لا أدري كيف يبررون لشعوبهم من يسميهم قادة البيت الأبيض بالـ(معتدلين) مساواتهم بإسرائيل (حتى ولو شكلياً) والقبول بشراكتها، على الرغم من أنها مازالت حتى هذه اللحظة تحتل الأراضي العربية، وتختلق الصراعات مع الدول المحيطة بها، وتختلق الفتن في المنطقة العربية، وخاصة في العراق ولبنان، حيث يعبث جهاز الموساد في البلدين كليهما، ويتحرك كما يحلو له وبمباركة أمريكية صريحة.. ثم يعود هؤلاء المعتدلون ليعلنوا أنهم جزء من الأمة العربية، ويدعون حرصهم البالغ على كل من وما هو عربي، ويباركون القرار الأمريكي أو بالأصح (الأمر) الأمريكي بشراء أسلحة وعتاد عسكري تبلغ قيمته ثلاثة وثلاثين ملياراً من الدولارات، وجعلهم شركاء لإسرائيل في التصدي لأعداء الولايات المتحدة في المنطقة وهم العرب ذاتهم الذين يدعي المعتدلون حرصهم البالغ عليهم وانتماءهم لهم، وبالطبع فإن الشراكة بين (إسرائيل) والسادة (المعتدلين) يتصدر بندها الأول (عدم استعمال المعتدلين هذه الأسلحة ضد إسرائيل) أي سلبهم حقهم في الدفاع عن النفس، وكأن المعتدلين الذين باركوا وهللوا للأمر الأمريكي قد فقدوا الذاكرة ونسوا أو تناسوا أن المعتدي الوحيد على الأمن العربي هي إسرائيل شريكهم الجديد، بل لم يستغربوا أو يعتريهم الخجل عندما أعلنت رايس صراحة أن هذه الأسلحة من أجل محاربة (حزب الله وسوريا وإيران) وأضافت أن دوراً قيادياً مرسوم لهم في تلك الحرب المزعومة وأن هذه الصفقة (حسب رايس) ستعطي دفعاً لقوى الاعتدال في المنطقة..

وبدا واضحاً بأن قوى الاعتدال لا تقوم بأي ردة فعل سوى تنفيذ الأوامر الصادرة عن حكام البيت الأبيض، لأن قيمة السلاح الذي سيدفعه هؤلاء سيستخرج من جيوب دافعي الضرائب من شعوبهم وليس من جيوبهم الشخصية مقابل التزام الولايات المتحدة الأمريكية بهم كشركاء استراتيجيين في المنطقة (حسب رايس) وهذا يعني حماية عروشهم وأنظمة حكمهم ماداموا يمارسون دور المطيع.. وبالطبع فإن رايس لم تخف عن المعتدلين بأن ما ستزود به إسرائيل من سلاح والبالغ قيمته ثلاثين مليار دولار يدخل في خانة المساعدات وليس البيع، وأن شركاء إسرائيل الجدد هم فقط سيدفعون قيمة ما أمرت بشرائه من أسلحة، وقد تصل الوقاحة الأمريكية حداً يجبر السادة المعتدلين تسديد الفاتورة الإسرائيلية.

في كل الأحوال فإن السلاح الذي أمرت السيدة رايس المعتدلين بشرائه هو سلاح نقل إلى الأراضي العربية قبل غزو العراق، واستعمل قسم كبير منه في الغزو، وما تبقى منه في الأراضي العربية هو ذات السلاح الذي سيدفع المعتدلون ثمنه، وقد تحول بعضه إلى خردة لا نفع منها، وأن نفقات نقله أو إعادته إلى الولايات المتحدة لا داعي أن تدفعها الحكومة الأمريكية، بل سيبقى هذا السلاح موجوداً في المنطقة العربية حتى يعلوه الصدأ طالما أمرت الولايات المتحدة زبائنها بعدم استخدامه ضد إسرائيل، وهي تدرك إدراكاً عميقاً أن لا عدو للعرب سوى إسرائيل، على الرغم من جميع مبالغاتها ومحاولة تسويق فكرة الخطر الإيراني والسوري وحزب الله على المنطقة لا يمكن للمعتدلين إطلاق طلقة واحدة من هذه الأسلحة إلا بأمر منها، لكن عليهم تسديد ثمنه!!

مصادر
أبيض وأسود (سورية)