بعض مناضلي حماس رافعين شعارات الحركة عقب اليوم الأخير من حملة الإنتخابات التشريعية
غزة بتاريخ 23 يناير 2005.المصدر:" كزينوا" بكاميرا فانك هاو

سيلفيا كاتوري:

بعد اغتيال الزعيم الروحي لحماس، الشيخ ياسين، عام 2004، تم
تبرير هذا الفعل الإجرامي من طرف السلطات الإسرائيلية بكون الشيخ يمثل بن لادن الفلسطيني. كما أن ذات السلطات لم تتوانى في إشاعة فكرة مفادها أن حركة حماس لها علاقة بشبكة القاعدة. في السياق ذاته، يلاحظ بأن الصحافيين الدوليين يحصرون حديثهم عن الحركة في اتهامها بتنظيم عمليات ’’ إرهابية’’ ضد المدنيين الإسرائيليين، وليس باعتبارها حركة مقاومة. كما أخذ عليكم رفضكم لعملية سلام أوسلو وما زال يؤاخذ عليكم رفضكم الإعتراف بشرعية وجود الدولة العبرية. فالفكرة السائدة تتلخص في أن ’’حماس ترفض وجود إسرائيل...ورفض بقاء أي يهودي على أرض فلسطين...وبأن كل اليهود أهداف يجب تصفيتهم’’ .كيف تردون على الذين يتهمونكم بالرغبة في’’ رمي اليهود في البحر’’ ورفض ’’حق الوجود للدولة العبرية’’ ؟ هل لكم أن توضحوا موقفكم السياسي من هذه النقاط؟

مشير المصري:

بداية نحن نشكر كل الصحفيين الأجانب الذين يشاطرون الشعب الفلسطيني آلامه وحزنه والذين يحملون الهم الإنساني ويدركون الظلم الواقع على شعبنا ويدافعون عنه. فشكرا لكل صحفي وصحفية يقوم بدوره المهني والخالص دون الانحياز إلى إسرائيل.

فيما يتعلق برفض وجود إسرائيل ورفض بقاء يهودي في فلسطين، دعونا نفرق بين اليهود كيهود وأتباع ديانة، نحترمها ونحترمهم، ولنا تاريخ مشرف معهم عبر التاريخ الإسلامي، وبين احتلال قائم على أرضنا. ليست المشكلة إذا قائمة مع اليهود. نحن نرحب باليهود الراغبين في ان يعيشوا معنا. وهذا ما نلمسه في التاريخ الإسلامي حتى في زمن الرسول محمد. لكن الإشكالية ان هناك احتلالاً جاثماً على أرضنا. إذا مشكلتنا مع هذا الاحتلال وبالتالي مقاومتنا كفلتها كل القوانين والشرائع الدولية. والحال أن ثورات العالم كلها تقريبا، ما قامت إلا لتخرج الاحتلال من أرضها كما كان في قلب أوربا و أميركا وبالتالي من حقنا أن ندافع عن أنفسنا وان نطرد الاحتلال عن أرضنا. ومن أراد أن يتحدث عن نزع سلاح المقاومة فيجب أن يتحدث أولا عن المشكلة وهو نزع الاحتلال الجاثم على أرضنا. هنالك مزاعم أثيرت حول حركة حماس وأنها تسعى إلى رمي اليهود في البحر. هذا كلام باطل وبلا أساس. فنحن نحترم اليهودية ديانة واليهود بشرا. وبالمقابل لا نحترم احتلالا يطردنا من أرضنا ويمارس شتى أنواع العدوان و بأبشع الأسلحة ضد شعبنا الفلسطيني. وبالتالي فوجود الاحتلال لا يمكن القبول به. دعوني هنا أضرب مثالا : لو كان لدى امرىء بيت فجاء احدهم واحتل هذا البيت. ثم أراد عقد "مفاوضات" معه على غرفة صغيرة في البيت. ثم قال له إن باقي البيت لي. فهل يمكن لأحد أن يقبل بذلك؟ هل يقبل بأن يُطرد من بيته وأن يعترف بأن هذا البيت ملك للسارق؟ وان يأتي فوق ذلك ليفاوضه سعياً وراء ا لحصول على غرفة صغيرة. فيماطله، ويقوم بالإضافة الى ذلك فيقتل أبناءه ويجرف أرضه ويدمر مقوماته ومصادر رزقه؟ كلا، فهذا غير مقبول في أية ديانة ولا يقبله أي إنسان عاقل.

سيلفيا كاتوري:

حين التقيت بالدكتور الرنتيسي أواخر عام 2002 لم تكونوا بعد مجبرين على العيش في خفاء. غير أن الأمور تدهورت بشكل كبير مند عام 2003 إذ تم وضع الحركة في اللائحة السوداء للمنظمات الإرهابية، أعقبها إغتيال الشيخ ياسين وبعده الدكتور الرنتيسي وعدة أطر اخرين في الحركة. ما هو الإحساس الذي يخالجكم وأنتم ترون العالم يصفكم بالإرهابيين دون أن يأخد بعين الإعتبار السياق والظروف التي تعيشونها؟

مشير المصري:

