الصحف الإسرائيلية تثير القلق بحديثها وتوقعاتها عن الحرب، فتقاريرها رغم عدم اعتمادها على معطيات كافية لكنها تنقل على أقل مناخا نفسيا سائدا، ربما يشبه "الرهاب" من صيف حار جديد مع سورية أو حزب الله أو حتى إيران. فالحديث عن الحرب مع سورية، او حتى "نصائح" الدخول في تسوية معها تدفع إلى الترقب مع حكومة إسرائيلية مثقلة بالكثير من الخيبات.

بالطبع لا يمكننا اعتبار التقارير مقدمات لعمل عسكري، لكنها بلا شك محاولات لخلق إرباك سياسي إقليمي وسط عدة عوامل مساعدة على التصعيد:
  فمن الناحية السياسية هناك تحول واضح في طبيعة المجابهة ضد سورية، بدأت باستعجال إثرار المحكمة وانتهت بمعارك نهر البارد، وهذه التطورات تزيد الاحتقان السياسي وترفع سقف الاحتمالات العسكرية المتاحة مع وجود قوات عسكرية كثيفة في لبنان.
  وعسكريا لا تبدو الولايات المتحدة مستقرة على استراتيجية نهائية بشأن كافة المسائل العالقة في الشرق الأوسط فهي تفاوض إيران في العراق وتصعد معها بشأن الملف النووي، وهي تهاجم سورية وتفاوضها في نفس الوقت، وهذه الإجراءات لا توحي بأنها استقرت على هدف سياسي واضح.

وسط هذه الأجواء فإن "كتاب" الصحف الإسرائيلية يتحدثون عن الحرب مع سورية، ويقدمون "تسريبات" إعلامية تبدو متناقضة أحيانا لكنها في مجملها لا توحي بأن انفراجا قادما سواء مع سورية أو باقي دول المنطقة، لأن "نداءات" السلام الصادرة عن الجنرالات الإسرائيليين تستند إلى مبرر واحد هو "التحضيرات السورية"، فهي في عمقها تحذير من القوة السورية أو ربما تحريض ضدها. وبالطبع فإن التاريخ الإسرائيلي لم يحمل يوما مهادنة في ظل تعرضها لتهديد ما، لأن مثل هذه المهادنة تتناقض مع كل مفاهيم الردع والأمن التي ظهرت مع تأسيس الدولة العبرية.

وعندما يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد غد لبحث مسألة السلام والحرب مع سورية فعلينا أن لا نتفاجئ من ردود الفعل التقليدية، لأنه لن يطرح قرارا واضحا، فالمسألة لا ترتبط بع بشكل مباشر وإنما باستقرار الاستراتيجية الأمريكية على المحور العراقي واللبناني في آن.

مسألة الحرب اليوم لا يمكن أن تظهر بقرار معلن كما يظهر في الصحف الإسرائيلية، لكن من الضروري البحث في ارتجاج السياسة الإسرائيلية التي تبدو مستعدة للتعامل مع أي مغامرة جديدة في ظل الإرباك الحادث داخلها أو ربما إقليميا.