إنه تاريخ يخلق "الضوضاء" ويحاول أن يرسم في ذاكرتي نوعا من "التراث المُحدث"، والمبني على شاكلة انتهاء الفكر وتضخم الشعارات، فالثامن من تموز لم يعد مرتبطا بذكرى رحلت، لأنني خبرته العام الماضي مع لون من "العطاء" أو الخير أو الشهادة أعادت في داخلي رسم المعاني التي كنت اعشقها... فتحررت قبل عام من نمطية الصور التي استمرت لأكثر من نصف قرن، وربما عرفت أن الثامن من تموز هو للجميع.. يحلم بالجميع ويحاول أن يترك خلفه صورة كربلاء لأن المستقبل هو الصورة الأولى لأي شهاده.

لم أعد استطيع أن أركع للمناسابات طالما أنها تقف دون حدود عقلي... فعندما يرحل سعاده فإنني أعرف أنه لم يترك "تراثا" لأنه وميض يتولد بحكم بقاء الحياة، واستمرار الصور التي تدفعنا كي نولد الأمل من وسط الموت. فقضيتي مع الثامن من تموز هو حريتي... رغبة مسامات جلدي لأن ترى النور والشمس.. ونشوة روحي لدفق الحياة التي تسير أمامي، بينما تبقى الذكريات رموزا نعلقها على صدورنا.

كان الثامن من تموز أكثر من "فداء" لأن أنهى عقدة الخوف من المجهول، فلم أعد أنثى تتوارى خلف قوانين العيب والحياء، فاستطعت أن أترك جسدي يرتجف عشقا لكل تفاصيل الحياة التي شكلت في داخلي وطنا تعلمت أنه ينمو ويكبر رغم الصور القاتمة التي تطرق عيني كل صباح.

وما بين الثامن من تموز والثاني عشر من نفس الشهر أبقى متيقظة على "الحلم".. وعلى صور الأطفال.. وأبقى مفتونة ببوادر فكر كان ينمو قبلل خمسين عام، ومازلت أحلم أن يصبح مساحة للجميع.. فاتحرر من صيحات الحزن التي تغتال الفرح والعشق والجنس.. أو تجبرني على تفكير بألوان البيانات السياسية... فأنا مدعوة اليوم لأكبر مساحة خصب في وطني.. مساحة تضم الجميع وتتركنا نتكون بالحرية... ونتشكل بألوان التمرد على "المشروع الأمريكي" و على نمطية حياتنا التي اعتدناها ذكورا وإناثا.