حول وصف حركة حماس بالحركة الإرهابية، بالتأكيد هذا وصف غير مقبول وبلا أساس. فحركة حماس تمارس مقاومة شريفة ومتوازنة. ووصف حركة حماس بأنها حركة إرهابية كلام مردود لانا لسنا إرهابيين ولسنا من دعاة القتل ولسنا من الذين يسطون على الآخرين ولسنا المحتلين، لكي نوصف بذلك. نحن ندافع عن أنفسنا أمام الاجتياح، أمام الاعتقالات ،أمام الاغتيالات، أمام استخدام إسرائيل أبشع الأسلحة لضرب المدنيين ضرباً تعسّفياً بلا رحمة، فمن حقنا أن ندافع عن أنفسنا. لكن الواضح إن هناك انحيازاً أمريكياً سافراً لإسرائيل. وهنالك ضعف أوربي في مواجهة الموقف الأمريكي .ولا يسعنا إلا أن نلاحظ تواطؤاً أوربياً مع إسرائيل بناءا على الانحياز الذي تمارسه الإدارة الأمريكية.
ونحن ندعو الجميع لإعادة النظر في طبيعة الصراع الفلسطيني الصهيوني وان يدرك أمام التهدئة التي التزمنا بها والتي تنصل منها اليهود أن المشكلة ليست في الشعب الفلسطيني وليست في مقاومته المشروعة وان المشكلة في العدوان الذي يمارس على شعبنا.

سيلفيا كاتوري:

مع أبسط شكل من أشكال المقاومة، عنيفا كان أو سلميا، تسارع إسرائيل بالرد بواسطة القدائف. تدرون طبعا أنه شكل من أشكال التنويش لدفعكم إلى الخطأ الدي سيبرر بعد ذلك اللجوء إلى القوة. أمام هذه الهيمنة الإسرائيلية، أليس الرد بأسلحة غير متكافئة نوع من الإنتحار؟

مشير المصري:

حول تكافؤ" موازين القوى" دعونا نؤكد أن أي دولة تحت الاحتلال، حين تقاوم ذلك الاحتلال، فلن تخدمها موازين القوى بكل تأكيد. وإلا فلو كانت موازين القوى متكافئة، ما تمكن الاحتلال من البقاء دقيقة واحدة مسيطرا على هذه الأرض وهذا الشعب. إن موازين القوى مختلة كثيرا بكل تأكيد. ونحن ضعفاء بأسلحتنا، لا بعزيمتنا وإرادتنا، أمام الأسلحة الإسرائيلية المتطورة والحديثة، لكننا ذوو إرادة كقوة الجبال، وأصحاب حق ومستعدون لان نقدم كل شيء كي نصل إلى حقنا المسلوب والمغتصب. وبالتالي يمكن ان نحقق شيئا فشيئا تكافؤاً في موازين القوى. والانتفاضة منذ بدايتها إلى نهايتها تغيرت تكتيكاتها العسكرية من أسلوب إلى أسلوب آخر حتى تمكنت من أن تثخن هذا العدو بالجراح، وأن توقف عدوانه المستمر على شعبنا.

سيلفيا كاتوري:

أي نوع من السياسة كان المرحوم عرفات ينهجها في تعامله مع حركة حماس؟ وما هي سياسة أبو مازن حاليا في هذا الإطار؟

مشير المصري:

سياسة الرئيس الراحل أبو عمار"ياسر عرفات"- رحمة الله عليه- مع حركة حماس كانت سياسة متقلبة ومتغيرة من حين الى آخر، المؤكد أن السلطة الفلسطينية مارست في عام 1996 سياسة الصلف والتعسف ضد حركة حماس فزجت بأبنائها وقادتها في السجون ولاحقتهم حتى أنها فرضت الإقامة الجبرية على الشيخ احمد ياسين. فصبرنا وتسامينا على الجراح ، ليس من موقع ضعف وإنما من موقع حرمة الدم الفلسطيني والحفاظ على الوحدة الوطنية .
في المقابل كانت هناك بعض المحطات التي كانت فيها العلاقة بين ماس والرئيس أبو عمار علاقة وطيدة : فحصل تواصل. فهذه العلاقة لم تتسم بلون واحد وإنما اتسمت بألوان كثيرة ومتنوعة.
اما عن علاقتنا مع الرئيس ابو مازن "محمد عباس" فحتى هذه اللحظة والرئيس أبو مازن رجل ضعيف. فقد اتفقنا معه على أمور كثيرة، لكنها لم تنفذ على ارض الواقع. ولا يسعنا حتى هذه اللحظة أن نقيم سياسته التقييم الحقيقي. لاسيما أن التجربة ليست كافية لتقييمه، وانه لم ينفذ برنامجاً حقيقياً على الساحة الفلسطينية، يكفل أن نقيمه من خلاله.

