عبد الرحمن تيشوري

الصين حاضرة يوميا في بيوتنا ومنازلنا ومكاتبنا وملابسنا وادواتنا االتي نستخدمها ابتداءا من ابسط السلع الاستهلاكية والعلمية وحتى التكنولوجية وانتهاءا باعقدها وباسعار تنافس السلع الاخرى جميعا وبكميات مذهلة وبجودة تتزايد با طراد كما ان الاقتصاد الصيني يحقق معدلات نمو كبيرة لا تقل عن 8% سنويا منذ اكثر من 15 عام واصبحت الصين عملاق وقوة عظمى في القرن الحادي والعشرين ومن احد اهم الاسباب التي حولت الصين الى عملاق مستيقظ ونشيط هو موضوع الانفتاح الاقتصادي والظروف التي هيئتها لجذب الاستثمارات الاجنبية والتي جعلت من الصين محط انظار المستثمرين في العالم كيف حصل ذلك ؟ لنرى

الاستثمار الاجنبي

عملت الصين على استخدام الاستثمار الاجنبي كمبدا استراتيجي حيث وصل الاستثمار الاجنبي المباشر الى اكثر من الف مليار دولار وكذلك تستخدم الصين القروض الاجنبية في مشروعات بناء كبيرة ومتوسطة وقد وافقت الصين عام 1999 على 315 الف مشروع استثماري اجنبي بقيمة تعاقدية قدرها 600 مليار دولار وبذلك اصبحت الصين ثاني اكبر مستقبل للاستثمارات في العالم بعد امريكا علما ان نصيب العرب من الاستثمار العالمي هم 1%فقط

وسائل استخدام الاستثمار الاجنبي في الصين
- توقيع قروض مختلفة بين الصين والحكومات الاجنبية والمؤسسات المالية الدولية.

- اجتذاب استثمارات اجنبية مباشرة من خلال اقامة مؤسسات استثمارية مشتركة ومؤسسات تعاون اداري ومؤسسات استثمار شخصي للتجار الاجانب.

- يتضاعف حجم الاستثمار الاجنبي في الصين بشكل دائم وكبير.

- وصل عدد الشركات العابرة للقارات التي تستثمر في الصين اكثر من 400 شركة وجاءت بصورة خاصة من امريكا واليابان ودول الاتحاد الاوربي.

- توسع محتوى وحجم الاستثمار وخاصة محتوى التكنولوجيا ومحتوى الادارة.

- توسعت مجالات الاستثمار واصبحت التجارة والاعمل المصرفية بئرة اهتمام المستثمرين الاجانب.

التسهيلات التي قدمتها الصين للمستثمرين

ان تجربة الانفتاح على العالم الخاجي في الصين هي تجربة مثيرة تستحق الدراسة والاعجاب ويمكن لنا في سورية ان نستفيد من هذه التجربة الغنية حيث تتزايد الاستثمارات الاجنبية بمعدلات سريعة وفائقة والسر في ذلك هو ان الحكومة وصلت الى مستوى عالي جدا من المرونة في التيسير على المستثمرين الاجانب الى حد يصعب معه على هؤلاء المستثمرين اذا ما اقتربوا من التجربة الصينية ان يقاوموا اغراء الاستثمار والتسهيلات هناك وبشكل عام وضعت مبادىء وسياسات اساسية لدعم وجذب وتشجيع واستخدام الاستثمار الاجنبي اهمها :
• كسب العون الاجنبي كعامل مساعد وان يكون لدى الصين قدرة على هضم وتسديد الراساميل الاجنبية.

• المثابرة في الاعتماد على الذات كعامل رئيسي.

• المثابرة على مبدا المنفعة المتبادلة وضمان حقوق ومصالح الطرفين الصيني والاجنبي.

• استيراد التقنيات المتقدمة القابلة للتطبيق في الصين.

• تطوير الفعالية الاقتصادية للرساميل الاجنبية من خلال استخدام اسلوب الادارة العلمية وزيادة اصناف المنتجات ورفع كميتها وجودتها.

• الحصول على اكبر المكاسب من اقل الاستثمارات.

• توسيع الصادرات بالعملة الصعبة.

• اعطاء معاملة تفضيلية ممتازة للاجانب الذين يشتركون في مشروعات مشتركة لا سيما في ضرائب الدخل.

• اعفاء المشروعات التقنية العالية من ضرائب الدخل.

• اعطاء افضلية في ضرائب الصناعة للمؤسسات الاستثمارية المشتركة في حال تعرضت للخسارة حيث يمكن اعفاءها من الضريبة.

• اعفاء الاجانب في المؤسسات الاستثمارية المشتركة من كافة الرسوم الجمركية والضرائب الصناعية على جميع المستوردات من خارج الصين.

• ضمان حقوق الاجانب في تسيير ادارة المؤسسات الاستثمارية المشتركة.

سياسات اضافية متعلقة بالاستثمار الخارجي والتجارة
-حققت الصين سرعة في السير صوب نظام اقتصاد السوق الاجتماعي الذي اعتمدته سورية كصيغة نهائية في اطار التوجه الاقتصادي عبر التركيز على التسهيلات للوصول اليه.

- الترويج لثقافة التصدير من خلال طائفة متنوعة ومزيج من الترويج والتسويق والاعلان والتسهيل وجذب الاستثمارات.
- التوجه الجغرافي اقامة الصين ما يسمى مناطق اقتصادية خاصة ومدن مفتوحة واتاحة هذه المناطق لاقامة صلات مع السوق العالمية وقد تميزت هذه المناطق بقدر كبير من الاستقلال الاداري في مجالات الاستثمار والتسعير وسياسات العمالة وادارة الاراضي وتقديم الحوافز والتسهيلات والاعفاءات للمستثمرين.

