أكد السفير الاميركي ديفيد ساترفيلد لـ «الحياة» أن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس عقدت أمس «حواراً معمقاً» مع نظيرها السوري وليد المعلم «تركز» حول لبنان، و «تناولت» ايضاً مسألتي الوضع الأمني في العراق والمؤتمر الدولي للسلام، وذلك قبل لقائها ووزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى و «الرباعية العربية» التي تضم وزراء خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل ومصر أحمد أبو الغيط والأردن عبد الإله الخطيب والإمارات عبدالله بن زايد.

وقالت مصادر المجتمعين لـ «الحياة» إن رايس ابلغت الحاضرين انها دعت الى الاجتماع «كي نوجه رسالة جماعية الى الجميع» بضرورة «التعاون في الاستحقاق الرئاسي»، مشيرة الى ان كلاً من رايس وكوشنير اطلعا الحاضرين على لقائهما مع المعلم. وقالت المصادر: «يجب ان يتعاون الجميع في الموضوع اللبناني. هذه فرصة، وإذا لم تتعاون أي دولة، ستكون هناك مشكلة»، من دون ان تحدد طبيعة المرحلة المقبلة.

وأكدت مصادر الوفد السوري لـ «الحياة» ان اتصالاً جرى مع المعلم كي ينضم الى اللقاء، غير إنه قال «انا لا ادعى الى لقاء في اللحظة الأخيرة. هذا موضوع لبناني يقرره اللبنانيون. هذا هو الاحترام الحقيقي لسيادة لبنان واستقلاله».

وقال المعلم قبل مغادرته اسطنبول إن «أي اجتماع يخص لبنان بغياب الاخوة اللبنانيين، يجب التوقف عنده. اذا كان الهدف منه مساعدة الأطراف اللبنانيين جميعاً على الحوار للوصول الى مرشح رئاسي توافقي، وأن يكون الحل لبنانياً من دون تدخل خارجي، فهو اجتماع مرحب به».

وصدر بعد «الاجتماع السباعي» بيان أكد ان «التدخل والترهيب في العملية الانتخابية أمر غير مقبول. إن الدعم الدولي للبنان وشعبه قوي وغير قابل للتفاوض». وتابع البيان: «اجتمعنا لإعادة تأكيد رغبتنا في اجراء انتخابات رئاسية ناجحة في لبنان، ونتوقع ان ينتخب لبنان رئيساً جديداً يجسد الاستقلال والسيادة واحترام القرارات الدولية. إن المجتمع الدولي موحد في دعم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفقاً للدستور اللبناني، ونتطلع الى الترحيب برئيس لبناني جديد ليعمل على تعزيز سيادة لبنان والأمن والديموقراطية فيه».

وكان المعلم التقى قبل الاجتماع المخصص للبنان مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال الوزير السوري إن اللقاء تناول «الوضع في لبنان وشرحت موقف سورية وكان على اطلاع على لقائي مع كوشنير والنقاط التوافقية الست». ونقل عن بان «تأكيده ان على اللبنانيين ان يصلوا الى مرشح رئاسي في المواعيد الدستورية» وانه «حريص على أمن لبنان واستقراره». وزاد ان بان «يرى أن الحل لبناني لا ان ينتظر اللبنانيون الحل من الخارج».

وأكد ساترفيلد رداً على اسئلة «الحياة» أن رايس التقت المعلم بحضوره (ساترفيلد) والسفير رايان كروكر ومعاون وزير الخارجية السوري احمد عرنوس ومدير المكاتب الخاصة بسام الصباغ، موضحاً ان اللقاء الذي استمر اكثر من نصف ساعة «تركز على لبنان وتناول الأوضاع في العراق مع نقاش بسيط حول المؤتمر الدولي». وتابع ان اللقاء اتخذ «طابعاً حوارياً» حيث كررت رايس الموقف ذاته الذي قيل في «الاجتماع السباعي» حول لبنان، قائلة: «هناك فرصة كي تتخذ جميع الأطراف بما فيها سورية القرارات المناسبة» وان «جميع الدول بما فيها اميركا تراقب ما يحصل على الارض».

ونقل ساترفيلد عن رايس تأكيدها ان الرئيس اللبناني الجديد «يجب ان يكون اختياراً لبنانياً حراً من دون أي تدخل خارجي» وان يكون «ملتزماً سيادة لبنان والتزاماته الدولية 1559 و1701 والمحكمة الدولية»، مشيراً الى ان الشهر الجاري «مهم وحاسم»، علماً ان الجانب السوري يشدد على وجوب «عدم تدخل جميع الأطراف» وأن يكون «الحل لبنانياً».

وأكدت المصادر السورية ان المعلم «قدم مناقشة قوية لموقف دمشق»، قائلاً: «يجب ألا يكون لسورية ولا لأميركا مرشح رئاسي. هذا شأن لبنان»، مؤكداً: «من لا يريد التوافق لا يريد مصلحة لبنان واستقراره».

في المقابل، لاحظت المصادر ان رايس تحدثت عن الاجتماع الدولي، وسط تأكيد المعلم على ضرورة وضع الجولان على طاولة المؤتمر واهمية تحقيق السلام على جميع المسارات في تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط. وقال المعلم: «ان سورية تريد ان يكون الجولان على جدول الاعمال» وانها لن تقف ضد «أي تقدم حقيقي» على المسار الفلسطيني.

وفي بيروت قالت مصادر رسمية لبنانية لـ «الحياة» إن التقارير الديبلوماسية التي وردتها من اسطنبول عن اللقاءات التي جرت هناك حول الوضع اللبناني أشارت الى أن الجانب الفرنسي أكد أنه «ليست هناك ورقة تفاهم مشتركة بنتيجة لقاء الوزيرين كوشنير والمعلم، وأن الأخير ناقش بعضها معه وطرح نقاطاً أخرى منها التبادل الديبلوماسي وترسيم الحدود...».

وأوضحت المصادر أن «الموقف الفرنسي إزاء دور سورية في لبنان كان أكثر تشدداً حتى من الموقف الأميركي في إبلاغ دمشق وجوب عدم تدخلها في الانتخابات الرئاسية اللبنانية وعدم التسبب في إحداث الفراغ الرئاسي»... وقالت المصادر إن هذه التقارير أفادت أن كوشنير كان واضحاً وحازماً في موقفه.

وذكرت المصادر اللبنانية أن المعلومات الواردة إليها من اسطنبول تفيد بأن الاجتماع الوزاري الدولي - العربي الذي انعقد لإعلان أن «التدخل والترهيب في الاستحقاق الرئاسي اللبناني غير مقبول» كان بحث دعوة الوزير المعلم الى الاجتماع، ليس كي يشارك فيه، بل من أجل إبلاغه مضمون الموقف الذي صدر عن الاجتماع وأنه حين أُبلغ الوزراء المجتمعون أن المعلم توجه الى المطار مغادراً تركيا، تقرر إبلاغ الموقف الصادر عن الوزراء المجتمعين، الى السفير السوري في تركيا أمس.

على صعيد آخر، قالت مصادر رسمية إن مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية، هشام يوسف سيصل الى بيروت بعد غد الثلثاء لاستطلاع الأوضاع في لبنان في سياق تحرك عربي مرتقب.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)