رامي عمران

المتجول في لهاث دمشق تقتحمه الشوارع المتخمة بالأعياد والتراث والجماعات والهواجس، طقوسا وزينة ولافتات. حيث لا ينجلي إلا الازدحام لونا اجتماعيا دامغا، تطفو بوضوح على إدعاء براءته ملامح الفرز والتناقض.

نيسان الذي يأتي معنونا بأعياد الطوائف والأديان احتفالا وبهرجة وحتى تنافسا. يحمل اليوم العيد الستين لميلاد سورية الجمهورية. العيد الذي لا يبدو أنه استطاع أن ينجز تراثه في الثقافة الاجتماعية فخسر أمام سطوة الازدحام.

في عمر الستين، فشلت قيم الجمهورية في أن تشكل تراثا اجتماعيا منافسا لتراث جماعاتها. فيوم العطلة الرسمية لم يرسم في المجتمع صورة ذهنية لمناسبة نشوء فكرة الدولة التي تحمي غنى تنوع مكوناتها وتشرعن حق الاختلاف تحت سقف مواطنتها.

هل يشهد شهر نيسان اليوم علامة فجة للعودة – نفسيا على الأقل – إلى ما قبل الجمهورية؟

هل طرح العلم الذي داهم الصورة البصرية فجأة، سؤالا عن مدى غيابه عن ثقافة المجتمع. فالمجتمع حين احتاج رمزا جامعا تطلب الأمر حملة وطنية لتشرح لنا كيف نرفع العلم فلا نهتف له ونحن نحمله مقلوبا.

أليس إعادة غرس قيم الجمهورية الجامعة ابتداء برموزها (علمها، ونشأتها) ضرورة ملحة في الوقت الذي تحتل رموز الجماعات – منفردة- كامل مساحاتنا البصرية والنفسية وحتى الذهنية.

أسئلة برسم الغد الذي نراه حصة لمجتمعنا في العالم المعاصر. لا تحاصصا لجماعاتنا على مرجعية امتلاك الأمس دون أرق صناعة المستقبل.