سيلفيا كاتوري:

لقد ذاق أكثر من 000 650 فلسطينيا مرارة السجون الإسرائياية، حيث تعرضت أغلبيتهم لأنواع التعديب المختلفة. و الان يوجد في إسرائيل 8000 سجينا فلسطينيا لايعرف بعد مصيره. وإن الهدف هو إهانتهم وإذلالهم ثم تحويلهم، عبر وسائل جد متطورة، من مقاومين أشداء إلى خوافين ومتعاونين. ونستغرب كيف أن السلطة الفلسطينية لم تطلب بإلحاح، خلال القمم التي شاركت فيها، إطلاق سراح هؤلاء السجناء كشرط أولي للتفاوض. زد على ذلك أن المئات من مناضلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي تم القبض عليهم في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة. واخرون تم إعدامهم بلا محاكمة وبدون أي رد فعل من خافيير سولانا أو جورج بوش. هل كانت هذه الإعتقالات والإغتيالات لتنجح بهدا الشكل لولا تعاون مصالح الأمن الفلسطينية مع الشين بيت؟

مشير المصري:

نقول بشأن الاعتقالات والاغتيالات، إنها ما كانت لتنجح لولا تعاون الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع جهاز الشين بيت، و نقول إن هنالك اموراً قيدت بها السلطة الفلسطينية نفسها مع العدو الإسرائيلي ومنها التنسيق الأمني الذي أوقع الساحة الفلسطينية في مأزق كبير وفي تناحرات داخلية. وما كان للاعتقالات والملاحقات والإقامة الجبرية أن تفرض على أبناء حركة حماس وقادتها إلا بفعل التنسيق الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين .
حول مسالة الاغتيالات والاعتقالات الواضح أن هناك شبكة من الخونة تسرح وتمرح على الساحة الفلسطينية. وهي صاحبة الدور المباشر والرئيس في عمليات التصفية والاغتيالات وكذلك عمليات المداهمات. والمؤسف أن السلطة الفلسطينية لم تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب. ولم نشأ نحن أن نأخد هذا الملف على عاتقنا حتى لا نخلق إرباكات داخل الساحة الفلسطينية وحتى لا يقال عنا سلطة داخل سلطة. نحن نوجه سلاحنا فقط إلى من يعتدي علينا، وأما في أي شان داخلي، فينبغي على القضاء الفلسطيني أن يتحمل مسؤولياته. من الواضح ان السلطة الفلسطينية قيدت نفسها باتفاقات تمنعها من ملاحقة العملاء الذين يمارسون القتل ضد أبناء شعبنا عن طريق الإيعاز لقوات الاحتلال وإخبارهم بأماكن وجود الفلسطينيين المطلوبين لاعتقالهم ناهيك باغتيالهم.

سيلفيا كاتوري:

ألا تظنون أن إسرائيل تبحث عن إشعال فتيل حرب أهلية بين حركة حماس من جهة والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى؟

مشير المصري:

بالنسبة لتغيير مصطلح العدو الإسرائيلي، جاهدت السلطة مع العدو الإسرائيلي بفعل التنسيق الأمني لإلغاء الكثير من المفاهيم وتشطيبها من عقول الأجيال الفلسطينية. لكن انتفاضة الأقصى المباركة أعادت هذه المصطلحات والمفاهيم إلى مكانتها وبصورة اشد من خلال ممارسة الاحتلال لأبشع الجرائم والمجازر المتواترة، ضد أبناء شعبنا الفلسطيني.
نعم، هنالك ضعف في أداء السلطة الفلسطينية في كثير من القضايا. وهم، تحديدا، الذين يغيرون في هذه المصطلحات. أما عن الشعب، فلا أعتقد أنه مقبل على اعتماد مصطلحات مسؤولي السلطة. وكذلك الحال بشأن حق ا للاجئين في العودة. وإن يتحدث احد المسؤولين عن "حل مشكلة اللاجئين"، فهذا يعتبر تنازلاً كبيراً من هذا الجانب. نحن نتحدث عن الملايين من أبناء شعبنا ( ما يزيد عن خمسة ملايين فلسطيني ) مهجرين ومبعدين وموزعين على معظم دول العالم. ومن حقهم أن يعودوا إلى أرضهم والى أوطانهم التي هجروا منها. وهذه المصطلحات مصطلحات شعب وفصائل. والمؤكد أن ما تطلقه ألسنة بعض المسؤولين الفلسطينيين لا يمثل الإجماع الفلسطيني.

سيلفيا كاتوري:

لقد حذر المؤتمر من أجل ’’ الحق في العودة’’ والذي جرت فعالياته بنزاريت في دجنبر 2005، حذر أولئك الذين يسعون إلى فرض اعتراف دولي وعربي وفلسطيني بدولة إسرائيل كدولة يهودية وإفراغ هذا المكتسب. فهل هو، كما يطالب به النائب الفلسطيني في الكنيست عزمي بشارة، ’’حق لايجوز التصرف’’ فيه ومسألة تم الفصل فيها؟

مشير المصري:

حول فرض اعتراف دولي وعربي وفلسطيني بدولة إسرائيل كدولة يهودية وإفراغ هذا المكتسب، أنا اعتقد أن الاعتراف بدولة إسرائيل مسالة خطيرة جدا. إنها تعني ضياع الحق الفلسطيني وتعني أن سياسة الأمر الواقع فرضت على العالم العربي والإسلامي. نحن نرحب باليهود كيهود لكننا لا نرحب باحتلال جاثم على أرضنا. ولا يسعنا، كما أسلفت، أن نقبل بأن نطرد من بيوتنا ومن أرضنا ثم نأتي لنأخذ جزءاً ضئيلاً منها ونعترف للسارق ببقية الأرض وانه حق له ونكرس ذلك حقا أمام العالم. لذلك نحن في حركة حماس نحذر كل الإطراف من مغبة الوقوع في هذا المنزلق الإسرائيلي من خلال فرض سياسة الأمر الواقع.

