ما هو انعكاس فوز "حماس" على قضية السلاح الفلسطيني ؟

هل ينعكس فوز "حماس" في الانتخابات النيابية الفلسطينية سلبا ام ايجابا على موضوع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان وخارجها، فيصبح تنفيذ قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن اكثر صعوبة؟

هذا هو السؤال المطروح في الاوساط الرسمية والسياسية والشعبية، ويصعب الجواب عليه الى ان يتم تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وتظهر اولى نتائج المساعي المصرية والسعودية في ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني ومدى استعداد هذه الحكومة للمساعدة على معالجة موضوع هذا السلاح، اضافة الى موقف السلطة السورية من المساعي المصرية والسعودية.

من المعلوم ان الحكومة الفلسطينية المستقيلة بنتيجة الانتخابات، كانت مساندة ومؤيدة لموقف الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بازالة السلاح الفلسطيني الموجود خارج المخيمات وضبط السلاح الموجود داخلها، وصدرت عن مسؤولين فلسطينيين تصريحات عدة تؤكد ذلك، لكن الفصائل الفلسطينية المتشددة، لا سيما منها "الجبهة الشعبية – القيادة العامة" لم تستجب طلب الحكومة اللبنانية واعلنت عدم خضوعها لقرارات السلطة الفلسطينية، وعرقلت تشكيل وفد فلسطيني موحدللبحث مع اللجنة التي شكلتها الحكومة في هذا الموضوع، وقد يزداد موقف هذه الفصائل تشددا بعد فوز حركة"حماس" في الانتخابات الا اذا كان لهذه الحركة بعد تسلمها السلطة موقف يختلف عن موقفها وهي خارج السلطة.

مصدر وزاري يرى انه لا يمكن التكهن بما سيكون عليه موقف حركة "حماس" ليس من السلاح الفلسطيني في لبنان فحسب، بل من عملية السلام في المنطقة وكيفية تعاطيها مع اسرائيل ودول الغرب الا بعد ان تتسلم السلطة ويتم تأليف اول حكومة من الاكثرية النيابية التي فازت بها او تأليف حكومة ائتلافية اذا وافقت منظمة "فتح" على المشاركة فيها.

ويخشى المصدر نفسه ان تكوِّن السلطة الفلسطينية بزعامة "حماس" مع الحكم في طهران والحكم في سوريا مثلثا متشددا يستطيع فرض شروطه لقبول التفاوض مع اسرائيل من اجل التوصل الى سلام شامل وعادل يبرر التخلي عن السلاح المقاوم، ورفع الضغوط الاميركية والدولية عن كل من سوريا وايران، وان يكون لنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات مطالب ينبغي تحقيقها اولاً، مثل معالجة الاوضاع الاجتماعية والمعيشية والصحية في المخيمات وتأمين حق العودة، وكذلك معالجة قضايا المطلوبين في المخيمات الذين لا يخرجون منها خشية الوقوع في قبضة العدالة، والذين يقدر عددهم بنحو 300 مطلوب بين مرتكب قضايا بسيطة ومرتكب اعمالا جنائية، واصدار عفو عنهم والسماح للفلسطيني بحق التملك ومزاولة بعض المهن الحرة، وان كان بعض هذه المطالب يحتاج الى قوانين.

واذا كانت سوريا ترى في فوز "حماس" سندا قويا لها لمواجهة الضغوط التي تمارس عليها، وتعزيزا لموقعها في التفاوض حول الوضع في لبنان، اذ يصبح لها كلمتها في معالجة موضوع سلاح الفلسطينيين داخل المخيمات وخارجها، فان وحدة موقف اللبنانيين من هذا السلاح تجعل السلطة قادرة على ايجاد الحلول الملائمة له، في حين ان انقسام اللبنانيين يحول دون ايجاد هذه الحلول. وهذا يطرح سؤالاً حول موقف "حزب الله" بعد فوز حركة "حماس" وتسلمها السلطة الفلسطينية من موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان، هل يؤيد تنفيذ قرار مجلس الوزراء بنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ايا يكن موقف حركة "حماس" واعتبار مصلحة لبنان وامنه متقدمين على اي شيء آخر، ام ان الحزب يفضل التنسيق مع "حماس" وسوريا قبل اتخاذ اي موقف؟

وقد اوضح النائب وليد جنبلاط في حديث له ان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قال لوزير الاعلام غازي العريضي انه "لن يغطي السلاح الفسلطيني خارج المخيمات"، فهل لا يزال عند موقفه هذا بعد فوز حركة "حماس"؟

ويرى المصدر الوزاري من جهة اخرى، انه لا يمكن معرفة السياسة التي ستتبعها حركة حماس بعد تسلمها زمام السلطة في فلسطين حيال الصراع العربي – الاسرائيلي وحيال اتفاق اوسلو وحيال خريطة الطريق وحيال التخلي عن سلاحها. فعند معرفة هذه السياسة يصير في الامكان الاجابة عن كثير من الاسئلة، ولا سيما معرفة مدى تأثير نتائج الانتخابات الفلسطينية على نتائج الانتخابات الاسرائيلية المقبلة، وهل تخدم اليمين المتشدد ام اليمين الوسط، وهل يكون للمساعدات الدولية والتعاطي مع اسرائيل ومع دول الغرب تأثير على سياسة "حماس" بحيث تصبح مختلفة وهي في السلطة؟

والاهم من كل ذلك هو عدم موافقة دول العالم على الجمع بين المشاركة في السلطة وحمل السلاح، والجمع بين الديموقراطية والعنف كما قال وزير خارجية بريطانيا جاك سترو وان على "حماس" ان تتخلى عن السلاح بعد وصولها الى السلطة بطريقة ديموقراطية، لأنها اذا جمعت بين الامرين، فانها ستواجه مقاطعة العديد من دول العالم وقطع المساعدات عنها. فاذا تخلت "حماس" عن سلاحها وعن اعمال العنف بعدما اصبحت هي السلطة، فان هذا الموقف قد ينسحب على كل الفصائل الفسلطينية بما فيها تلك الموجودة في لبنان اذ لا يبقى لهذه الفصائل ما تتذرع به للابقاء على سلاحها عندما تكون حركة "حماس" هي البادئة بالتخلي عنه، ويصبح على "حزب الله" المشارك في السلطة ان يحذو حذو "حماس"، فلا تظل الازدواجية تجمع بين السلطة والسلاح خارج السلطة، والاحتفاظ بالذراع العسكري الى جانب الذراع السياسي والمشاركة في السلطة، لئلا يصبح من حق كل حزب مشارك في السلطة ان يقتني السلاح تحت اي ذريعة، ليصبح داخل الدولة دويلات، اذ ليس سوى قيام الدولة الواحدة الفعلية والقوية ما يحمي الجميع ويدافع عن الوطن ضد اي اعتداء.

هل يكون فوز "حماس" بالسلطة حلاً لمشكلة انتشار الاسلحة في ايدي المنظمات والاحزاب، ام يكون فوزها مشكلة لكل حل؟