بعيدا... وبعيدا جدا عن معناها اللغوي المعجمي، ابتدأت الثقافة ولم تزل تحاول الاستمرار لجعل الحياة الجماعية أكثر أمانا، فالثقافة هي الضمان الوحيد لعلاقة عاقلة بين افراد المجتمع وجماعاته، ولديها الحلول السلمية العقلانية بل والارتقائية لانسجام المجتمع مع وفي ذاته، ومع وفي المحيط كمشاركة حضارية لا بد منها لاستمرار الجنس البشري، ليس في حالة عيش فقط بل بأمان وفرح واكتفاء.

من هنا ظهرت الآراء والافكار التي تريد للحياة ان تكون أكثر ثقافة، أي أكثر أمانا وفرحا وارتقاء، ومن هنا يمكننا النظر الى دمشق التي عليها ان تمثل الافكار الراقية في الثقافة ( العربية ) وتطلقها في احتفاليتها القادمة ؟.

في الواقع هل يمكن لدمشق أن تمثل ثقافة ناتجة ومنتجة للعنف ؟ وهي المحاطة به من جميع الجهات الثقافية؟ في الواقع هل يمكننا ان نمثل الثقافة العراقية أو اللبنانية الحالية كثقافة (عربية) على سبيل المثال.. لأننا مخنوقين بثقافة ضيقة تطعن نجيب محفوظ، وتقوم بجرائم الشرف! وتناقش حتى اليوم شرعية ترقيع غشاء البكارة، وترفض الاندماج في المغتربات، وتختلق النزعات بين الاتنيات، وتقوم بمذابح لا يعرف أحد لها سببا.. تخطف اجانب.. تقتل سياح الخ الخ … لا يمكن لدمشق ان تمثل مثل هذه ثقافة ولا أن تكون عاصمتها، لأن هكذا ثقافة وببساطة هي عكس الأمان. اذا ماهي الثقافة المشتهاة التي ترنو دمشق لتمثلها وتمثيلها … الماضي … الحاضر … المستقبل ؟

سؤال ليس برسم اللجنة المنظمة .. انه برسم شغيلة الثقافة ..الذين ربما اتعظوا من منتجات الثقافة الماضية والتي أنتجت كل هذا العنف، ان كان في بيروت التي عودونا انها مركز البيرالية في العالم العربي ، أو في بغداد مركز الحزن العربي الشفيف … كذبات ثقافية صغيرة أدت الى كوارث.

ربما كانت هذه الاحتفالية مناسبة لإعادة النظر بثقافتنا كل ثقافتنا … (من دون شجاعة) ولكن دون حنق أو عداوات .. فالثقافة الناتجة من استعداء المختلف هي ثقافة عدوة … وربما كانت مدمرة …