سيلفيا كاتوري:

لقد راهنت السلطة الفلسطينية بشكل كبير على دولة مستقلة. لكن هل كان الفلسطينيون مستعدون لقبول دولة فوق مساحة لا تتعدى 8 في المائة من الأراضي التاريخية، مقابل كل تسوية لأشكال الأذى الذي سببته إسرائيل منذ عام 1948؟ أليس الحل الأكثر عدلا هو وجود دولة وحيدة تأوي اليهود وغير اليهود مع ضمانهم حقوقا متساوية؟

مشير المصري:

أحرص على القول إن حركة حماس تؤمن بالحلول الممرحلة لكن ليست الحلول القائمة على قاعدة التنازل. وهذا ما صرح به الشيخ احمد ياسين مؤسس وزعيم حركة حماس قبل ما يزيد على خمسة عشر عاما حيث انه قال ( إننا يمكن أن نقبل بإقامة دولة في الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية وعودة اللاجئين والإفراج عن الأسرى. وعندئذ يمكن ان نقيم هدنة طويلة الأمد لمدة عشر سنوات فأكثر) . لكن الواضح أن العدو الصهيوني يريد أن يديم الاحتلال. والدليل على ذلك شارون، فبعد أن سوق خطة الانسحاب من غزة على أنها تنازل أليم، هاهو يرجع الى القطاع فيغتال ويقصف ويضرب، ويعود ليقيم منطقة عازلة في شمال غزة. وبالتالي فهو لا يعرف الا لغة الاحتلال ولا يعرف طريقة للتهدئة حسب تجربة التهدئة الأخيرة ولا يعرف لغة للسلام. إنه لا يعرف سوى لغة الإجرام والإرهاب التي يمارسها ضد شعبنا.

وبالتالي فنحن نؤكد على إيماننا بالحلول المرحلية. لكن بالمقابل لا يمكن أن نعترف باحتلال جاثم على أرضنا، ولهذه المسألة يجب ان يتكاثف العالم ليقف إلى جانب شعبنا المكلوم والمظلوم الذي تحتل أرضه وتغتصب مقدساته ويمارس العدوان البشع ضد أبنائه. أما حول إقامة دولة تشمل يهود وفلسطينيين، فنحن قد أكدنا ونؤكد أننا عشنا مع اليهود على مدار التاريخ الإسلامي، وبوصفهم ذميين في الدولة الإسلامية ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا ) وكانوا جزءاً من أوطاننا، ولكن المشكلة ليست في اليهود وإنما المشكلة في الاحتلال الإسرائيلي .

سيلفيا كاتوري:

لقد وصف المجتمع الدولي الإنسحاب من غزة كخطوة جريئة نحو السلام. لكن أين هذا السلام؟
وفي الوقت الذي أكدت فيه حماس أن غزة قد حررت، يحكي بعض الأشخاص الأخرين أن الذين زاروا المدينة مؤخرا بأن سكانها الذين يقدر عددهم بالمليون والنصف يعيشون تحت السيطرة المطلقة لإسرائيل.
تتجلى أبرز مظاهر هذه السيطرة في الحراسة التي ينتظر منها أن تتضاعف مع بناء الحاجز الثلاثي المزود بأكثر من كاشف إلكتروني وبصري ثم بالرشاشات المتحكم فيها من بعد. بدلا من الحديث عن التحرير فقط، لماذا لم يتم التنديد بمسألة احتجاز مجموعة من الفلسطينيين وراء قضبان عالية، في معتقل؟

مشير المصري:

نعم، من الواضح أن ما أراد شارون تسويقه أكذوبة، فالانسحاب من قطاع غزة ليس انسحابا حقيقيا وليس انسحابا كاملا، هو يحتل سماء قطاع غزة فطائراته لا تكاد تفارق سماء القطاع والقصف المستمر والغارات الوهمية والاغتيالات عبر الجو. والقول نفسه ينطبق على الحصار البحري والبري. بما في ذلك معبر رفح، الذي يعد المنفذ الوحيد لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة. فهناك الكاميرات وهناك اللجان الأمنية المشتركة التي تدقق في كل حال فتستجوب كل داخل الى قطاع غزة وكل خارج من قطاع غزة. حتى إن لم يكن تواجد عسكري إسرائيلي فعلي هناك. وبالتالي فنحن نعيش في سجن هائل في قطاع غزة والعدو الإسرائيلي لم يقدم أي تنازل. وما انسحب من قطاع غزة الا تحت ضربات المقاومة حيث انه اعترف بانه لم يعد يتحمل العبء الأمني الملقى على عاتقه بوجوده على ارض القطاع، في قلب المستوطنات التي كانت تتعرض للضرب من قبل المقاومة بالوسائل البسيطة. لكنها أثخنت العدو الإسرائيلي ضرباً ولقنته دروس قاسية وعلمته ان الأرض لا يمكن أن تقبل بمكوث الاحتلال الإسرائيلي عليها.

