قبل عام واحد ، كان الرابع عشر من آب ، يوما كسائر الايام في حياة اللبنانيين ، لكنه منذ اصبح يوما للنصر تحول الى محطة ذات دلالة في تاريخ لبنان الحديث.
محطة لا تقتصر اهميتها على الوطن الصغير ، وانما تمتد لتطال المنطقة كلها . حيث لم يحسم شيء بعد ، لكن احدى كفتي الميزان تلقت ثقلا كبيرا جديدا .
اذ لم تكن المواجهة بين المقاومة واسرائيل ، وانما بين المشروع الاميركي - الاسرائيلي للمنطقة ، والمشروع المناقض المقاوم . مشروع ما يزال موضوع صراع حاد ، على كل الساحات ومنها الساحة اللبنانية نفسها . لذا فان نظرة الى واقع هذا الصراع قبل اربع سنوات ، اي بعد احتلال العراق مباشرة ، واعلان الرئيس الاميركي عن انتهاء العمليات العسكرية والنصر ، وما اصاب العرب كلهم من الهلع والفزع والانهيار.
وما بدا للعالم من ان المشروع الاميركي بات قدرا محتوما ولا حول ولا. غير ان كتلتين اساسيتين في العالم العربي ، ظلتا خارج اطار هذه القدرية الاستسلامية ، هما جسم المقاومة اللبنانية على اختلاف مكوناتها ، وجسم المقاومة العراقية على اختلاف مكوناتها ، ولا شك في ان وراءهما قطاعا كبيرا من الشارع العربي .
وباربع سنوات فقط ، تحولت الامور بما يشبه المعجزة ، نظرا الى موازين القوى . تحول شامل تتبدى انعكاساته على الساحة اللبنانية ، حيث بدا ان مصير سلاح المقاومة ، وبالتالي تصفيتها ، اصبح مجرد مسألة وقت ، بعد القرار 1559 واغتيال الرئيس الحريري والخروج السوري من لبنان. ثم بدا ان اقرار المحكمة الدولية سيحقق ما تقاعست عن تحقيقه تلك التطورات.
لكن حساب الحقل الاميركي في حقل 14 شباط لم يتحقق على بيدر 14 آب من العام الماضي ، ومن ثم على بيدر تموز من العام الحالي . حيث اثبتت المقاومة المسلحة انها قادرة على الدفاع عن وجودها بل وهزيمة اسرائيل في آب 2006 ، كما اثبتت المقاومة الشعبية السياسية انها قادرة على الدفاع عن وجودها والانتصار في صناديق الاقتراع عام 2007.
والان يبقى الرهان النهائي على معركة رئاسة الجمهورية التي بدت وقائعها منذ فترة ، وبدأت رسميا بقبول الترشيحات من قبل رئيس مجلس النواب.
ويؤكد الجميع على انها ستكون معركة حياة او موت بالنسبة للمعسكرين السياسيين ، كما انها ستكون معركة حياة او موت بالنسبة للبنانيين العاديين لان مسارها ونتائجها ستحدد المخرج السلمي اوالعسكري الميليشياوي من الازمة.
فاذا ما كان الاول خرجت البلاد من عنق الزجاجة الخانق الى مرحلة من السلم الاجتماعي والحلحلة الاقتصادية . واذا ما كان الثاني كان التفجير الذي ستفوق اهواله هذه المرة اهوال الحرب الاهلية . وستفتح ساحة جديدة موازية للساحة العراقية ، يدفع الاميركيون انصارهم اليها اذا ما احسوا ان من شأنها ان تخفف الضغط عن هذه الاخيرة .
ومن هنا يمكن فهم الخطاب التصعيدي لوليد جنبلاط واتهامه كل من يتجه نحو المصالحة ، من فريق 14 آذار ، مع الفريق الاخر ، بالخيانة .
وبالتالي اصرار زعماء حزب الله والتيار العوني وسليمان فرنجيه ، الى التفاهم والتوصل الى حلول توافقية لا تلغي احدا.

مصادر
الدستور (الأردن)