في أكثر المرات التي يتم بها تناول الحداثة كنمط اداء بشري، يتم التعريج على المحلية والخصوصية والذاكرة وضرورة الحفاظ عليها ، لتبدو مسألة الحداثة على تناقض مع كل هتيك المسميات المتوفرة في اي مجتمع وفي كل مجتمع وفي أي زمن وفي كل زمن ، ولنبدو نحن وكأننا نصنع عذرا أو كفارة لمن اراد ان يأخذ بالحداثة على اساس أن الموضوع اختياري ولنا في ذلك أكثر من خيار..

ربما نستطيع حتى معاقبة الحداثة اذا قللت الادب فنلجأ الى المحلية والخصوصية والذاكرة نكاية بها، على اساس انها ترجونا على كل مفترق ان نترك ضرايرها ونلتحق بمخدعها لتؤمن لنا المتعة والفرفشة … وكأن الانسان القديم تخلى عن محليته وذاكرته عندما انتقل من ماضي الكهوف الى حداثة بناء المساكن أو من ثقافة الالتقاط الى ثقافة الزراعة الخ الخ ..

لذا نرى من يقاربون الحداثة ومواضيعها يتسلحون بشعارات المحليةوالخصوصية والذاكرة ويدافعون عن حاجتنا الى الحداثة لأنها ليست ضد هذه الشعارات وليس من باب انها حاجتنا … حاجتنا للعيش والاستمرار، وهذه الشعارات هي خارج الموضوع ، فلن يرسم فنان لوحة من بنات افكار الارجنتين ، ولن يكتب شاعر قصيدة بدلا عن اراغون ، ولن نسخن في الميكروويف المطبوخات الاوربية ، فما لدينا هو ما لدينا ومنه سوف ننطلق في التطوير والارتقاء ، والخوف ان لا نكون متميزون هو ايضا فوبيا لا مكان لها اللهم الا اذا اعتبرنا اننا فوق مستوى الآخرين، وهي عنصرية فاقعة، فالانتقال من مرحلة الى اخرى هي كصعود السلم علينا ان نترك درجة للألتحاق باخرى ، والدرجة السابقة سوف تظل في السلم الى ما شاء الله .

الحداثة وما بعدها مراحل حضارية يجب الالتحاق بها ، كما يترك البني آدم رحم امه وطفولته وشبابه … لا تخافوا فلن ( يخربط ) احد بيننا وبين الماني او ياباني أو دنمركي … فلكل خصوصيته فعلا وليس قولا وأقولا .. وهو الفارق الاساسي بين ضياع الخصوصية والحفاظ عليها .. فاذا كنا واثقين من خصوصيتنا ونرفع رأسنا بها عملا وليس اقولا ولا شعارات .. فلنتفضل الى الانتاج … بلا خوف او فوبيا