الخرق “الإسرائيلي” للأجواء السورية ليل الأربعاء الماضي مثّل تسخيناً مفاجئاً للجبهة ينذر بانفجار في أي لحظة. إلا أن تفاصيله وخلفياته لا تزال غامضة في ظل الصمت “الإسرائيلي” الرسمي، الذي يعتمد سياسة “جهل” ما حدث.

تفسيرات عديدة رافقت الخرق “الإسرائيلي”، ورسائل عديدة يمكن استنباطها من انتهاك الأجواء السورية، لعل أبرزها ما تحدّث عن اختبار إسرائيلي لفعالية سلاح الدفاع الجوي السوري في أي مواجهة مقبلة، إضافة إلى اختبار مدى قدرة دمشق على الرد على أي عدوان على أراضيها.

قد يكون هذا التفسير أو السيناريو فيه شيء من الحقيقة والمنطق، إلا أن مقاربة الموقف “الإسرائيلي” خلال الأشهر الماضية في ما يخص الوضع على الجبهة السورية، يظهر سعياً “إسرائيلياً” حثيثاً لإضفاء برودة على الجبهة مع تقديرات شبه شاملة للترسانة السورية وما تمّ نقله من روسيا وإيران إلى دمشق من أسلحة متطوّرة.

الاختبار “الإسرائيلي” للأسلحة أو المعاينة عن قرب لمنظومة الدفاع الجوي السوري قد يكون جزءاً من أهداف الخرق، إلا أن الرسالة، إذا تم التسليم بوجودها، لا تزال غامضة ولا يمكن صرفها في المشهد السياسي للوضع في الشرق الأوسط.

لكن على العكس من ذلك، يبدو أن الخرق ساعد سوريا على إيصال أكثر من رسالة إلى أكثر من جهة إقليمية ودولية في توقيت مناسب جداً.

فالاعتداء “الإسرائيلي” كان حدثاً بارزاً على الجبهة السورية، لكن يجب التسليم بأن الأبرز منه كان الإعلان السوري عن التصدّي لطائرات معادية، وهو ما كان نادر الحدوث حتى بعد الغارات “الإسرائيلية” على مواقع داخل سوريا في الفترة الماضية، حتى إن التحليق “الإسرائيلي” في الأجواء السورية في السابق كان يبرز عبر وسائل الإعلام “الإسرائيلية”، من دون أي تعليق رسمي سوري.

الخرق “الإسرائيلي” قد لا يكون الأول من نوعه، لكن الإعلان السوري شكّل نقلة نوعية في التعاطي السوري مع مثل هذه الانتهاكات. والرسالة الأولى كانت إلى “الإسرائيليين” ومفادها أن دمشق باتت قادرة على حماية أجوائها والاستفادة من أي انتهاك لإشعال الجبهة الشمالية، مدعومة بحليف إيراني وضع كل إمكاناته في تصرّف دمشق للرد على الانتهاكات.

الرسالة نفسها قد تكون موجهة إلى الأمريكيين الساعين إلى جمع ما تيسّر من العرب في مؤتمر دولي للسلام، تريد واشنطن تخصيصه للقضية الفلسطينية.

توقيت مثل هذه الرسالة وتزامنها مع التبني العربي لإشراك سوريا ولبنان في مؤتمر السلام، يوصل إلى الأمريكيين خلاصة مفادها أن في الشرق الأوسط بؤرة توتّر أخرى قادرة على تفجير المنطقة في أي لحظة، وحل القضية الفلسطينية، رغم مركزيتها، ليس كفيلاً بإيجاد “الجنة الموعودة” في الشرق الأوسط.

رسائل تتزامن مع وجود نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في روما، الذي ربما يكون نقل ما أرادته دمشق مباشرة إلى المحافل الدولية.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)