أنور بيجو

لماذا يهاجمك فجأة ، مفهوم المطلق والنسبي ؟؟؟ ... لماذا تشعر فجأة أن الحياة لا قيمة لها ؟؟؟ ... لماذا تشعر بلحظة واحدة أنك لا تستحق لا الحياة ، ولا تستحقّ حتى بعضاً منها ؟؟؟ ... تشعر أن النسبي كذبة كبيرة ، أنه آلة مدمّرة صنّعت خصّيصاً للشعوب الضعيفة لتسهّل وبأسرع وقت ، الانزلاق بها إلى الحضيض ، بل إلى قاع القاع ؟؟؟ ..

حين تقرأ عبارة لمفكر يقول (( إن الحياة كلها وقفة عزّ فقط .. )) ، ألا تتساءل : هل هذا مفكر حقاً ؟؟ أم أنه قائد يستخدم سحر العبارات المطلقة ، ليحفّز بها من يقودهم ؟؟ .. بينما الحياة هي مجموعة مفاهيم ومواقف نسبية ؟؟؟ ...

.... لكن ، حين تشاهد أفراد الأمن والشرطة الفلسطينية الذين يحرسون سجن أريحا ، تشاهدهم وعلى الهواء مباشرة ، يخلعون ثيابهم حتى ما قبل القطعة الأخيرة .... ألا تتذكر سجن ( أبو غريب ) ؟؟ ... ألا تتذكر محمد درة ؟؟ ... ألا تتذكر دير ياسين ؟؟؟ ... ألا تتذكر صبرا وشاتيلا ؟؟ ... ألا تتذكر قانا ؟؟ ألا تتذكّر صلب المسيح ؟؟ .. ألا تتذكر ( كاريكاتير ) الرسول ؟؟ ألا تتذكر ..... ؟؟ .... ألا تشعر أنه لو كان المطلق هو سيد الموقف ، لسهّل عليك الحياة ؟؟ وأنه لو بقي النسبيّ سيّد الموقف ، لسهّل عليك العيش ، بل قبول الذلّ حتّى الموت ؟؟.

أليست حقيقة كل هذه المشاهد ، هي حفل تعري ، مطلق التعري ، يبدأ من روحك ولا ينتهي في مؤتمرات القمم ؟؟ ألا تتمنّى أن ترى حقيقة المشهد ، بأن تستبدل وجوه أولئك الجنود المساكين ، الخارجين من سجن أريحا بزفة تعري ، بوجوه أصحاب السيادة والجلالة والعظمة والسمو ؟؟ .. أليس مشهداً حقيقياً رائعاً أن ترى مؤتمر قمّة بالـ ( كلسون ) ؟؟؟ .. أو حتى بدونه ؟؟ هل جرى هذا المشهد مع صدّام حسين ، أم أنني أتخيل هذا ، أم أنني أتمنّاه ؟؟

لماذا لم يستشهد ( سعادات ) قائد ( الجبهة الشعبية ) ؟؟ وإن لم تسنح له الفرصة ، لماذا لم ينتحر ، فيحلّ الخلاف اللغوي بين الانتحاري والاستشهادي ، لو لمرة واحدة ؟؟

أعتقد أن للمطلق زمن ، وللنسبي زمن آخر ، وهما زمنان لا يجتمعان .
أعتقد أننا ومنذ زمن بعيد ، في زمن المطلق ، لكننا نعيش في النسبيّ ... في ذلّ لم يكتب التاريخ مثيلاً له !!!

أعتقد أنه ليس قائداً وسياسياً فقط ، بل هو مؤسس للتفكير ، فاستبدال زمن بزمن آخر ، استبدال المطلق بالنسبي أو العكس ، هو خروج من الحياة .