اللقاء بين الرئيس وبشار الأسد ومبعوثي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، تشكل نقطة واضحة في طريق حسم العلاقات بين البلدين، فـ"كلود غيانت" الامين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية و"جان دافيد ليفيت" هم من المؤثرين في طبيعة القرارات السياسية الفرنسية حسب مصادر في باريس. كما أن اللقاء لا يمكن فصله عن العلاقات بين دمشق وواشنطن، فمنذ تقرير بيكر – هاملتون فضلت الإدارة الأمريكية طريقة ديبلوماسية جديدة مع دمشق، حيث تصبح فرنسا "حالة اختبار" لأي اتصال ديبلوماسي مع دمشق.

بالطبع فإن الطريق كان طويلا نوعا ما، والسياسة الفرنسية تحاول "حصره" في الموضوع اللبناني، ولكن هذه المسألة بالذات كانت سبب تدهور العلاقات بين البلدين، فلقاء الأمس وعلى عكس أي لقاء سابق مع "كوشنير" لم يشكل حالة إعلامية صارخة، وكافة التصريحات من الجانبين كانت هادئة ولم تفصح عن تفاصيل. وربما لهذا السبب يمكن توقع حدوث تطور جديد في مسألة العلاقات بين دمشق وباريس، وبالطبع فإن أي تطور لا يعني "تحسن" العلاقات أو تدهورها، بل الخروج من عدم وجود أي "قرار" سياسي يضع النقاط على الحروف حول "الرؤية المستقبلية" لتجاذب القوي في لبنان.

عمليا كانت مسألة "عدم التدخل" بالشأن اللبناني بالنسبة للولايات المتحدة وفرنسا، تعني أن تتدخل سورية لدى أطراف المعارضة في لبنان، وربما أن تحاول تحييد كل مصالحها الإقليمية بهذا الشأن، طالما أن الولايات المتحدة "حجمت" الدور السوري حسب الكثير من التحليلات الصادرة من لبنان. واليوم ربما ما تزال هذه النقطة موضع خلاف ونقاش، لكن تواجد المبعوثين يوحي بأن نفق التفاوض ربما سيصل إلى مرحلة حساسة، لا تحوي الكثير من الحديث عن الضغوط أو العناوين العريضة.

والأسبوع الحالي سيشكل أكثر من مسألة اختبار لما يمكن ان تقوم به باريس، لأنه سيوضح توجه السياسة الفرنسية نحو المنطقة، ليس بمعزلا عن الولايات المتحدة إنما باستقلالية في الآليات على الأقل، فباريس حسب نفس المصادر الفرنسية حسمت خياراتها التي يمكن أن تشكل تحولا في السياسة الدولية، فهناك انتقال سريع باتجاه رؤية المصالح في المنطقة بشكل يعبر عن الخصوصية الفرنسية.

ما يمكن ملاحظته بعد اللقاء الفرنسي – السوري الأخير أن هناك تجاوز واضح لمصطلحات بقيت لأكثر من سنتين عناوين للسياسة الفرنسية، وربما ستبقى في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، لكن التعامل السياسي سيصبح واضحا بشأن حسم القرار السياسي الفرنسي بعد أن تركت الولايات المتحدة المنطقة بعيدة عن أي حوار سياسي، واكتفت بالتلويح أحيانا أو بممارسة الحرب أغلب الأحيان.