يطغى على الجو الثقافي العابر للقارات مصطلح شراء الثقافة في اشارة الى الانتقال الثقافي خصوص من المراكز الكلاسيكية االى الأطراف المحدثة ، والمقصود بالثقافة في هذا الباب هو المنتج الثقافي من متاحف وطباعة وموسيقا ومسرح الخ وليس الثقافة الاجتماعية كقاعدة للممارسة الحياة البشرية الدنيوية على وجه الخصوص ، هذا المصطلح الجديد يعيد علينا السؤال : هل الثقافة ( بالمعنى المقصود من المصطلح ) تباع وتشترى ؟

اعتقد أن نعم فالمنتج الثقافي هو سلعة شئنا أم ابينا ، ولكن ثقافة المجتمع هي التي تحدد قيمة هذه السلعة نوعيا ، حسب نوعية المودوع الثقافي لديها ، فمن يعتبران الثقافة هي منتج من لا عمل لهم ، أو أن المثقفون مضطرون على انتاج مواد ليس للمجتمع حاجة بها ، أو من يعتقد أن الانتاج الثقافة هي منتج خيري كمثل الجهالة التي لا تضر والى ما هنالك من قناعات تعطي للثقافة موقع التابع الاجتماعي أو المنتج الثانوي أو الموازي للأنتاجات الاجتماعية المادية ، ما يحول الثقافة الى سلعة لا قيمة لها بغض النظر عن نظرات التبجيل والاعجاب .

اما المجتمعات ذات المودوع الثقافي الذي يعتبر أن المنتج الثقافي هو افتتاح لطرق جديدة للمتعة والبهجة والدهشة ،فتراها سلعة ذات قيمة فخمة وعلى ألاخص اذا كانت قادرة على تحويل المنتج الثقافي الى مخزون ثقافي مجتمعي يمارس حقيقة على ارض الواقع العملي كممارسة الدقة او الجمال أو الانتظام والاحترام الخ ...

قد ترى بعض المجتمعات في ضحالة ( أو ربما قلة التنوع أو الابتعاد عن عصر ) منتجها الثقافي ما يجبرها على استيراد هذا المنتج وحقنه في اوردة مجتمعها كممارسة استراتيجية للأرتقاء الذي يعني تغييرا في الذهنية التي سوف تنتقل من الأخذ الى العطاء او الانتاج تأثرا بالسلعة الثقافية .

اليوم نرى من يريد افتتاح فرعا لمتحف اللوفر في بلاده ، أو افتتاح فرعا للسوربون او هارفرد ، او تقديم مسرحيات برودواي او فرانسيز او شكسبير على خشبات وطنية مبنية خصيصا لهذه الغاية الخ .. ما يدخل السياحة ( كمثال ) بمفهومها الحضاري على الخط وبالتالي الاقتصاد أي الحراك الانتاجي ما يعني فرص عمل وايضا الخ ، لتتحول المنتجات الثقافية الى محرك عملي يبني للأوطان ما قد لا تستطيع بناؤه المصانع .

في هذا الزمان كانت فرقة البيتلز احد مصادر الدخل القومي لأنكلترة واليوم يشكل المنتج الثقافي نسبة كبيرة من الدخل القومي للعديد من البلدان ..اذا يكفي ان نعرف ان متحفا في مدينة اسبانية اسمها بلباو دخل متحفها 9 ملايين زائر خلال ثلاثين عاما لنعرف مدى تداخل الانتاج الثقافي مع الاقتصاد القومي .. ولكن الشرط الاساسي هو ان يعترف المجتمع ان الثقافة هي منتج موضوعي وليست مجرد تخبيص مجانين .