سيلفيا كاتوري:

خلافا لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا، لم يسبق لعرفات أو لأبو مازن أن دعا إلى المقاطعة الدولية ولا إلى الكفاح المدني ولاحتى إلى فرض عقوبات تأديبية ضد إسرائيل. كما أن رئيس إحدى الجامعات الفلسطينية إحتج على مقاطعة الجامعات الإسرائيلية التي دعت إليها بعض الفعاليات البريطانية. كيف تفسرون هذا الخضوع الخطير لإسرائيل؟

مشير المصري:

الواضح أن السلطة الفلسطينية تقف على منزلق خطير وان بعض قادتها يتشبثون بمناصبهم. ومستعدون للتنازل عن كل شيء وهذا ما لمسناه في الاتفاقات التي أبرمت. ولم يكن هناك موقف قوي للسلطة الفلسطينية لوضع حد للاحتلال والعدوان الصهيوني ضد لشعب الفلسطيني لكن لغة التنازل هي اللغة التي كانت مسيطرة في غالب الأحيان، لدرجة أن احد رؤساء الجامعات يحتج على مقاطعة الجامعات الإسرائيلية وكأننا نعيش في إطار واحد متناسيا سفك الدماء واستباحة الأرض واحتلال كل مقدرات الشعب الفلسطيني.
نعم، هنالك للأسف خضوع من قبل السلطة للإرادة الإسرائيلية. يقابله عدم تنازل إسرائيلي للسلطة لأنها قيدت نفسها باتفاقات هي عاجزة عن الخروج منها، في حين ينكر شارون وغيره تلك الاتفاقات. وقد صرح بان اتفاقية أوسلو لم تعد موجودة على ارض الواقع.

سيلفيا كاتوري:

في عام 2003، أقر النواب الأوروبيين بأغلبية ساحقة قرارا أسموه ’’ السلام و الكرامة في الشرق الأدنى’’، قرار يفرض على السلطة الفلسطينية مكافحة كل أشكال الإرهاب. هذا القرار: ’
’’يكرر إدانتها الصارمة ورفض كل الأشكال الإرهابية التي تقوم بها المنظمات الإرهابية الفلسطينية ضد الشعب الإسرائيلي. كما يفرض على السلطة الوطنية الفلسطينية أن تكافح بدون رحمة أشكال الإرهاب هذه وكذلك التفكيك الكلي لهذه المنظمات’’.
’’يعلن صراحة أن الإرهاب الفلسطيني، عسكرية كانت ضحاياه أو مدنية ، ليس مسؤولا فقط عن مقتل أناس أبرياء، وهو ما يجز به في قفص الإتهام، بل هو أيضا يعرقل مسلسل السلام المراد تبنيه من
جديد’’. كيف تجيبون على الدول الأوروبية؟

مشير المصري:

حول الإرهابيين وأن المقاومة لا تقتل فقط أناساً أبرياء بل وتعرقل مسلسل السلام، نقول دعونا ننظر نظرة متفحصة ونظرة دقيقة إلى الساحة الفلسطينية والأحداث التي جرت عليها منذ إبرام اتفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من الذي بدا بالإجرام؟ من الذي بدأ بالمجازر؟ كيف بدأت انتفاضة الأقصى التي نعيشها الآن؟ ألم يكن ذلك من خلال اقتحام شارون للمسجد الأقصى المبارك والمقدس لدى المسلمين ولدى الشعب الفلسطيني؟ وعندما احتج المصلون قامت قوات الاحتلال بقتل عشرين منهم في لحظات ومن ثم هبت الجماهير في كل مكان كحق لها في ان تدافع عن مقدساتها. والانتفاضة الأولى، ألم تقم بعد أن عمد أحد المستوطنين إلى دهس سبعة من العمال الفلسطينيين في جباليا؟
إذا نحن ندافع عن شعبنا الفلسطيني. ومن يصفنا بالإرهاب فهو مخطئ ويجب ان يتراجع عن ذلك. نحن لسنا إرهابيين، نحن دعاة حياة، نحن دعاة مشروع تحرر، نحن دعاة كرامة وعزة، ويجب على العالم الأوربي ألا يتواطأ مع أميركا في انحيازها السافر للعدو الإسرائيلي، وأن يتفحص القضايا على الساحة الفلسطينية وينظر إليها بدقة. وسوف يدرك في غالب الأحوال أن المشكلة لدى هذا الاحتلال.

سيلفيا كاتوري:

النجاح الإنتخابي الأخير لحماس ألقى بريح من الخوف في صفوف مسؤولي السلطة الفلسطينية. أتظنون أن هذه الأخيرة، وبعد أن مارست حكما مطلقا على مدى 12 سنة شاركت خلالها في مفاوضات سلام ما زادت الشعب الفلسطيني إلا عناءا، ستستطيع التخلي عن الإمتيازات المكتسبة على حساب شعبها وستقبل الرسالة التي يوجهها لها هذا الشعب ذاته؟

مشير المصري:

نقول إن من قواعد اللعبة الديمقراطية القبول بنتائجها. فالوطن ليس حكرا على أحد. الوطن ملك للجميع، وحركة حماس تطمئن الجميع وتطمئن أوربا وأمريكا والعالم كله والسلطة بأننا لم نأت لنحل مكان احد في الانتخابات او لننازع احداً، بل جئنا لنكرس محطة جديدة عنوانها الشراكة السياسية، لنقضي على التفرد في القرار السياسي الفلسطيني. محطة عنوانها الوحدة الوطنية لمواجهة تحديات هذه المرحلة، عنوانها أن هذا الشعب الذي قدم التضحيات الجسيمة حتى اجبر الاحتلال على الخروج من جزء من أرضه، آن له أن يعيش حياة مطمئنة وكريمة، بعيدا عن مظاهر الفوضى والانفلات الأمني الذي مارسته في الغالب الأجهزة الأمنية، بعيدا عن المحسوبية والرشوة، بعيدا عن الضياع والفراغ والمجهول الذي يسيطر على الساحة الفلسطينية. من هنا أرادت حركة حماس أن تسارع في الانتخابات التشريعية لتحاول إنقاذ الساحة الفلسطينية من هذا الوضع المتردي..

