ما هي الأسباب التي قادت إلى التوتر الشديد بين السعودية وسوريا؟ هل هي بالفعل تصريحات الوزير الشرع؟ أم أن هذه العلاقة أصبحت حبلى بالشوائب لاسيما بعد الاجتياح الأمريكي للعراق وتفاقم أزمة إمتلاك إيران للتكنولوجيا النووية، كذلك نتائج حرب تموز التي كرّست سوريا كبوابة العبور للنفوذ الإيراني إلى المنطقة العربية، مما جعلها لاعباً أساسياً، ليس في العراق وحده، بل في لبنان وفلسطين؟
لقد اعترت العلاقات السورية-السعودية قبل حافظ الأسد حالة من عدم الإستقرار مع البعثيين اليساريين في دمشق أمثال صلاح جديد، الذين نعتوا السعودية بالنظام الرجعي العميل، حتى جاء حافظ الأسد بحركته التصحيحية وأعاد التوازن لهذه العلاقات. ومنذ ذلك التاريخ لم تسجل العلاقات الثنائية دخولاً في منعطفات خطيرة رغم حصول خلافات سياسية بين النظامين.
ارتكزت العلاقات السورية - السعودية على الصراع والمنافسة تارة والتعاون طوراً من أجل قيادة النظام العربي، لكن السعودية ركّزت على الدوام على مبادراتها الديبلوماسية على الصعيد العربي، بينما أصرّت سوريا على حقوقها المشروعة في الصراع العربي الإسرائيلي. ولم يتمكن أي منهما من الإمساك بزمام القيادة للنظام العربي.
أما المسائل الخلافية، فتمثّلت بالقضية الأساسية، وهي مسألة الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية والملف اللبناني، أضيف إليها الملف العراقي والعلاقة مع إيران.
أمسكت سوريا حافظ الأسد بالورقة الفلسطينية ودعمت الفصائل الفلسطينية المعارِضة والمناهضة لمنظمة التحرير الفلسطينية، لكن السعودية استطاعت إنتزاع الورقة الفلسطينية من يدها تمهيداً لمفاوضات سلام بين العرب وإسرائيل. وإن كانت العلاقة بين السعودية ومنظمة التحرير الفلسطينية قد توترت على خلفية وقوف ياسر عرفات بجانب صدام حسين في غزوه للكويت، فإن السعودية اتجهت لمساعدة الشعب الفلسطيني مباشرة، خصوصاً مع بروز تنظيمات فلسطينية إسلامية أصولية كحماس والجهاد الإسلامي.
لعبت السعودية دوراً في مؤتمر مدريد عام 1991 وأضعفت الموقف السوري التفاوضي بعد أن أفقدته ورقة الضغط الفلسطينية، وذلك بعد توقيع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في 13 أيلول عام 1993 على اتفاق أوسلو. أما العلاقات السورية مع أميركا، فقد إمتازت بالاستعداد لتحسين العلاقة. ولكن سوريا جهدت في الوقت عينه على فرملة الجهد الأميركي-الإسرائيلي لإقامة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، مع أنها خلال أزمة احتلال الكويت وافقت على عقد مؤتمر للسلام تخلّلته محادثات مباشرة مع إسرائيل، ولعبت السعودية دور المنسق.
وقعت المفاوضات السورية-الإسرائيلية في مأزق حقيقي بسبب الخلاف حول الإجراءات الأمنية لجهة إقامة محطات إنذار إسرائيلية في الجولان وعمق الشريط الحدودي السوري المنزوع من السلاح. لكن السعودية تدخلت لإعادة تنشيط المفاوضات المجمدة متجنبة إظهار نفسها كوسيط.
وسرعان ما توقفت هذه المفاوضات مجدداً بعد اغتيال رابين والهجمات التي نفذتها حركة حماس ضد إسرائيل. وحشدت الولايات المتحدة الأميركية الدعم السياسي والمالي والإعلامي تضامناً مع إسرائيل ولمحاربة الإرهاب العربي، من خلال قمة شرم الشيخ التي عقدت في 13 آذار 1996 والتي ضمّت العديد من الدول العربية ومن بينها السعودية، وقاطعتها سوريا. وعندما فاز اليمين الإسرائيلي في ربيع 1996 على أساس برنامج إنتخابي معارض لمقررات مؤتمر مدريد ولمبدأ الأرض مقابل السلام، شعر حافظ الأسد بأن المفاوضات مع إسرائيل باتت مهددة بعد طروحات الأمن مقابل السلام التي بدأت بالحلول مكان مقولة الأرض مقابل السلام.
