نزار صباغ

تعلمنا من خلال وسائل الإعلام الرسمية واللافتات القماشية الملونة والتي جرت العادة أن تزرع بكثافة في مناسبات محددة ، بأن يوم الخامس من حزيران قد أصبح يوماً عالمياً للبيئة ، نحتفل به سنوياً وبشكل رسمي بنشاطات عملية متنوعة وبإقامة ندوات أو محاضرات أو مؤتمرات أو جميعها معاً في اليوم المذكور ، تنتشر في عموم المحافظات وتتمحور كلها حول مواضيع بيئية تحت رعاية وبافتتاح من "القيادات السياسية والإدارية" المحلية ... فنراهم دائماً في بذاتهم الرسمية ، متصدرين جميع النشاطات المتنوعة وبخاصة في الصور التي تنشرها الصحافة المحلية الرسمية الموظفة ، جالسين في الصفوف الأولى مالئين مقاعدها والصفان اللاحقان مع "الطاقم العامل" متابعين لكلمات التقديم الترحيبية ، مصفقين بحرارة وحيوية عند كل اسم ثم خلف المنصات ملقين للكلمات التوجيهية ...

ونراهم أيضاً عجولين لمتابعة متطلبات واجبات الرعاية والافتتاح لكل النشاطات التي وافقوا عليها بمناسبة يوم البيئة ، فيفتتحون مؤتمراً أو ندوة هنا في الجانب الأيمن من المدينة ، ثم يفتتحون محاضرة هناك في الجانب الأيسر منها ، ثم إلى الخارج لنشاط آخر ثم عودة إلى الداخل لجمع ما تم وضعه ظاهرياً من مخلفات وأوراق تذكيراً لنا جميعاً بمحاربتهم للفساد ، ثم لالتقاط الصور بابتسامة مع أطفال الطلائع بعد الانتهاء من الجمع بالأيدي العارية بوضعية القرفصاء تأكيداً عملياً منهم للجميع بمقدار اهتمامهم بسلامة الأطفال وصحة الإنسان وتعويد النشء الجديد على القواعد والأمور الصحيحة .

ورغم كل أعباء ومشاكل الاحتفال بيوم البيئة ، ومشاغله وواجباته ... لا يفوتهم التذكير بأن "العولمة الشريرة" قد نجحت في اعتماد تاريخ الخامس من حزيران يوماً عالمياً للبيئة بهدف تغييب ذكرى "النكسة" من أذهان الأمة العربية من المحيط إلى الخليج ( فاتتهم جزر القمر) ، وأننا رغماً عن انف هذه المؤامرة الجديدة من قوى العولمة الشريرة – وكأن العالم كله يتآمر علينا - ، لم .. ولن .. وسوف لن .. وسَ لن .. ننسى المؤامرة الأولى ، رغم موافقتنا على قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية باعتماد الخامس من حزيران يوماً للبيئة .

ولأن الأعباء والمشاغل والتغطيات والاجتماعات واللقاءات والخطابات والافتتاحات والكلمات "التوجيهية" والزيارات الميدانية والأعمال التشاركية بأنواعها المختلفة تطبيقاً للنهج الجديد المعتمد في الخطة الخمسية الجديدة ...... كثيرة وكثيرة . تراهم دائماً يعملون ولا يعملون ، يُسـمِعون ولا يَسـمَعون ، يتفوهون دون أن يناقشون ، يرددون كلمات وتعابير حديثة : كالقيم الجديدة ، والتنمية المستدامة والتنمية في الموارد البشرية والتشاركية ، ويجيبون دائماً بحلول جاهزة عن المشكلات البيئية تتضمن الإعلام عن توجيهاتهم للجهات المختلفة ومتابعاتهم للمشاكل العالقة وتصحيحهم للكثير من المفاهيم الخاطئة عن الأسباب التي نجم عنها الضرر للإنسان ... وبخاصة فيما يتعلق بمشاكل التلوث الناجمة عن المنشآت والمعامل الصناعية الحكومية مع تركيزهم على أنها السبيل الأنجع الذي لا ولن يسبب أي أذى للإنسان والبيئة.

وتراهم في نهاية النهار ... مستعجلون عجولون متعجلون لإكمال الواجبات قبل .. تناول طعام العشاء .

وإلى يوم بيئي آخر وكلمات توجيهية أخرى ... وتذكير آخر