شكلت الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة امس مناسبة للخطباء الاساسيين، خصوصا الامين العام بان كي - مون والرئيس الاميركي جورج بوش والرئيس نيكولا ساركوزي الذي يلقي كلمة امام قادة العالم للمرة الاولى، مناسبة لتناول كل القضايا التي تشغل الاهتمام الدولي، من قضايا التنمية والبيئة والسلام وانتشار التسلح النووي وحقوق الانسان والجرائم ضد الانسانية والارهاب... الى الازمات الاقليمية الحارة مع تركيز على الملف الايراني والوضع في العراق والقضية الفلسطينية ولبنان ودارفور.

وأعلن بان، لدى افتتاحه الدورة الثانية والستين للجمعية العامة «ان عهد الإفلات من العقاب قد ولّى»، مشيراً بالذات الى المحاكم الدولية في رواندا وسيراليون «وقريباً في لبنان». ودعا بوش الأمم المتحدة والأسرة الدولية الى تحمل مسؤولياتها والوقوف الى جانب «المواطنين الشجعان في لبنان وافغانستان والعراق الذين يستهدفهم المتطرفون بالقتل رداً على اختيارهم الديموقراطية»، معتبراً ان جرائم المتطرفين هذه «ليست مظهراً من مظاهر القوة، إنها دليل على الخوف». وشدد ساركوزي على ضرورة عدم السماح لإيران بحيازة السلاح النووي لأن ذلك يشكل «تهديداً غير مقبول لاستقرار المنطقة والعالم»، داعياً الى التعامل مع الملف الايراني «بالجمع بين الحزم والحوار. وبهذه الروح تنوي فرنسا التعامل مع ملف ايران».

وشدد الأمين العام، في كلمته الافتتاحية، على «أمم متحدة أقوى من أجل عالم أفضل». وقال إن «عهد الافلات من العقاب قد ولّى»، مشيراً بالذات إلى انشاء المحاكم الدولية في رواندا وسيراليون «وقريباً في لبنان». وأكد: «انني على ثقة بأننا سنتوصل إلى حل تفاوضي مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وهدفنا الاساسي يبقى الإزالة الكاملة لأسلحة الدمار الشامل، فإذا فشلنا، قد تفتك بنا هذه الأسلحة في يوم آت».

وعن العراق، قال: «لقد أصبح العراق مشكلة العالم أجمع»، وأضاف أن «للأمم المتحدة دوراً مهماً في تشجيع التفاوض السياسي والمصالحة الوطنية، كما في توفير المساعدة الإنسانية للشعب العراقي».

ووصف بان السلام في منطقة الشرق الأوسط بأنه «حيوي لاستقرار المنطقة والعالم». وقال: «جميعنا يعرف ما هو المطلوب: إنهاء العنف، وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية في سلام مع نفسها ومع إسرائيل، وسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي». وتابع: «مع دور قيادي متجدد آتٍ من العالم العربي والولايات المتحدة، ومع جهود ممثل اللجنة الرباعية توني بلير، إن عناصر تجديد الدفع نحو السلام تتلاقى مع بعضها».

وتعهد الامين العام: «انني لن أترك حجراً من دون أن أقلبه سعياً لإنهاء المأساة في دارفور». وقال: «على حكومة السودان أن تنفذ تعهداتها بالالتحاق بمحادثات السلام الشامل وتنفيذ وقف النار. ويجب علينا أن نتحرك إلى الأمام بالاتفاق الذي أنهى الحرب الطويلة بين الشمال والجنوب تهيئة لانتخابات السنة 2009».

ودعا بوش، في كلمته، الأسرة الدولية الى دعم القيادة الفلسطينية المتمثلة بالرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض اللذين اجتمع معهما ليل الاثنين ثم اختلى بالرئيس الفلسطيني بلقاء منفرد بينهما. وقال: «في الاراضي الفلسطينية، القادة المعتدلون يعملون على بناء مؤسسات تحارب الارهاب وتفرض القانون، وتتجاوب مع حاجات الشعب ويجب على الاسرة الدولية ان تدعمهم كي نتمكن من الدفع الى الأمام برؤية دولتين ديموقراطيتين اسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً الى جنب في سلام وأمن».

واعتبر ان على «الأمم المتحضرة مسؤولية ان تقف ايضاً مع الشعوب التي تعاني تحت حكم الديكتاتوريات في بيلاروس وكوريا الشمالية وسورية وايران، حيث الأنظمة الوحشية تقمع شعوبها وتحرمها من الحقوق الأساسية». وأضاف ان هذه الدول الحضارية يجب ان تعمل معاً لمنع الارهابيين من تنفيذ «رؤية الكراهية للانسانية»، وذلك «عبر اقتسام المعلومات الاستخبارية حول شبكاتهم (الارهابيين) وقطع التمويل عنهم، والقبض عليهم أو قتل عملائهم».

وتطرق بوش الى «الإبادة» في دارفور. وقال ان «على الأمم المتحدة ان ترد على هذا التحدي للضمير وان تنفذ وعدها بنشر قوات حفظ السلام فوراً في دارفور». وأبرز بوش اهتمامه بأفريقيا وبالرئيس الفرنسي في اعلانه من منصة الجمعية العامة اعتزامه حضور جلسة مجلس الأمن التي دعت اليها الرئاسة الفرنسية للمجلس للتركيز على افريقيا ومدح «القيادة الفرنسية في تقديمها المساعدة من أجل استقرار جيران السودان».

اما الرئيس الفرنسي فقال في كلمته: «لن يكون في العالم سلام ما لم تقف الأسرة الدولية موحدة في عزمها على إنهاء حروب الشرق الأوسط، وان السلام العالمي لن يتم إذا تسامحت الأسرة الدولية مع فظائع دارفور، وإذا أغمضت عينيها على مأساة لبنان والكارثة الإنسانية في الصومال».

وشدد ساركوزي على ان «معنى العدالة هو قيام دولة للشعب الفلسطيني، وتمكن الشعب الاسرائيلي من العيش في أمن، وان يستعيد الشعب اللبناني كامل حريته واستقلاله وسيادته، وان يتوصل الشعب العراقي بجميع مكوناته الى المصالحة والديموقراطية». واكد ان فرنسا ستقف الى جانب لبنان في جميع الأوقات، معتبراً ان «في وسع لبنان العيش استناداً الى مبدأ احترام الآخر».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)