بقي التقارب بين وجهتي النظر السعودية والسورية من عملية السلام متمايزاً. أما الديبلوماسية السعودية فقد لعبت دور قناة الإتصال بين السوريين والأميركيين أثناء التوترات، وعملت على إبقاء الجسور مفتوحة بين واشنطن ودمشق حتى بعد إخفاق المحادثات بين سوريا وإسرائيل.
أدّى الإنفتاح السوري على الموقف الأميركي إلى إطلاق يد سوريا في لبنان عشية حرب الخليج الثانية. فاللقاء الذي جمع حافظ الأسد وجورج بوش في جنيف قبيل تحرير الكويت أظهر أهمية الورقة السورية في الاستراتيجية الأمريكية لحل جذري للنزاع العربي الإسرائيلي.
ولعبت السعودية دوراً هاماً في بلورة إتفاق الطائف، غير أن سوريا شكّلت في حينه عنصر القوة المركزي في لبنان وأثّرت في صياغته، ورضخت السعودية للمطلب السوري بعدم المس بمصالحها الإستراتيجية في لبنان.
جاء تولّي رفيق الحريري لرئاسة الحكومة كنتيجة لتوطد العلاقات السورية-السعودية، ما شكّل قبولاً سورياً بدور سعودي متزايد في لبنان. فالحريري جاء إلى الحكم في لبنان من السعودية عبر بوابة دمشق، وكان من ثمار ذلك شرعنة الوجود السوري وإستمراره.
لقد شجعت السعودية على تلازم المسارين السوري واللبناني. لكن التوافق السوري- السعودي على لعب الأدوار المحددة لكلا منهما في لبنان، بدأ يتراجع مع محاولة السعودية لعب دورٍ أكبر على حساب الدور السوري ما ولّد صراعاً خفياً بينهما تجلّى في خروج الرئيس الحريري من الحكم عام 1998، بعد إنتخاب العماد إميل لحود قائد الجيش رئيساً للجمهورية. وعاد الحريري إلى الحكم من جديد عام 2000 بعد فوزه في الإنتخابات النيابية وإمساكه بقوة بالطائفة السنية.
ترافق ذلك مع إستلام بشار الأسد لمقاليد السلطة في سوريا بعد وفاة والده وإنفتاح سعودي على الواقع السوري الجديد على أمل إحداث خرق في الموقف السوري خصوصاً أن الرئيس الشاب لا يتمتع بحنكة حافظ الأسد. وقد شارك الرئيس الحريري عبر شركته أوجيه سعودي التي يديرها إبنه سعد الدين في الإستثمارات السعودية الضخمة لضمان إستقرار النظام السوري وكمؤشر لعودة الحرارة والحميمية للعلاقات السورية - السعودية.
لكن العلاقات السورية-السعودية أصيبت بالفتور غداة التمديد لرئيس الجمهورية إميل لحود لمدة ثلاث سنوات بقرار سوري، ما أدّى إلى خروج الحريري مجدداً من الحكم.
هل شكّلت العلاقة السورية – الإيرانية عائقاً في علاقة حافظ الأسد بالسعودية؟
العلاقة المتينة التي ربطت سوريا بإيران، أحد خصوم السعودية، شكّلت عقبة بوجه التقارب السوري-السعودي. بعد أن طوّرت سوريا علاقتها بإيران على ضوء مصالحها وإرتباط ذلك بالتطورات الإقليمية والدولية، إستغلت النبض الثوري الإيراني والعداء المطلق لإسرائيل والولايات المتحدة لتنتج تقارباً مرناً مع الإيرانيين مع المحافظة على علاقات جيدة بالسعودية بالرغم من الخلاف الإيراني السعودي الحاد. منذ حرب الخليج الأولى بدأ التشنج في علاقات سوريا بالسعودية، خصوصاً مع وقوف سوريا إلى جانب إيران، خارقة بذلك الإجماع العربي.
