؤسسة والامانة العامة والدول الاعضاء.

ثم صرف النظر عن الفيلم وتوفي الاخوة ماركس الواحد بعد الآخر. لكن تباين وتفاوت المواقف من الامم المتحدة لم ينتهيا بالطبع. وكان العراق ايام صدام حسين يشتم المنظمة كل يوم. ثم جاء الى بغداد كوفي عنان في رحلته الشتائية الشهيرة، فأهداه الرئيس العراقي علبة سيجار هافاني فاخر.

نحن جميعاً نريد الامم المتحدة لانفسنا. وفي الازمة الاخيرة بين لبنان وسورية، احبها اللبنانيون وكرهتها دمشق. ثم عندما صدر القرار 1646 وليس فيه عقوبات على سورية، احبها السوريون وتحفظ اللبنانيون. ولن يقوم اجماع على دور المنظمة ذات يوم، ما دامت مهمتها النظر في النزاعات والخلافات حول العالم. لكن كلا منا شعر انه في حاجة اليها ولو مرة واحدة. وربما اكثر من مرة. الا طبعاً اسرائيل، التي تملك وحدها احتكار الرقم القياسي بكونها صاحبة اكبر ملف للاعتداءات في تاريخ المنظمة الدولية. اولاً واخيراً.