الرئيس سليم الحص: رئيس وزراء لبنان الأسبق

هنا نص النداء:
<صاحب الجلالة، صاحب السمو، صاحب السيادة، صاحب الفخامة، حفظكم الله للألقاب الفارغة، حفظكم الله للمناصب الزائلة. أمام ما نواجه في لبنان من مآس وفواجع كدنا ننسى أنكم موجودون. إنكم تشهدون بأم العين الأطفال يسقطون تحت نيران العدو الهمجي، وكذلك النساء والشيوخ والعجزة، ولا تبدون حراكاً.
سمعنا منكم لوماً على أسر جنديين إسرائيليين، أمّا ما كنا دوماً، كل يوم، نتعرض له من اعتداءات إسرائيلية، فلم يكن يلقى منكم أي اعتراض أو احتجاج أو تحرك. أمّا أن تكون أرض لبنانية ترزح تحت الإحتلال خلافاً لقرارات الشرعية الدولية فلا يعنيكم. أمّا أن يكون في معتقلات العدو أسرى لبنانيون فلا يستحق منكم التفاتة. <حزب الله> أسر جنديين على أمل مبادلتهما بأسرى لبنانيين. لو استجابت إسرائيل لما كان كل ما كان من إبادة ودمار في بلدي لبنان. وإسرائيل لها تاريخ طويل في مبادلة الأسرى بالأسرى والأسرى بجثث. كانت عمليات تبادل مع لبنانيين ومع فلسطينيين.
أنتم لا تكلفون أنفسكم عناء التساؤل: لماذا يا ترى أجازت إسرائيل التبادل مرات وحرمت التبادل هذه المرة فقط؟ ألا يوحي هذا إليكم يا أصحاب العروش والقصور والدواوين أن أسر الجنديين لم يكن سوى ذريعة مكشوفة، ولو لم تكن لاختلقت إسرائيل سواها، فتدمير لبنان وإبادة شعبه هو مشروع مبيت ومعد مسبقاً بالإتفاق بين العدو الأصغر إسرائيل والعدو الأكبر الإدارة الأميركية، ولا نقول الشعب الأميركي الذي نحن على يقين أنه ما كان يجيز ما ينفذ من جرائم ضد الإنسانية على أرض لبنان لو كان على علم بها.
كدنا ننسى وجودكم أيها الحكام العرب لو لم يذكرنا بكم إيهود أولمرت، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، إذ قال ما حرفيته في 1/8/2006: <إنه يرحب بالدعم الدولي غير المسبوق وبمساندة الدول العربية التي اتخذت للمرة الأولى في إطار مواجهة عسكرية بيننا وبين عرب، موقفاً ضد منظمة عربية>. وكان هذا الوحش المسعور قد ذكر في الأيام الأولى من هذه الحرب الطاحنة، هذه الحرب التي تطحن الإنسان في بلدنا وكل معالم الحياة، أن أحدكم أيها الحكام العرب كتب إليه يشجعه على عدم التوقف حتى القضاء علينا.
أنتم جبناء إذ تأخذون بمبدأ <الحق للقوة>، وكان يجب أن تدركوا من واقع تجاربكم مع العدو الغاصب أن هذا المبدأ إنما يعني أن الحكم هو للقوة ولا مكان للحق، أنتم جبناء، فلا تتجرأون على عدم الإمتثال لأوامر، لا بل لإملاءات، الدولة العظمى، فهي لم تسمح لحكامنا في لبنان بتقديم شكوى ضد إسرائيل على كل اعتداءاتها علينا، ولا حتى على شبكات التجسس التي زرعتها في أرضنا فارتكبت أبشع الجرائم. وهي لم تسمح لكم بمطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار بوقف إطلاق النار ووضع حد للمجازر التي ترتكبها إسرائيل، ربيبة الدولة العظمى وشريكتها في جرائمها في حق الإنسانية. لا بل لم تسمح لكم بعقد مؤتمر قمة للإعراب عن وقوف الأمة إلى جانب لبنان في محنته واتخاذ ما ينبغي من خطوات عملية وجدية لنجدته وإنقاذه.
أنتم جبناء. ونحن إذ نطلق عليكم هذا الوصف إنما نتوخى أن ندرأ عنكم نعوتاً أخرى يكيلها آخرون إذ يتهمونكم بدعم العدوان أو التواطؤ معه.
كفرنا، في غمرة المحنة التي تلفنا، بالقيم الحضارية والإنسانية التي تتشدق بها الدولة العظمى، إذ تتغنى بالحرية والديموقراطية والعدالة وسائر حقوق الإنسان. محنتنا أبلغ شاهد على زيف هذه القيم التي باتت مجوفة من معانيها. ولكننا مهما فعلتم، كيفما تصرفتم، مهما تخاذلتم، مهما تواطأتم، فلن نكفر بعروبتنا. فالعروبة تبقى أعز القيم على أنفسنا. والعروبة هي هدف المشروع الذي تتبناه القوة العظمى التي ترهبون والتي تدينون لها بالولاء لا بل بالطاعة العمياء. ما يسمى الشرق الأوسط الجديد إنما يرمي إلى القضاء على العروبة نهائياً وتسليط إسرائيل على المنطقة بأسرها.
وأنتم، في تخليكم عن لبنان في محنته، شركاء في هذا المشروع المشؤوم. سامحكم الله، لا بل هداكم الله. حكم التاريخ لا يرحم، وكذلك حكم الشعوب. ستندمون ولات ساعة مندم>.

سليم الحص