سيلفيا كاتوري:

الشعب الفلسطيني يمر حاليا بفترة جد محبطة. إذ أن وعود السلطة الفلسطينية، من قبيل بناء دولة مستقلة وإخلاء المستوطنات وضمان الأمن، لم ترى النور بعد. كما أن إسرائيل إستفادت من أخطاء السلطة الفلسطينية لتحويل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى سجون. فإن كان الفلسطينيون قد أداروا لها الظهر، هل هذا يعني أنهم لهذا يشاطرونكم برنامجكم؟

مشير المصري:

الواضح من خلال تفرد السلطة في العشر سنوات الماضية وتفردها في كل مقدرات شعبنا، ومن جهة أخرى نجاح حركة حماس وبرنامجها في المقاومة التي كفلتها الشرائع والقوانين الدولية وحملها لهم الشعب الفلسطيني ورفعها لراية التغيير والإصلاح كان هناك التفاف جماهيري وحضور كبير لحرك حماس، فضلا عن أن الشعب الفلسطيني شعب مسلم وحركة حماس حركة إسلامية تريد أن يعيش أبناء شعبها الإسلام واقعا ملموسا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
الواضح أن السلطة لم تستفد من أخطائها، وأن السلطة وضعها مترهل، ولم تستطع حتى مواجهة أفرادها الذين يمارسون خطف الأجانب، الذي يسيء إلى صورة شعبنا المشرقة. ويمارسون احتلال المؤسسات والتعنت والصلف، و تعيش السلطة بالتالي وضعاً ضعيفاً ومهلهلا. ومن هنا أردنا المشاركة في الانتخابات لتعود للسلطة هيبتها ويعود للقانون هيبته وان نخلق سلطة محترمة حتى يحترمها الشعب الفلسطيني.

سيلفيا كاتوري:

باستثناء مدينة رام الله، إستطاعت حركتكم خلال السنة المنصرمة حصد ثلاثة أرباع أصوات الإنتخابات المحلية. كما تحالفتم مع حزب اليسار، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بعض المدن. هل هذا يعني بأن التصويت لم يكن للدين، بل لرجال ونساء لم يتخلوا قط، عكس أطر فتح، عن الكفاح من أجل تحرير البلاد؟

مشير المصري:

عندما تتحالف حماس مع الجبهة الشعبية أو كوادر أخرى، فهذا يؤكد أن حركة حماس ليست حركة متزمتة وليست حركة متحجرة ومنغلقة على نفسها. هي حركة تقول إنها صفحة مفتوحة للجميع وهي تتحالف مع جميع ابناء شعبها الفلسطيني في إطار المصلحة العليا لشعبنا وفي إطار إحداث تغيير وإصلاح حقيقيين في الساحة الفلسطينية. من هنا كان دعم حركة حماس لمرشحة يسارية لرئاسة مدينة رام الله وغيرها على هذا النحو، ونقول للجميع إننا لم نأت لنحل محل احد او لنزاحم أحدا. نريد أن نعيش حياة كريمة مطمئنة بعيدة عن كل المظاهر التي عاشتها الساحة الفلسطينية على مدار عشر سنوات، ونريد أن نتفق على إستراتيجية معينة تحمي حقوق الشعب الفلسطيني وتحافظ على منجزاته بغض النظر مع من كان التحالف، يكفي انه فلسطيني ويريد ان يخدم قضيته.

سيلفيا كاتوري:

لماذا خاطرتم بالمشاركة في هذه الإنتخابات في الوقت الذي فضل فيه الجهاد الإسلامي مقاطعتها؟ أليس من شأن إنتخابات في ظل الإحتلال أن تشغل الفلسطينيين على ما هو أهم؟ أليست الأولية في خلق حوار بين الفلسطينيين لإعطاء انطلاقة جديدة للكفاح الوطني؟

مشير المصري:

إن أولويات حركة حماس في المرحلة الراهنة ولنضع النقاط على الحروف هي ثلاث أولويات لا يمكن التخلي عنها في أي لحظة من اللحظات :

الأولوية الأولى هي تعزيز الوحدة الداخلية على اعتبارها تحمي الساحة الفلسطينية من أي تداعيات خطرة .
وثانيا تعزيز الشراكة السياسية باعتبارها الخيار الكفيل بإنقاذ الساحة الفلسطينية من الواقع المتردي .
والنقطة الثالثة تعزيز برنامج المقاومة كخيار استراتيجي لشعبنا ما دام هناك احتلال جاثم على أرضنا و العدوان متواصل على شعبنا وهذا خيار مارسته كل ثورات العالم حتى في أوربا وأميركا وهو خيار كفلته القوانين والشرائع الدولية.

