ذكرت مصادر دبلوماسية غربية وعربية في دمشق، لـ«السفير» أمس، أن «ملامح تودد فرنسي» تجاه سوريا بدأت تظهر مؤخرا، قد تكون ترجمة لتيار قديم، نشط في وزارة الخارجية الفرنسية بعد رحيل الرئيس جاك شيراك عن الرئاسة، يؤمن بضرورة إجراء حوار مع دمشق حيال لبنان خصوصا، والمنطقة عموما.

وتحدثت المصادر عن مؤشرات يمكن وضعها في خانة «التوجه الدبلوماسي الإيجابي باتجاه فتح قناة للحوار مع العاصمة السورية» بخصوص قضايا المنطقة. ومن ضمن أبرز المؤشرات:
ـ أولا، تفادي كل من وزارة الخارجية الفرنسية وقصر الإليزيه في تصريحاتهما عقب المصادقة في مجلس الأمن الدولي على المحكمة الدولية الإيحاء أنها يمكن أن تكون عامل قلق ضد استقرار وسيادة أية دولة.

ـ ثانيا، إيصال الرسائل إلى الجانب السوري عبر أكثر من وسيلة (بينها لقاء جمع السفير الفرنسي في دمشق ميشال دوكلو مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل أيام من المصادقة على قرار المحكمة) أن «(الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا) ساركوزي ليس شيراك»، وبالتالي فإن الخصوصية الشخصية التي ميزت تعامله مع لبنان، وأسرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومع سوريا ايضا، «غير موجودة لدى الرئيس الحالي».
ـ ثالثا، التعديلات التي أوحى الجانب الفرنسي (ما بعد شيراك) أنه أجراها على قرار المحكمة، بحيث تقر ضمن «الحد الأدنى، لا الحد الأقصى» الذي كان وضعه شيراك في عهدة مجلس الأمن، وهو الذي يضع «مجلس الأمن محل لبنان في موضوع المحكمة».

ـ رابعا، الإيحاء بالخطوات العملية عبر فتح باب الحوار في باريس مع ممثلين عن المعارضة اللبنانية، ومع أبرز قادتها كرئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، والإعلان عن الرغبة في التواصل مع قياديي حزب الله.
ـ خامسا، هنأ ساركوزي «بحرارة» الرئيس السوري بشار الأسد بنجاحه في استفتاء الولاية الدستورية الثانية، وتشديده على الأمل «في تعزيز علاقات بلدينا»، ملمحا إلى التاريخ المشترك بين البلدين، وتأكيده الإسهام الإيجابي «في تحقيق الأمن والاستقرار والسلم والعدالة في المنطقة»، وذلك عبر «احترام استقلال وسيادة وسلامة أراضي كل من الدول التي فيها»، معتبرا أنه بهذا «يمكن تطوير الحوار البناء بين بلدينا».
ـ سادسا، الحرص الفرنسي، إن كان على المستوى الدبلوماسي أو الإعلامي، على التوضيح أن النقاط السابقة بالنسبة لدمشق هي بمثابة «تطور إيجابي»، لأنها تدلل على نوايا في هذا الاتجاه.

وترى المصادر أن هذه المؤشرات يمكن أن تكون معبرا نحو استعادة الحوار الإيجابي بين البلدين، خصوصا في ضوء معلومات عن نشاط تيار فرنسي في الخارجية، غيبته سياسة الإليزيه في عهد شيراك، يدعو إلى إرسال مندوب إلى دمشق على مستوى مدير إدارة في الخارجية للتحدث إلى المسؤولين في وزارة الخارجية السورية، أو حتى ما تردد من معلومات صحافية عن التفكير الجدي عن مؤتمر يحمل صبغة دولية إقليمية حيال لبنان، يضم السعودية ومصر وإيران سوريا والاتحاد الأوروبي والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وتشير المصادر إلى أن لباريس مطالب تسعى إليها «ضمن تسمية خطوات وإشارات إيجابية»، وذلك لدعم هذا التيار في دوائر السياسة الخارجية.

وتشير المعلومات المتوافرة، لـ«السفير»، إلى أن الجانب السوري يعتبر، من جهته، أن أي حوار بين الطرفين مرهون بخطوات لبناء الثقة وحسن النية، إذ أن «مواقف دمشق لم تتغير، وليست بصدد التغير حيال قضايا أمنها القومي».

مصادر
السفير (لبنان)