أكثر من ثلاثة عقود والصورة تتكرر كل عام، فنحاول أن نبحث عن جديد في حرب محت صورتها كم من "الزلات" اللاحقة، فإذا التقينا بتشرين فاجأتنا نمطية الصور التي نقابلها سنويا.. لكن الحرب ليست دما وشهداء وقسوة يصعب الحديث عنها، فالحرب تخرج أيضا بأشكال من "الحلم" الذي يدفعنا لكسر حاجز التكرار، او التوقف عند مساحة واحدة فقط من حياتنا.

ربما نحتاج إلى تلمس "الحرب" ومعرفة أنها أكثر من مجرد شعار سياسي، أو تنظير أكاديمي، لأنها تدخل إلى عمقنا فتسلبنا من نحب أحيانا أو تتركنا في قلق من "الهزيمة"، وعندما نحاول أن نشاهد "حرب تشرين" فإننا ندخل في العمق أكثر، لأنها انطلقت من حلم ثم دُفنت في غبار السياسة الذي هب سريعا علينا، فهل كنا نخاف الحرب؟!! وهل تركنا وراءنا كل "أحلام" التحرير"!!

المسألة ليست قراءة في حدث لكنها محاولة في التعامل مع "يوم وطني"... مثل كل الأيام التي تمر على المجتمعات فيشعرون انهم ينتمون إليها رغم أنهم لم يشهدوا الحدث، لكنهم في النهاية "نتاج" له، وإذا كانت حرب تشرين غائبة اليوم من الصور التي يتذكرها الناس كل العام، فتصبح الذكرى مجرد كلمات على صفحات الجرائد أو مواقع الإنترنيت فلأننا لم نعد نستطيع أن نخلق حلما لا يقف عند زمن، بل يستمر باتجاه المستقبل فيدفعنا للحياة في صميم أحاسيس من سبقونا، فعندما نتوقف عن "الحلم" تتوقف الحرب والسلام والعشق وقدرة المغامرة أو الإبداع، وتصبح "القراءات" وكأنها تنتمي إلى زمن آخر غريب عنا.

حتى نفهم ماذا حدث لحرب تشرين في داخلنا ربما علينا أن نشاهد "الدراما" السورية على سبيل المثال، ففي مسلسل "رسائل الحب والحرب" صور لحرب أخرى غرزت المرارة، لكن المسلسل ينقل لنا أبطالا يعيشون في "الشتاء" بينما الحرب حدثت في الصيف، فهل يحاول هذا العمل أن يستنسخ رواية قديمة عن "الثلج في تموز"... أم أن المرارة التي تسربت إلينا في صيف 1982 مع شمس تموز أصبحت ملهاة يمكن لأي كاتب سيناريو أن يعيد إنتاجها وفق خياله الخاص.

أتمنى أن تظهر صورة جديدة لحرب تشرين على سياق آخر... تحاول توثيق الحلم وشفافية من سقطوا، وربما الحلم الذي يدفعنا دائما إلى الاستمرار في الحياة رغم كل ما حدث...