سيلفيا كاتوري:

مشاركة حماس في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية لشهر يناير 2006 في أراض تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، هي الان موضوع خلاف، شائك. فخافيير سولانا، نيابة عن الدول الأوربية، أعاد إلى الأذهان التحذيرالأمريكي ومعه الضغط على الفلسطينيين. وذلك بالتأكيد على أن الدعم المادي لأوربا سيتوقف إذا فازت حماس بالإنتخابات. وهو ما يبرز بأن العالم لايعترف بحق الفلسطينيين في المقاومة على غرار الشعوب المحتلة الأخرى. هل من شأن هذا الإبتزاز الذي يهدد بانقطاع الدعم المادي أن يصد الفلسطينيين عن التصويت لمرشحي حماس أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟

مشير المصري:

حول التساؤل إن كانت التهديدات الأوربية و الأمريكية بوقف المساعدات ستصد الجماهير عن دعم حركة حماس، أعتقد أن التصريحات الأوربية والأمريكية جاءت متزامنة مع إجراء الانتخابات البلدية في المرحلة الرابعة وخاصة في كبريات المدن. فماذا كانت النتيجة؟ حماس فازت في كبريات المدن مثل نابلس والبيرة وفي رام الله وكذلك جنين. وبالتالي شعبنا الفلسطيني شعب يتوكل على الله سبحانه وتعالى ويعلم الآية القرآنية " و في السماء رزقكم وما توعدون" والشعب يدرك أن هناك تواطؤاً دولياً عليه وبالتالي هو يريد أن يختار من يحمل همه ومن يطمئن الى أنه يحمل الأمانة بحقها، بإذن الله سبحانه وتعالى. ونحن في حركة حماس تمرسنا بالخبرة على مدى سنوات طويلة في العديد من المؤسسات والنقابات والجمعيات وغيرها وقدمنا نموذجا يحتذى به، والشعب الفلسطيني اختارنا عن تجربة وعن قناعة في هذا الجانب. وبالتالي فإن الابتزاز الذي تمارسه الإدارة الأمريكية التي، بحسب تصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية، ما يصل منها إلى الشعب الفلسطيني سوى فتات ليس له من قيمة تذكر، وهو بلا وزن في ميزانية السلطة. و لا أعتقد أن الموقف الأوربي وحتى تصريحات ( سولانا ) تعكس موقفاً أوربياً دقيقاً يشمل كل الدول. ودعونا نقول إن موقف اللجنة الرباعية الأخير ليس موقفا متشددا، بقدر ما فيه من تراجع. فبعد أن كانت بعض الأطراف الدولية ترفض مشاركة حركة حماس في الانتخابات، تجاوزت ذلك عندما رأت العزيمة والإرادة الفلسطينية والإجماع على ضرورة مشاركة الجميع. تحدثوا عن حجب المساعدات. وعندما رأوا أن هذا لن يوقف الجماهير ولن يصدها عن التصويت لحركة حماس تحدثوا عن التحذير من مشاركة الحركة في أية حكومة مقبلة.

أعتقد أن الإطراف الدولية ستجد نفسها مضطرة لأن تتعامل مع واقع جديد عنوانه أن حركة حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني وإنها جزء ممن يحددون القرار السياسي الفلسطيني.

سيلفيا كاتوري:

موقف فرنسا لا يختلف كثيرا عن تصريح سولانا :

’’إننا نؤمن بأهمية التنظيم العادي للعملية الإنتخابية في الأراضي الفلسطينية...ويبقى إسم حماس في لائحة الإتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية ما لم تتخلى عن العنف وما لم تعترف بدولة إسرائيل. من جانبنا، فإننا نتابع باهتمام كبير ما يجري وما يرافقه من تطور لحركة حماس على المستوى السياسي’’. هل من الممكن في نظركم التراجع عن الكفاح المسلح والإعتراف بالدولة اليهودية لإسرائيل؟

مشير المصري:

حول الاعتراف بدولة إسرائيل والتخلي عن الكفاح المسلح، أقول كيف حررت لبنان وكيف حررت العديد من الدول الأوربية وكيف حررت أمريكا الشمالية، ألم تكن بطرد الاحتلال؟ جربنا التفاوض على مدار عشر سنوات، ماذا كانت النتيجة؟ ألم يكن المجهول؟ ألم يكن الفراغ؟ ماذا جنت السلطة وماذا جنى الشعب الفلسطيني إلا الويلات والدمار وتأخر القضية الفلسطينية لعقود طويلة؟ لايمكن خوض تجارب فاشلة ولايمكن قبول احتلال يصر على الاحتلال والقتل و الإجرام والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني .
نقول أن حركة حماس منفتحة ومستعدة للحوار مع الجميع في ضوء المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، لكن الحوار مع الاحتلال الصهيوني حوار فشل و جرب على قاعدة التنازل لأقصى شيء وكانت النتيجة من قبل إسرائيل لاشيء.

