(كيت دايتون) جنرال أمريكي يعمل منسقاً للشؤون الأمنية بين السلطة الفلسطينية والسلطات الأمنية الإسرائيلية، وقبل أن يُعهد إليه بعمله هذا، بعد الخروج الإسرائيلي من قطاع غزة تنفيذاً لخطة (فك الارتباط)، التي تنتسب لواضعها أرئيل شارون، في أيلول 2005، كان يشغل منصب المستشار الأمني لوزارة الخارجية الأمريكية.
شأن (دايتون) كشأن من سبقوه من المبعوثين الأمريكيين بدءاً من جورج ميتشيل، صاحب التسوية الشهير للمسألة الإيرلندية، ومروراً بـ(زيني)، فرئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جورج تينيت، فقد وضع كل منهم خطة تحمل بصماته، والتي تبدأ بنزع سلاح المقاومة، أو تنتهي إليها. هذه النتيجة تركها دايتون لغيره تنفيذاً، وإن كانت بالاستنتاج تقود خطته إلى هذه المحصلة.

في خطة دايتون ترى الولايات المتحدة تقوية لحرس الرئاسة الفلسطينية الخاضع لإمرة الرئيس محمود عباس. ويبلغ عديد هذه القوة نحو ثلاثة آلاف رجل منتشرين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ووفقاً لخطة دايتون سيكون هؤلاء مسؤولين عن تنفيذ المهام التالية: حماية السيد عباس، ومنشآت الرئاسة، وحماية ضيوف السيد عباس، وكذلك المنشآت الأجنبية مثل المدرسة الأمريكية في غزة، وحماية النظام العام (وهو مصطلح مطاطي يتسع لكل ما قد يعتبر أنه إخلال بالنظام العام بدءاً من قذف الحجر، ومروراً بأي تجمع يزيد على ثلاثة حسب قوانين الطوارئ البريطانية) إضافة إلى حماية معبري رفح وما يطلق عليه (معبر كارني) في شمال شرق القطاع.

وحسب خطة دايتون، كما نشرتها الصحافة الإسرائيلية التي قالت إنها حظيت بموافقة إيهود أولمرت فإن على (الإدارة الأمريكية) المساعدة على إقامة مكتب جديد لمستشار رئيس السلطة للأمن القومي السيد محمد دحلان الذي سيتولى (إجراء الإصلاحات الأمنية والإشراف على القوى التابعة للسيد عباس).
ولأجل تنفيذ الخطة التي تقضي بـ(خفض عدد الحواجز العسكرية الإسرائيلية على الطرق مقابل وقف المقاومة) سارع الكونغرس الأمريكي إلى الموافقة على مبلغ 59 مليون دولار.

وفيما رفضت (حماس) الأخذ بالخطة التي وصفتها بأنها وصفة سريعة لإثارة الفتنة بين الفلسطينيين، ما يضع اتفاق مكة في مهب الريح، خاصة أنها تدعو إلى نشر القوات التابعة لحركة (فتح) بحلول منتصف حزيران القادم لوقف عمليات إطلاق الصواريخ وتهريب السلاح إلى القطاع. أعلن مساعدون للسيد عباس استعداده للعمل بالخطة لكن مع بعض التعديلات (الحياة 7/5/2007).

وفي الشق السياسي للخطة فإنه يتعين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في خريف هذا العام بعد (تأمين المستلزمات القانونية والإدارية اللازمة للرئيس كي يحكم ويزيد مصداقيته وشرعيته) على أن يترافق هذا الإجراء بخطوات (اقتصادية مباشرة) ينفذها مكتب الرئاسة وحركة (فتح).
ويتعلق جزء مهم من الخطة بإعادة تنظيم الحركة التي يتزعمها السيد عباس، بانتخاب لجنة مركزية جديدة تقوي (الحرس الجديد).

وتزامن الحديث عن خطة دايتون مع نشر عناصر من (الأمن الوطني) التابع للرئاسة الفلسطينية، في شمال وشرق القطاع تحت ستار منع (الفلتان الأمني) بينما المعروف أن هذه المناطق هي المسرح الذي تطلق منه الصواريخ باتجاه المستوطنات المجاورة للقطاع. هذا في وقت يدور فيه الحديث عن خمسة مقترحات عرضها الجيش الإسرائيلي على المستوى السياسي بهدف تحقيق (وقف لإطلاق الصواريخ). ويقف في مركز هذه المقترحات (إقامة منطقة حزام أمني داخل أراضي القطاع) تترافق مع عمليات (نقطية) بهدف اغتيال قادة حماس. وإذ يتوقف (عوفير شيلح) عند هذا العرض، فإنه يذكر القيادة السياسية الإسرائيلية بـ(حرب لبنان الثانية) وكيف انتهت، ويسأل: ماذا سيحدث بعد؟ مشيراً إلى أن معضلة غزة إسرائيلياً هي أن كل الخيارات التي تطرح لأجلها عديمة الجدوى.