يا للسعادة، أنا مسرور أننا خرجنا أخيرا من العراق ، كان مؤلما جدا الاستيقاظ كل صباح وقراءة الأخبار القادمة من هناك. إنه أمر مريح أن ننساه ونرميه وراء ظهرنا.
ماذا، ما زلنا هناك. لكن كيف يمكن أن يحدث ذلك - لم يعد هناك من يتكلم عنه في واشنطن؟ لا أدري ما إذا كان ذلك مجرد نوبة ابتهاج مفاجئة من النقاش حول شهادة الجنرال ديفيد بترايوس ، أو حقيقة أن زيادة القوات قد قلصت عدد الضحايا فعلا ، إذا كانت زيادة القوات قد أعطت نتائج إيجابية إلى هذا الحد ، فذلك ، وإلى حد كبير ، لأن العراقيين قاموا بأنفسهم بالعمل. فزعماء العشائر السنية ثاروا ضد العناصر السنية المؤيدة للقاعدة ، واستعادوا السيطرة على قراهم ومدنهم ، وتحالفوا مع القوات الأميركية للقيام بذلك. وبعض الشيعة يقومون بالشيء نفسه الآن.
حتى الآن ، ليس هناك أي مفاجأة مماثلة في السياسات العراقية ، إذا ما رأيت أن السياسيين العراقيين يفاجئونك بفعل أشياء لم يفعلوها أبدا من قبل ، مثل صياغة تسوية سياسية يلتزمون باستمرارها ، وبناء بلد موحد ، عند ذلك يمكن أن تسمح لنفسك ببعض التفاؤل.
حتى الآن ، ما زال العديد من القادة العراقيين يواصلون العمل بالطريقة التي تناسبهم - ويحرصون على مصالحهم الشخصية ومصالح عشائرهم وبلداتهم ، وميليشياتهم وطوائفهم ، ويستخدمون الخزينة العراقية كقاعدة للنهب من أجل مكاسب شخصية أو طائفية. وما لدينا اليوم هو هدنة هشة ، وجنود أميركيون عالقون في الوسط. هذه استراتيجية تهدئة لا استراتيجية خروج.
أدرسوا مسارات رحلات قادة الفئات المتصارعة في العراق بعد جلسة الاستماع مع بترايوس. هل سارعوا جميعا نحو بغداد للعمل على حل خلافاتهم؟ لا، العديد منهم سافروا إلى الخارج.
مسؤول أميركي في بغداد قال لي الأسبوع الماضي أنه منذ الشهادة التي أدلى بها الجنرال بترايوس والسفير رايان كروكر "ولا في أي لحظة كان القادة الأربعة الرئيسيين موجودين بلد واحد في الوقت نفسه". إنهم يرون في جلسات الاستماع وسيلة لكسب مزيد من الوقت ، وهم يستغلونها.
يقول مارك لينتش ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن: "لقد خلقنا حالة حقيقية من الفوضى الأخلاقية في العراق. ولأن كل اللاعبين الأساسيين يظنون أن الأميركيين سيساعدونهم فإنهم لا يملكون أي حافز لتقديم تنازلات حقيقية لبعضهم البعض".
في الواقع ، نحن في ورطة صعبة وعلى مرمى صواريخ إيران ، وتبعا لذلك إذا ما حاولنا استخدام القوة العسكرية لعرقلة برنامج طهران النووي فسندفع ثمنا هائلا.
وطالما أننا عالقون في الفخ العراقي ، فإننا حتى لن نفكر بتعزيز الإصلاح في أي مكان آخر في العالم العربي - وهذا ما يريح المستبدين العرب.
مما لاشك فيه أنه كان هناك حوار بين الطوائف مؤخرا ، وتحديدا بين وجهاء الشيعة والسنة. لكن يبدو أن هذه هي حدود السياسة العراقية. الناس هناك يمكن أن يكونوا فاعلين كقبائل وطوائف وعشائر ، لكن ليس كحكومة موحدة - وتبعا لذلك ليس هناك من يقطف ثمار المكاسب التي حققتها الزيادة مهما كانت.
بالنسبة لي يبدو كما لو أننا جعلنا العراق مجرد مكان آمن بصورة كافية ليكون سياسيه عنيدين وفاسدين ومتهورين على حسابنا. وحتى الأكراد المعتدلون ، لا بد وأنهم طوروا نوعا من غريزة الرغبة بالموت بالسماح لمتطرفيهم باستفزاز تركيا وإيران والمجازفة بتلك الواحة الهادئة التي بناها الأكراد في الشمال.
استراتيجية الجنرال بترايوس هي الاستمرار في محاولة جعل الميليشيات والعشائر في العراق تتماسك معا في جيش وطني وحكومة وهكذا نتمكن من تقليص وجودنا. وأنا أتمنى له النجاح من قلبي. لكنني أرى أن ذلك لا يمكن أن يتحقق دون إشارة صارمة من الولايات المتحدة بانها ستنسحب لتحفيز القادة العراقيين ولاستقرار المنطقة. ذلك أنه بدون حل الحرب الباردة في الشرق الأوسط ، التي تضع أميركا في مواجهة إيران وسوريا ، فإنني لست واثقا ما إذا كان بالإمكان تهدئة العراق أو لبنان أو اسرائيل - فلسطين.
إذا جعلنا الجميع يعرفون أننا لن نبقى هناك إلى الأبد ، فإنها ستكون أفضل طريقة للتحفيز على المفاوضات ، وسيعطينا شيئا لا نملكه: الفعالية.
إن جعل العراق يتراجع إلى الصفحات الخلفية لا يخدم مصالحنا. وإذا كنا نريد أن ننسى كل شيء عن العراق ، فدعونا نفعل ذلك عندما نكون قد غادرناه ، لا عندما نكون ما زلنا هناك.