ليس عبثا أن نبحث عن "الإدانة" من الخارج، لأننا مقتنعون بعدم شرعية ما بداخلنا، فلو أدان مجلس الأمن مجزرة قانا هل سنحصل على الحقيقة لنكتشف ما يمكن أن نبدعه أو نقدمه!! أم أننا سنبحث من جديد عن شرعية تتيح لنا على الأقل عدم اعتبار غضبنا "حرام"، وتنقلنا على مساحات من الفناء "حلال" نقترفه لأننا رعية وكفى ...

"الإدانة" ستقدم لنا حرية للنظر إلى المقاومة على أنها من داخلنا، أما قبل ذلك فالمسألة متعلقة بوجهات نظر فقهية أحيانا وسياسية أحيانا أخرى. و "الإدانة" ستعيد كتابة البيانات الحزبية والرسمية والمعارضة لأننا نملك صك براءة قادر على حمايتنا من "المعاداة ضد السامية" أو مخالفة قوانين الإرهاب.

وفوق جثث الأطفال كنا ننتظر "رؤية" دولية تسعف الشفاه على النطق، وربما تترك القلب يتوقف لأن الثمن الذي ندفعه أكثر من باهظ، فهو مستقبل حقيقي كان ينتظر الجميع، لكنه مسدود منذ أزمنة سحيقة ببحثنا عن الشرعية والقوانين الدولية وربما بصور المجزر المسافرة من جحيم الماضي نحو حاضرنا.

ولأن "الإدانة" ستكون بداية "الحل السياسي"، فإن "القرار" الرئاسي لمجلس الأمن يغرينا أكثر في التعمق بـ"الشرعية" المفقودة في حياتنا، فجون بولتون خليفة جديد قادر على توزيع إمارته كيفما يشاء، أو هذا على الأقل ما نحن مؤمنون به، مثل إيماننا بالقضاء والقدر وبأن الموت محتوم فلماذا ينتظر الأطفال في دور طويل، وهناك وسيلة أسرع للقاء ربهم.

والمسألة ليست غضبا لكنها بالفعل "شرعية" أقنعنا أنفسنا أننا فقدناها وعلينا اكتسابها كل لحظة لأن سطوة "الآخر" لم نفهم منها إلى انعكاسا لتراثنا بأننا رعية ومهما يكن الأمر فإن "الفتنة أشد من القتل" ... فليكن الموت هو ثمن درء الفتنة مادامت حقوقنا موجودة عند سادة البيت الأبيض أحيانا أو أمراء التاريخ في مغاور أفغانستان ... لكن الطرفين يملكان امتدادا بالصوت والصورة داخل عقلنا لذلك فنحن نبحث عن الشرعية.

ربما يذكرنا التعقل الحالي تجاه "المجازر" بعقلانية المماليك أحيانا، أو بتاريخ الخوف منذ ظهور الدول الإقليمية ... فبعد أكثر من نصف قرن لا يحق لنا سوى الاستغراب من سطوة القتل التي تمارسها "إسرائيل"، رغم أن السلام يرفرف على قلوبنا بعد أن أودعناه "الشرعية" المفقودة ...

ما ينقص حزب الله هو "بحثنا عن الشرعية" لأننا لا نستطيع تأمين "غطاء سياسي" دونها .. لذلك فإن "الإدانة" لمجزرة قانا كانت الهدية التي سنقدمها للأطفال الذين سقطوا ... ولكن إذا حاولنا خرق مفهوم "شرعنة" وجودنا فهل يحق لنا أن نسأل لماذا لا نبحث عما فقدناه في داخلنا أولا؟!!!