ما الذي يمكن أن يعنيه احتفالنا السنوي بيوم المسرح العالمي؟ سؤال طالما طُرِح من قبل المسرحيين من جهة، والمتابعين للنشاطات والعروض المسرحية من جهة أخرى، دون أن يجدوا الجواب الشافي عليه.. والواقع أننا في هذه العجالة لن ندعي القدرة على إيجاد جواب مناسب لهذا التساؤل، وحسبنا أن نشير إلى أن احتفالنا السنوي بيوم المسرح العالمي يأتي تتويجاً لجهود عام كامل يبذل فيه المسرحيون ما استطاعوا من الجهد لرفد مسرحهم بالأعمال والتجارب التي تشكل بتراكمها صورة مسرحنا السوري المعاصر، كما يأتي كشكل من أشكال مشاركة زملاء الهم المسرحي الممتدين من أدنى الأرض إلى أقصاها فرحتهم بعيدهم، وهم ونحن تجمعنا واحدة من أكثر النشاطات البشرية رقياً ونبلاً

والحديث عن الرقي والنبل يقودنا إلى الحديث بشكل مباشر عن أخلاقيات الفنان المسرحي.. كيف لا والرقي والنبل هما الصفتان اللتان لا يمكن إلا أن تكونا من طبيعة رجل المسرح الحقيقي الذي يتعامل مع فن المسرح كفن له قدسيته، لا يجوز انتهاكها بحال من الأحوال، وهذه القدسية لا علاقة لها بفرائض معينة أو شعائر تقام في مناسبات محددة أو طقوس متكررة وغير ذات جدوى، بل هي متعلقة بسلوك يومي تجاه شركاء العمل الفني.. وهل هناك فن أكثر تعبيراً من المسرح عن فكرة الجماعية في الممارسة والتحضير والإيصال وحصد النجاح؟

إن احتفالنا في كل عام بيوم المسرح العالمي لا يجب أن يدفع إلى الاعتقاد أن مسرحنا بخير عميم، أو أن مسرحيينا بحالة مثلى من التألق والاندفاع، بل يجب أن يشكل باستمرار حالة من حالات مراجعة النفس والوقوف لا عند ما تحقق فحسب، بل والأهم من ذلك الوقوف عند ما لم يتحقق للبحث عن الأسباب الكامنة وراء عدم تحقيقه على أرض الواقع .

إن أكثر ما يسبب الإحباط عند العاملين في مجال المسرح من كتّاب ومخرجين وممثلين ونقاد وفنيين هو ذاك الإحساس الذي قد يتشكل نتيجة ظرف من الظروف والمتمثل بالوصول إلى قناعة مفادها أن كل الجهود المبذولة لا تساوي شيئاً أمام لحظة جهل (أو لحظة سوء تقدير في أخف الحالات وطأة) فالكاتب لن يستمر بالعطاء إذا حاول مدٍّع عرقلة مسيرته، والمخرج لن يستمر بالعطاء إذا لم يُكافأ بما يستحق، والممثل لن يستمر بالعطاء إذا ما حورب أو أقصي، والناقد لن يستمر بالعطاء إذا تنكر له الجميع.. إن أهم شرط من شروط الإبداع المسرحي هو توفر الأجواء الصحية المناسبة لتكريس حالة من الإبداع لا تكون طارئة أو موسمية، بل متجذرة وراسخة بحيث تصبح صنواً للعامل في مجال المسرح، تفارقه إن فارقه ظله .