سيلفيا كاتوري:

معرفة أن قادة البلدان الديموقراطية يرفضون في كل مرة معاقبة إسرائيل التي تغتصب اتفاقيات جنيف وتهدم البيوت وتعتقل بدون محاكمة وتقتل الأطفال وتذل الفلسطينيين، ومعرفة
أيضا أن الجمعيات المؤيدة لفلسطين دعمت سلطة فاسدة تمتلك أجهزة سرية مضطهدة، كل هذا لا يمثل صدمة بالنسبة لكافة الفلسطينيين المتراكمين في مخيمات اللاجئين؟ ألا تظنون أن أفضل سلاح بالنسبة لكم هو التنديد بهذا الوضع وتحديد نوع الدعم الذي يمكن للرأي العام الدولي أن يقدمه للشعب الفلسطيني المضطهد في ظل الإحتلال العسكري؟

مشير المصري:

نعم، نحن بحاجة إلى حملة إعلامية واسعة لكن الواضح أن اليهود وأتباعهم وأحبابهم يملكون وسائل إعلامية قوية جدا تطغى على وسائلنا الإعلامية. إسرائيل خرقت معظم قرارات مجلس الأمن الدولي، بل كلها و تجاوزت أيضا كل قرارات جنيف واتفاقياتها ومارست أبشع جرائم الإرهاب والإجرام ضد أبناء الشعب الفلسطيني من هدم بيوت وتجريف أراض وقتل الأطفال الأبرياء عمداً، وذلك دون أن يقدموا للمحاكمة أي جندي أقدم على قتل أطفال أبرياء، ومنهم محمد الدرة، الذي شاهده العالم وهو يصرخ ويقتل. فكانت النتيجة لا شيء. كانت النتيجة أن يحكم على الجندي الذي قتل عامدا متعمدا بالحبس لمدة شهر واحد. و يعتبر هذا استهتاراً بالدم الفلسطيني .

نعم نحن بحاجة للتنديد بكل هذه التجاوزات الإسرائيلية، ومخالفتها لقرارات مجلس الأمن الدولي. وأيضا تجاوز وخرق اتفاقات جنيف. نحن بحاجة إلى جهد أوربي من الصحفيين والصحفيات والحقوقيين ومن كل جهة تحمل معنى الإنسانية وتدرك معنى الاحتلال وتعرف بشاعة الإجرام والإرهاب الصهيوني ضد شعبنا. عسى أن يوضحوا هذه الصورة للعالم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ونحن ندرك أن هناك تواطؤاً للأنظمة الأوربية مع العدو الإسرائيلي. لكننا نعلم أن هناك أناساً يحملون الهم الإنساني. فنشد على أيديهم وندعوهم إلى المزيد من التواصل.

سيلفيا كاتوري:

ستستمر إسرائيل بإعطاء الإنطباع بأنها الطرف المستعد للتعاون ، هذا ما دام الرأي العام الدولي لم يفهم بعد أن جوهر الصراع يتمثل في التصفية العرقية لثلاثة أرباع الفلسطينيين عام 1948، تصفية ما زالت جارية إلى يومنا هذا. وأن مسألة ’’ حق عودة’’ الفلسطينيين هي السبيل إلى فض الصراع القائم. وما دام إنكار التاريخ هدا مستمر، يسهل على الدولة العبرية، التي تمتلك عددا هائلا من مناصريها داخل الأحزاب ووسائل الإعلام الأجنبية، يسهل عليها أن تقلب المسؤوليات وتنعت الضحايا الفلسطينيين والمقاومة بالإرهاب. في حال ما حصلتم على الأغلبية في الإنتخابات التشريعية هل أنتم مستعدون للقاء المسؤولين السياسيين الأوروبيين لتذكيرهم بأن النقطة الرئيسية في الصراع هي نزع الملكية وطرد إسرائيل الفلسطينيين خارج أراضيهم لإحلال أكبر عدد من يهود العالم محلهم؟ وبشكل عام ماذا تنوون فعله؟

مشير المصري:

إذا فزنا بالأغلبية في الانتخابات التشريعية فلكل حادث حديث. وأما على صعيد الحوار الأوربي والأمريكي فحركة حماس لا تعارض اللقاء مع احد أوالحوار مع احد. ونحن مارسنا الحوار الأوربي حتى مع برلمانيين أوربيين وكان لنا حوار عقد في بيروت مع أكاديميين أمريكيين. ولكن ليسوا من أصحاب القرار السياسي الأمريكي. فحركة حماس حركة منفتحة على الجميع وليست حركة متزمتة، ليست حركة معقدة. صحيح أنها حركة تحمل مشروعا إسلاميا و تريد للجميع أن يعيش بحرية وكرامة. و تريد لشعبنا بالمقابل أن يعيش بحرية وكرامة. نريد للعالم أن لا ينحاز ويستمر في انحيازه السافر والقاتل والفظ للعدو الصهيوني مقابل مصالح شعبنا الفلسطيني. نحن مستعدون للحوار مع أي طرف غير الطرف الإسرائيلي الذي يمارس الاحتلال والعدوان ضد شعبنا الفلسطيني لتوضيح ما يمكن توضيحه ولوضع الجميع في صورة ما يحدث في ساحتنا الفلسطينية ولتذكيرهم بأن المشكلة في الاحتلال و العدوان وليست في الشعب ومقاومته المشروعة. المشكلة فيمن جاء ليطرد الشعب ويحتل الأرض وبالتالي نحن ندرك أن العالم الحر يجب أن يسعى لان يعيش الشعب الفلسطيني بحرية وكرامة كما يعيش هو .

ونشكركم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.