مع اقتراب شهر رمضان، يساور القلق العديد من المسلمين حول اداء الصدقات المتوجبة عليهم من دون ان يثيروا غضب السلطات الفدرالية.

وتتزامن بداية شهر رمضان الاسبوع المقبل مع الذكرى السادسة لهجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة التي ادت الى حملة من القمع ضد الارهاب يقول العديدون هنا انها استهدفت المسلمين دون وجه حق.

واغلقت السلطات الاميركية ستا من اكبر الجمعيات الخيرية الاسلامية العاملة في الولايات المتحدة بعد اتهامها بجمع اموال لصالح منظمات "ارهابية"، كما تعرضت جمعيات اخرى لمداهمات.

وقال داود وليد مدير فرع ميشيغن لمجلس العلاقات الاميركية الاسلامية ان "هذه طرق غير مباشرة لاغلاق الجمعيات الخيرية الاسلامية دون المرور بالاجراءات اللازمة".

واوضح ان هذه الخطوات "تخيف المتبرعين وحتى بعض الموظفين وتبعدهم عن هذه الجمعيات".

وقال شريف عقيل محامي جمعيتين خيريتين تعرضتا للمداهمة "هناك نمط مشبوه للغاية من شن المداهمات قبل شهر رمضان الذي يقدم فيه المسلمون عادة الجزء الاكبر من الزكاة".

وفي 2004 اغلقت وكالة الاغاثة الاسلامية الاميركية التي مقرها ميسوري قبل ايام من حلول شهر رمضان بسبب اتهامها بالارتباط بحركة حماس وتنظيم القاعدة.

وادينت الجمعية في اذار (مارس) بتقديم المساعدة دون ترخيص في العراق اثناء فرض حظر على ذلك البلد ابان حكم الرئيس الراحل صدام حسين.

وفي 2005 طرق رجال الحكومة الفدرالية أبواب المسلمين في منطقة ديترويت لسؤالهم عن ما اذا كانوا ينوون التبرع لجمعية "الحياة للاغاثة والتنمية" التي مقرها ميشيغن وغيرها من الجمعيات الخيرية.

وفي 2006 تعرضت جمعية "الحياة للاغاثة والتنمية" لعملية مداهمة شهدت عليها كل محطات التلفزيون المحلية التي استدعيت لالتقاط صور لرجال الحكومة الفدرالية وهم يحملون اجهزة الكمبيوتر وصناديق من الوثائق.

ورغم اهمية التأكد من ان اموال الصدقات لا تذهب لتمويل "نشاطات ارهابية" فإن عجز الحكومة الفدرالية او رفضها تقديم الادلة القوية على ضلوع الجمعيات الخيرية في مثل هذه الاعمال تسبب في رد فعل عسكي، حسب عقيل.

وقال عقيل ان العديد من المسلمين توقفوا عن التبرع للبرامج الخارجية خوفا ان يتم تجميد الاموال او ربطها برسوم قانونية وخشية ان يتم اتهامهم بتمويل الارهاب بطريقة غير مباشرة.

وصرح"ما فعلناه هو تشويه صورتنا وموقفنا في الخارج ان وجود منظمات اميركية في الميدان هو افضل خطوة علاقات عامة يمكن اتخاذها".

وتمكنت جمعية "الحياة للاغاثة والتنمية" من مواصلة عملياتها رغم الصورة السيئة التي خلفتها المداهمة التي جرت عام 2006" حسب محمد العمري المدير الاداري للجمعية.

الا ان الجمعية اضطرت الى اللجوء الى المحاكم للحيلولة دون ان يعتبرها البنك "جهة تبييض اموال" او "ممول للارهاب" بعد اغلاق حساب الجمعية عقب المداهمة.

وعادت الجمعية الى المحكمة الشهر الماضي لمنع وزارة العدل من تغريمها بـ115 الف دولار كرسوم نسخ وثائق لكي تتمكن من استعادة وثائقها.

ورغم عدم توجيه اي تهمة للجمعية، يعتقد انه يتم التحقيق معها بسبب عمليات اجرتها في العراق بينما كان يخضع لعقوبات.

وتمكنت الجمعية من تجنب ربطها بالارهاب لانها اتبعت كافة القوانين بدقة واختارت عدم مساعدة الايتام في لبنان وغزة والضفة الغربية، حسب العمري.

واكد العمري من مكتبه في ديترويت ان "اعضاء الجالية الاسلامية خائفون. عليهم ان يخرجوا الزكاة. ولكن لمن يعطوها؟ هل يعطوها للمسجد فقط؟ هل يعطوها لصديق لحملها الى الخارج؟ طرق منح الزكاة تضيق".

واضاف "في السابق، كانت هناك العديد من المنظمات المختلفة. لم نكن اكبر جمعية. لكننا اصبحنا الان الاكبر بعد اغلاق العديد من الجمعيات".

ويقول مسؤولون في الحكومة الفدرالية انهم ملتزمون حماية الاعمال الخيرية الشرعية ويستهدفون فقط المنظمات عندما يكون لديهم ادلة قوية على اساءة استخدام الاموال.

وقالت مولي ميلروايس مسؤول الخزينة الاميركية ان "هذه الاعمال لا تستهدف الاشخاص الذين يبعثون باموال بطريقة شرعية لاغراض شرعية ويتم استغلالها بطريقة غير مقصودة".

واضافت ان "كل واحدة من القضايا التي رفعت ضد منظمات خيرية مستهدفة تمت المصادقة عليها من قبل محكمة اميركية".

وتدافع منظمة "الاراضي المقدسة للاغاثة والتنمية" التي مقرها تكساس في المحكمة حاليا عن نفسها ضد اتهامات بتمويل "الارهاب" ودعم حماس.

وفي تموز (يوليو) الماضي قامت وزارة العدل بتجميد ارصدة جمعية "النوايا الحسنة" الخيرية في متشيغين بعد ان وصفتها بأنها واجهة لحزب الله اللبناني.

وتعمل وزارة العدل بشكل وثيق مع الجمعيات الخيرية لتطوير ارشادات تساعدها على ضمان عدم تحويل أموالها لنشاطات ارهابية، حسب ميلروايس.

مصادر
وكالة الانباء الفرنسية (فرنسا)