- التوجه القطاعي حيث اهتمت الصين بقطاعات معينة للصادرات واقامة شبكات انتاج للصادرات بهدف تنشيط صادرات المؤسسات عالية المستوى في اطار صناعات تستهدف الاحتفاظ بالنقد الاجنبي والحصول عليه
* نظام متحرر لمعاملة الاستثمارات الاجنبية من حيث سياسات التوظيف والاجور والتسعير وحرية استخدام العمال والاعفاء من الدعم الحكومي واعفاء الارباح المحولة الى الخارج من الضرائب وعدم وجود رسوم اطلاقا للانتفاع بالارض.

- اصدرت الصين اكثر من 100 قانون ولائحة اقتصادية متعلقة بالشؤون الخارجية للمستثمرين.

- وضع ضمان قانوني ودليل ارشاد للمستثمر الاجنبي.

- تم تاسيس مجموعة مصارف لتشجيع وتسهيل الاستثمار الاجنبي اهمها مصرف الاستثمار الصيني الذي هدفه جمع الاموال الاجنبية لتطوير اقتصاد الصين وكذلك الشركة الصينية للاتمان والاستثمار ومهمتها اجتذاب الاستثمارات الاجنبية واستيراد المعدات المتقدمة واساليب ادارة المؤسسات والقيام باستثمارات البناء والقيام باستثمارات داخل وخارج الصين.
تجربة الاستثمار الاجنبي في المدن الصينية
مثال مدينة شنغهاي
تعد شنغهاي قلب التجارة والصناعة في الصين وتم اقامة منطقة جديدة شرق شنغهاي تمتعت بمعاملة تفضيلية لاستثمار الاجنبي حيث ركزت الاستراتيجية في هذه المدينة على مايلي
- التركيز على مفهوم المدينة العالمية التي يتوفر فيها قاعدة صناعية وقطاعات مالية وتجارية وخدمية متقدمة والتركيز على العمالة الكثيفة والتكيف مع اليات السوق الامر الذي حول شنغهاي الى مركز الصين الاقتصادي والتجاري والتقني.

- رفع المستوى التقني للاقتصاد الصيني حيث اعطت استراتيجية شنغهاي الاولوية لتطوير التقنية المتقدمة لا سيما في مجال الدوائر الالكترونية المتكاملة واجهزة الكومبيوتر وصناعة اجهزة الاتصالات.

- تحويل المدينة الى اكبر مركز مالي في المنطقة الاسيوية حيث تضم المدينة اهم اسواق الصين المالية مثل سوق الاسهم والسندات والسلع والعملات.

- اصبحت شنغهاي راس التنين حيث يعيش فيها 350 مليون انسان في رخاء اقتصادي.

- تمثل هذه المدينة اكبر تجربة صينية في مجال تطبيق اليات السوق الظاهرة والخفية لدعم اقتصاد السوق من قبل الدولة.

- حققت استراتيجية شنغهاي نتائج مثيرة للاعجاب حيث يبلغ معدل النمو السنوي في شنغهاي 14% وتعتبر اكبر موقع تنمية في العالم في الوقت الحاضر.

كما توجد تجارب اخرى مثيرة وخاصة مدينة شي جن وهي منطقة متاخمة لهونغ كونغ وتبلغ مساحتها 2000 كم مربع وهي تنافس هونغ كونغ في كل شيء في ناطحات السحاب والمصارف والبورصات والشركات الاجنبية والاسواق التجارية والحياة المفتوحة حيث3 يقول احد المتخصصين ان نمو هذه المدينة كان اعلى نمو في العالم فهي كانت مدينة صغيرة سكانها 70 الف نسكة عام 1980 وهي اليوم 2,5 مليون نسمة وفيها ابنية برجية تصل الى 50 طابق ويتوقع المتابعون ان تنافس هذه المدينة هونغ كونغ وتسبقها في جميع المجالات.

تسهيلات اخرى في مجالات اخرى

كذلك ركزت الصين على موضوع المناطق الحرة وعلى موضوع البورصة علما ان تجربة البورصة في الصين هي تجربة حديثة لكن يرغب الصينيين الى نقل تجربة البورصة الى كل مناطق الصين كما هو الحال في مدينة شي جن حيث تسمح الحكومة وتتجه الى افتتاح مناطق حرة جديدة وبورصات جديدة وايضا هذه التجارب مثيرة للاعجاب
واخيرا نقول ان جذب الاستثمارات لا يكون بالاعفاء من الضرائب فقط حيث في سورية شرعنا الاعفاء من الضرائب لكن لم تاتي الاستثمارات الينا اذا هناك اسباب اخرى يجب البحث عنها ومراعاتها من اجل الوصول الى جذب استثمارات كبيرة وحقيقية نحن بحاجة اليها في سورية ويمكن لنا الاستفادة من التجربة الصينية في النمو الاقتصادي وفي الاستثمار الاجنبي وفي نقل التكنولوجيا حيث تعتبر هذه التجربة تجربة فريدة بين الدول النامية ونحن يمكن ان نستفيد من هذه التجربة وناخذ الدروس والعبر علما ان الاستثمارات تتجه الى امكنة في العالم يدفع فيها المستثمرين ضرائب كبيرة وما نرجوه ان تاتي الاستثمارات الينا بعد احداث هيئة الاستثمار وتعديل قانون الاستثمار والانظمة المعمول بها حاليا