استطاعت سوريا والسعودية حينها إبقاء علاقاتهما في مستوى معقول وإتفقتا على الأقل على مصلحة مشتركة في أن يخرج طرفا الحرب، إيران والعراق، منهكين وعاجزين عن التطلع إلى أبعد من حدودهما سواء بالنسبة إلى خطر تصدير الثورة الخمينية والطموح الصدّامي بتزعم العالم العربي.
ومع الإنفتاح الأميركي على سوريا في نهاية الثمانينات، ساد العلاقات السورية الإيرانية جو من التشنج والصراع الخفي ساهمت السعودية في إشعاله. مفاعيل الصراع الصامت بين طهران ودمشق برزت على الساحة اللبنانية مع ازدياد النفوذ الإيراني عبر تنظيم حزب الله الشيعي على حساب حركة أمل الشيعية المدعومة من دمشق، ما شكّل تهديداً لنفوذ سوريا ومصلحتها في إبقاء إمساكها منفردة بالورقة اللبنانية، فحصل صدام عنيف بين التنظيمين كترجمة لصراع الأدوار والمصالح بين دمشق وطهران، لكن التوافق السوري الإيراني وتقديم إيران تنازلات لسوريا على الساحة اللبنانية أنهى الصدام.
بعد إنتهاء القطيعة السعودية الإيرانية، وتحسّن العلاقات بينهما، إتجهت السياسة السعودية نحو مزيد من الإنفتاح حيال إيران. فالسعودية أكّدت وجوب التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من منطلق الأخوة الإسلامية ومبادئ حسن الجوار.
ومع إنطلاق عملية التسوية السلمية في بداية التسعينات والتي عارضتها طهران وإنخراط سوريا فيها، عبّر الإيرانيون عن انزعاجهم من السلوك السوري حيال مفاوضات السلام خصوصاً في اللحظات التي كانت تبدو فيها سوريا على وشك التوصل إلى إتفاق سلام مع إسرائيل.

II- العلاقات السورية - السعودية بعد أحداث 11 أيلول

بعد أحداث 11 أيلول 2001، دخلت معادلات جديدة على اللعبة، وتحولت علاقات واشنطن بدمشق إلى التوتر والعداء.
لم يختلف الوضع مع السعودية التي تعتبر نفسها من حلفاء واشنطن. فالإدارة الأميركية اتهمت السعودية بالتطرف والإرهاب. وشنّت الصحف الأميركية منذ أحداث 11 أيلول حملة واسعة النطاق ضد الأسرة المالكة السعودية ونظامها السياسي. كما أثارت قضايا الحريات الدينية وحقوق الإنسان، والإرهاب والتطرف الديني وتمويله والتعليم والتربية إلخ...
لقد غيّرت الإدارة الأميركية الجديدة من تعاملها مع سورية، وشدّدت إدارة بوش على أن لا مصلحة لديها لتطوير العلاقات مع النظام السوري الذي ترى فيه نظاماً مُداناً ويستحق الشجب.
وبالتزامن مع غزوها للعراق في 2003، بادرت الإدارة الأميركية إلى تضييق الخناق حول سوريا لتغيير سلوكها، أقلّه في المدى المنظور. فوقّع الرئيس بوش قانون محاسبة سوريا وإستعادة سيادة لبنان. واستصدرت هذه الإدارة من مجلس الأمن الدولي القرار 1559 الداعي في أهم بنوده إلى خروج الجيش السوري من لبنان وبالتالي إستعادت واشنطن الورقة اللبنانية من دمشق.
ومع اغتيال الرئيس الحريري عام 2005، حمّلت السعودية سوريا المسؤولية غير المباشرة كونها الممسكة بزمام الأمور في لبنان، وطلبت منها تقديم معلومات عن الحادث، ونصحتها بسحب قواتها من لبنان وفقاً لاتفاق الطائف، في ظل إصرار دولي على تنفيذ القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
تحركت السعودية بالتعاون مع مصر لتسوية الأزمة اللبنانية-السورية على أساس محاولة التوصّل إلى صيغة توفيقية تدمج تنفيذ إتفاق الطائف الذي لم ينفذ كاملاً والقرار 1559 واللذين يصبان في خانة واحدة.
