أجمع المحللون السياسيون السوريون على أهمية التعديل الحكومي الذي شهدته الحكومة السورية أمس، وأكدوا أن هذا التعديل لن يمس ثوابت السياسة الخارجية السورية، ولفتوا إلى بقاء كامل الفريق الاقتصادي على رأس عمله. ورفض المحللون القول إن تعيين فاروق الشرع نائباً لرئيس الجمهورية يعطيه الحصانة اللازمة أمام عمل لجنة التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، مشددين على التعاون الكامل للمسؤولين السوريين مع اللجنة في أي منصب يشغلونه.

«الشرق» استطلعت أراء المحللين السياسيين التي جاءت على النحو التالي:

الدكتور أحمد الحاج علي الكاتب والمحلل السياسي قال: مجمل التعديلات كانت ضرورية ومتوقعة لا سيما بعد انتهاء أعمال المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث منتصف العام الماضي، فهي إذاً طبيعية جداً وستسهم في الاندفاع بقوة نحو الأمام، وتمت على قاعدة التماثل والوحدة في جميع الاتجاهات وكل الوزارات ستمضي في نسق واحد، وتسير في عملها بعيداً عن الروتين والبيروقراطية، ما ينعكس إيجاباً على الوضع الداخلي والخارجي.

ورأى الحاج علي أن التعديلات ارتكزت على قواعد أساسية أهمها تعميق منهج التطوير والتحديث مع الإبقاء على الثوابت وتفعيل هذا الاتجاه، وزيادة فاعلية العمل الاقتصادي والخدمي بما يلبي حاجة المواطن، وإيلاء أهمية كبرى للعمل السياسي والخطاب الإعلامي الذي عانى من ثغرات ونقص في الوصول إلى المتلقي، وعاني من فشل في التعبير عن مواقفنا، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيتم تلافيه من خلال تعيين السيد فاروق الشرع نائباً للرئيس حيث كُلِف بمهمتين هما مهمة سياسية خارجية ومهمة إعلامية، فتخصيص المهام السياسية والإعلامية يأتي لتعميق الحالة واستكمال دور هذا الموقع لحمل أمانة السياسة الخارجية والإعلامية.

وقال الحاج علي: سنشهد تغييرات واضحة تعطي مدلولات هامة فيما يتصل بالخطاب الإعلامي وتفعيله وإشراك القطاع الخاص فيه والرأي والرأي الآخر وتفعيل الحالة الإعلامية والسياسية، معتبراً أن وجود تماس مباشر مع الرئيس بشار الأسد يوحي بأن القضية مهمة جداً وستأخذ أبعاداً جديدة بحيث لا يكون الإعلام انفعالاً وعابراً، ونتخلص من سلبيات الإعلام.

وحول تعيين فاروق الشرع نائباً لرئيس الجمهورية قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحاج علي: هذا التعيين هو الحالة الأكثر طبيعية وانسجاماً والأمر كان مطروحاً منذ أشهر طويلة وكان لا بد من شخص مناسب لمنصب نائب الرئيس يكون مضطلعاً بالمهام السياسية.

وأضاف: السيد فاروق الشرع خبير وعاصر بناء النظام السياسي ودخل كل المعتركات السياسية المتعلقة بالقضايا الكبرى كالصراع العربي الإسرائيلي وعملية السلام ومؤتمرات القمة وغيرها، وهو يمتلك فاعلية وحيوية وقدرة كبيرة على التعامل مع الآخرين.

وذكَّر الحاج علي بأن موقع نائب الرئيس اهتز مرتين: الأولى في الثمانينيات عندما شغله رفعت الأسد، ومؤخراً على يد عبد الحليم خدام.

ورفض الحاج علي وجود أي علاقة بين التحقيق في جريمة اغتيال الحريري أو أي أمر آخر بتعيين الشرع في منصبه الجديدن مؤكداً أن هذا التعيين هو الأمر الطبيعي والمنهج الطبيعي.

عضو مجلس الشعب والمفكر السياسي الدكتور جورج جبور شارك الحاج علي الرأي بأن التعديل الحكومي كان متوقعاً منذ فترة، ورأى فيه تجسيداً للاتجاهات العامة التي يتبناها الرئيس بشار الأسد والي تقول بأن الجيد يبقى وغيره يذهب، مستنتجاً أنه ليس هناك تغيير حقيقي في روحيه الفريق الوزاري ككل أو في روحية فريق السياسة الخارجية بشكل خاص.

أو الفريق الاقتصادي الذي بقي على حاله كاملاً. ولاحظ جبور أن وتيرة التغييرات الوزارية التي تجري في عهد الرئيس بشار الأسد أعلى من تلك التي جرت في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، مؤكداً أن تواصل التغيير أمر مفيد لأن بعض الوزراء أثبتوا أنهم ليسوا على مستوى المهمة الموكلة، وأن تجديد الوزارة أمر هام لضخ دماء جديدة وأفكار جديدة.

ونوه الدكتور جبور إلى أن التشكيلة الجديدة فيها ثلاث مسؤولين من الشؤون الخارجية:

نائب الرئيس ووزير الخارجية ومنصب نائب الوزير الذي أحدث مؤخراً وشغله المعلم وانتقل منه إلى الوزارة، مضيفاً: هذا التشكيل أتى أيضاً بثلاثة سفراء وجعلهم أعضاء في الحكومة، فكأنه أصبح لدينا عدد من الوزراء المعنيين مباشرة بالشؤون الخارجية.

واشار جبور إلى أن وزارتي الإعلام والثقافة لهما امتداد خارجي هام جداً. ولهما تأثيراتهما في سياسات الدولة الخارجية.

وعن دخول أحزاب جديدة ضمن التشكيلة الوزارية قال: هناك حزب في سورية هو الأعرق تنظيماً تجاوز عمره سبعين عاماًً وهو يمثل لأول مرة في وزارة سورية وهو الحزب القومي السوري الاجتماعي.

وحول منصب الشرع الجديد قال جبور: السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية تمتع بلقب وزير منذ عام 1980 عندما كان وزير دولة للشؤون الخارجية، ومنذ عام 1984 أصبح وزيراً للخارجية. ما يعني أننه أمضى 25 في معالجة الشؤون الخارجية.

واعتبر جبور أن التعيين الجديد للشرع يحمل معنى لتقديره وتقدير جهوده عبر السنوات الطويلة، حيث جاء تتويج هذا الأمر بترفيعه لمنصب نائب الرئيس الجمهورية.

وعن تفويض نائب الرئيس الجديد فاروق الشرع بشؤون السياسة والإعلام قال الدكتور جبور: ربط الإعلام بالخارجية وجعلهما تحت تصرف نائب رئيس الجمهورية هو أمر قديم لكن لم يكن يُعلن عنه، والآن أصبح هذا الأمر من واجبات نائب رئيس الجمهورية بشكل معلن ومنصوص عليه في مرسوم التعيين وتمت قوننته.

ورفض جبور بشكل قاطع الرأي الذي يقول إن ترقيه فاروق الشرع جاء بهدف تحصينه من لجنة التحقيق، مؤكداً ومشدداً على أن أي مسؤول سياسي يكون محصناً برضى الشعب عنه