لا أنظر إليها كقضية عادية، فمشكلتي أنني لم أكن يوما معجبة بـ"الدراما السورية" على طريقة النقاد، وأحيانا تغرقني المسلسلات بحالة كآبة خاصة عندما يصبح "رمضان" قريبا، لكنني أذكر أن "الطريق إلى كابول" دفعني للمراقبة أو لمحاولة قراءة الظاهرة التي اجتاحتنا أواخر السبعينيات، فأنا فبل تلك المرحلة لم أكن في عمر يتيح لي مراقبة الحدث، لكنني تنبهت بعد عقدين إلى التحول الذي نراه اليوم أمامنا في "صحوة التطرف".

هذا التطرف يعود إلى ذهني بعد ثلاث سنوات لأن قضية الفنان عابد فهد لا تحمل خصوصية، فهي "خط الخوف" الذي نقف عند حدوده وننظر بقلق لردود فعل الناس، فطالما أن "التكفير" هو أسهل التهم، فإننا نستطيع معرفة "الهاجس" الذي يحاصر الفنان بشكل دائم. وهذه القضية أيضا تدفع للتفكير أيضا بنوعية الثقافة التي ظهرت مع طروحات "الشرق الأوسط الجديد" الذي كان من المفترض أن يحد "ثقافيا" من التطرف، لكننا اكتشفنا أنه يجسد هذا العنف الفكري.

والمشكلة أيضا أن رمي "الاتهامات" داخل واقع إعلامي لا يملك أي هوية أو تصور ثقافي يعيدنا إلى زمن "محاربة الزنادقة" في العهد العباسي، فنكتشف أن الحياة هي صراع مع "الزنادقة"، وأن الإعلام هو "الخليفة" الذي يسير الجيوش والمشاعر، ويستطيع أن يقطع السبل على أفكار "الزنادقة" ويجعلهم بين نار الكفر أو الكف عن "الإبداع".

ما حدث مع عابد فهد لا يختلف في المنطق العام مع ما تعرض له الكثيرون، بدء من فيلم "موت أميرة" (إذا كان هناك أحد يتذكره) وانتهاء بوقف مسلسل الطريق إلى كابول، وتحول الثقافة إلى مشاهد تشبه "صندوق الفرجة"، أو الكتب الصفراء للحكواتي التي تتكرر دون ملل عاما بعد عام.

ليست الأزمة في اتهامات تطلق كل حين على فنانين أو مبدعين أو حتى ناس عاديين يملكون على الأقل موقف من حياتهم، إنما هي نمط يحاول أن يكسر مساحات الثقافة ويعيدنا إلى "صحوة التطرف" كلما أردنا أن نبني رؤية متباينة أو نحاول أن نجد لأنفسنا مساحة خارج الضجيج السياسي والإعلامي.