وتزايدت الضغوط السعودية على سوريا من أجل إنسحاب قواتها من لبنان وكف يدها عنه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وإلا واجهت العلاقات السعودية - السورية صعوبات، وبرز التوتر جليّاً في هذه العلاقات.
حاولت سوريا إحتواء الموقف العربي والتقليل قدر الإمكان من خسائرها. فقد وجدت نفسها معزولة عربياً ودولياً ومحشورة لبنانياً بعد توجيه أصابع الإتهام إليها.
في ظل هذه الأجواء من التوتر والتعبئة ضد سوريا ونظامها ومحاولة تعقبها داخل حدودها بعد إنكفائها عن الساحة اللبنانية، حاولت السعودية الإمساك بالورقة السورية، وأطلعت دمشق على الموقف الأميركي وعرضت عليها أفكاراً ومقترحات تجنبها الضغوط الأميركية وتمهد لإيجاد حالة جيدة من العلاقات بين واشنطن ودمشق إنطلاقاً من إيمان السعودية بأهمية الدور السوري في إستقرار المنطقة. فالولايات المتحدة عدّلت من خططها تكتيكياً بعد التعثّر في العراق، وبالتالي لم يعد مطروحاً، أقلّه في المدى المنظور، تغيير النظام السوري، وإنما العمل على تعديل سلوك هذا النظام حيال العراق ولبنان والفلسطينيين وإسرائيل.
مع بدء استلام الشيعة في العراق لزمام السلطة بصفتهم الأكثرية بعد سقوط نظام صدّام حسين، تخوّفت السعودية من المد والتأثير الإيراني في العراق. وقد رافق العملية السياسية الجارية تدهور الوضع الأمني، خصوصاً اعتكاف سنّة العراق عن المشاركة السياسية ولجوئهم الى العنف وازدياد وتيرة أعمال الإرهاب والقتل التي تتبناها التنظيمات الأصولية السلفية القريبة من النظام السعودي. وإنطلاقاً من الإحتلال الأميركي الذي أرخى بظلاله على سورية والسعودية، بدأ التنسيق بين الدولتين للخروج بمواقف مشتركة حيال التطورات العراقية، والتعامل مع نتائجها.
لكن الرهان السوري تبدّل لأن مصلحة السعودية اقتضت الوقوف إلى جانب الأميركيين ومرشّحهم البعثي الشيعي إياد علاّوي، وكذلك الوقوف إلى جانب إدارة بوش لإخراج السوريين من لبنان عقاباً لهم على عدم تعاونهم في المسألة العراقية التي كان عنوانها التعاون لضبط الحدود السورية العراقية، سيما وأن السعودية اعتبرت أن اغتيال الحريري موجّه ضدها.
ومع تنامي القدرات الإيرانية ومحاولة إيران الحصول على التكنولوجيا النووية، أظهرت السعودية قلقاً حيال المسألة، وأعربت عن موقف داعٍ الى ان تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، واضعة بالتالي القدرات الإسرائيلية والإيرانية بالميزان نفسه. فالسعودية غير متحمسة لإمتلاك سلاح نووي كدولة إسلامية بعكس حماسها لإمتلاك باكستان للسلاح النووي. أما سوريا، فهي غير قلقة من قدرات إيران بل تعتبر ذلك سنداً لها. وفيما يخص العراق، طغى الوجه الإقتصادي على العلاقات العراقية السورية. فسوريا المحاصرة اليوم اسندت رأسها على الصدر الإيراني بعدما استبعدت الخيارات التي قدمتها لها دول التحالف الرباعي التي رأت في التحالف السوري الإيراني هلالاً شيعياً. ونجحت واشنطن في زرع بذور الشقاق المذهبي بعد إحتلالها للعراق.
أخاف بروز إيران كلاعب بارز على الساحة السياسية الشرق أوسطية الانظمة العربية وجعلهم رغم إنتقادهم للقومية العربية ورسالتها الخالدة يستذكرونها ويحملون لواءها في وجه الشعوبية القادمة من فارس، لاسيما بعد حرب تموز وبروز حزب الله المقرب من إيران كعامل فاعل في قلب الموازين في المنطقة.
