ربما كانت حرائق كسب هي من اشد الأخبار ايلاما في هذه الأيام ، خصوصا بسبب عبثيتها أو قدريتها، فالحاصل أننا خسرنا غابة دون سبب أو مسؤول ، والغابة كملكية عامة هي مسؤولية الجميع ، ليس بسبب جمالها ودورها البيئي فقط بل لأنها مرفق اقتصادي يمكن ترييعه للجميع مصدر لصناعات زراعية عدة ولكن الأهم هو كيف نحفظها من عبثية الأقدار ، خصوصا وأن الثقافة العامة تتيح للجميع معرفة أن الغابة هي عبارة عن حريق مؤجل اذا تم اساءة استخدامها أو تم الاستهتار بأي عامل من عوامل الخطر التي تهددها ، مثل الكهرباء أو الحفريات أو رمي فضلات التنزه على قارعتها .

ربما عرف الكثيرون أن المواد الدهنية والزيتية هي مواد قابلة للأشتعال بسبب اشعة الشمس فقط ، وربما لم يشاهد الكثيرون أن الهواء اذا أطار فحمة النارجيلة وسقطت على مكان قابل للأحتراق فأنه يحترق دون تأجيل أو مزح وكذا كبلات الكهرباء أو استخدام المناشير الآلية التي تعمل على البينزين والخ .. كلها عوامل قد تؤدي وقد لا تؤدي الى حريق هائل ولكن الاحتمالية فيها تدعونا لتنكب الموضوع كمسؤولية اجتماعية ، ومنها يمكننا الكلام حول ثقافتنا ، وما تقوم به من وظائف معمرة أو مدمرة .

قد يكون هناك الآلاف ممن زاروا غابات كسب ودخنوا النراجيل أو قاموا بشي اللحم ولم يحصل شيىء ، وقد تكون هناكخطوط كهربائية كثيرة ولم تتسبب بحادث واحد ، ولكن هل علينا أن نسأل كم حادث نريد؟

انها ثقافتنا التي تتيح لأحتمال الحادث أن يقع ، معرفتنا بمسؤليتنا الاجتماعية هي التي تجعل من حادث الحريق بعيد الاحتمال ، احساسنا بالملكية العامة والمسؤلية عنها كجزء من ثقافتنا هو ما يقيدنا بتعليمات السلامة ، ولكن من أين نأتي بهذه الثقافة ؟؟؟

هل يستطيع متنزه واع أن يمنع أحد من اشعال النار ؟؟!! أو من رمي فضلات سيرانه على قارعة الغابة المملوكة من الجميع ؟؟؟ طبعا لا أحد ، فالغابة ليست لأحد ، واذا احترقت فهي مسؤلية الدولة ورجال الاطفاء ، فاذا فشلوا علينا أن نتحسر ونرمي المسؤلية عليهم ..أما نحن المواطنين الأبرياء!!! ( فما دخلنا وفخار يطبش بعضه ) .

هذه هي الثقافة التي تنقصنا على أكثر من صعيد … فالبارحة كانت زيزون .. واليوم غابات كسب … وغدا لا أحد يدري …

الكوارث طبعا تأتي على اي بلد كان فالاختمال موجود ، ولكن عدم امتلاكنا للحد الادنى من ثقافة أجتماعية تجعل من الاحتمال في حالة دنيا .. فانه وبلا شك حريق كبير …