أمام هذه المعطيات حملت السعودية مسؤولية الإخفاقات العربية للتعاون السوري مع الإيرانيين الذين يملكون مشروعاً إقليمياً تمكّن من اختراق الساحة العربية من فلسطين إلى الخليج.

لبنان: المرآة العاكسة لأزمات الشرق الأوسط

أدّى تهديد سوريا بتحميلها المسؤولية الكاملة عن اغتيال الرئيس الحريري عبر التلويح بنتائج التحقيقات الدولية كما إتهامها بالمساهمة في عدم التعاون مع الأميركيين في العراق، وتحميلها مسؤولية مد الجسور بين حماس وإيران والوقوف في وجه إنتصار ثورة الأرز بعد تخلّي العرب إجمالاً، والسعودية خصوصاً، عن مسؤولياتهم إلى دفعها باتجاهين:
الأول: محاولة فتح قنوات مع إسرائيل والديموقراطيين في أميركا، مشيرةً إلى رغبة بقبول سلام مع إسرائيل، في الوقت الذي كانت فيه الإدارة الأميركية تسعى مع العرب المعتدلين إلى ضرب النفوذ الإيراني في لبنان عبر ضرب حزب الله والإستعداد لضرب حماس وعزل النظام السوري.
الثاني: تجهيز قوتها العسكرية واللوجستية لاحتمالات ضربة عسكرية إسرائيلية.
جاءت حرب تموز 2006 في لبنان لتوضح صورة التحالف الأميركي والإسرائيلي في وجه محور الشر المتمثّل بإيران، سوريا وحزب الله لتعزز وضع المحور الأخير وتربك الطرف الأخر. ومع إدانة الرئيس السوري للعرب في خطابه السياسي ظهر الخلاف مع السعودية الى العلن. لكن التطورات في العراق ومفاعيل المسألة النووية وشن الحرب في المنطقة، كما تهديدات الحرب المذهبية التي انطلقت شرارتها من لبنان، أدّت إلى فتح حوارات سعودية إيرانية، وحاولت السعودية اللعب على التناقضات الإيرانية - السورية لفك هذا الارتباط وإعادة سوريا إلى الخط العربي. فكانت القمة العربية محاولة لفتح كوة من أجل العودة إلى عملية السلام، الأمر الذي فتح الباب مجدداً بين سوريا والسعودية، بعد اتفاق مكة بين حماس وفتح برعاية الرياض. لكن تسارع الأحداث في غزّة، والإنقلاب على اتفاق مكة، واتهام سوريا وإيران بالوقوف وراء حماس، أعادت عقارب الزمن إلى الوراء. هل يمكن القول إن السعودية سئمت من التوجهات السياسية للنظام السوري، وهي تسعى لمعاقبته عبر المحكمة الدولية؟ أم هي تحاول عزله ورفع الغطاء العربي عنه؟
تُشير أحداث المنطقة المأزومة إلى ضرورة إيجاد اختراق ما لتسوية الأوضاع من فلسطين إلى العراق مروراً بلبنان، فهل سيكون هذا الاختراق عبر حرب سورية - إسرائيلية حيث يمكن لإسرائيل استعادة اعتبارها، وتشكيل غطاء لإعادة الانتشار الأميركي في العراق، وترتيب أوضاع لبنان؟ هل بتوجيه هذه الضربة الوقائية إليها يمكنها في الوقت عينه أن تُشكّل رسالة أميركية للسلاح الروسي، على أمل تطبيع نهائي للعلاقات العربية الإسرائيلية والإنتهاء من صلة الوصل بين حزب الله وإيران؟
فالسعودية لا تريد خسارة الساحة اللبنانية بعد خسارتها العراق، لكنها في الوقت نفسه تخشى من حرب أهلية تقضي على لبنان كدولة، وبهذا تكون قد تحققت أولى ثمار الشرق الاوسط الجديد بالتجزئة عبر الفدرلة التي يمكنها تشكيل نموذج للشرق الأوسط الجديد الذي تخشى السعودية تحقيقه أكثر من خشية النظام السوري.

مصادر
النهار (لبنان)