يسعى كل من الرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة خارجيته كونداليسا رايس في قضايا السياسة الخارجية الرئيسية على مدار الأعوام السبعة الماضية محاولات مسعورة لإيجاد مكان لهما في التاريخ. إدارة بوش في بداية عهدها استخفت بالقضايا الأساسية للسياسة الخارجية في عهد إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، التي كانت تتمحور حول عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية والتوصل لإطار متفق عليه مع كوريا الشمالية. وكانت النتيجة أن إدارة كلينتون قطعت شوطا هائلا في الشرق الأوسط ولم تخرج بشيء، وفي كوريا الشمالية تبين أن الكوريين الشماليين كانوا يكذبون بشأن التزامهم في عام 1994 بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل. وما كان قديما يبدو جديدا الآن بعد سبعة أعوام من عمر رئاسة بوش.

ففي عام 2001 كانت هذه الإدارة حديثة العهد تستخف بجهود كلينتون لبناء دولة فلسطينية في ظل وجود حكومة إرهابية. ورفض بوش السماح لياسر عرفات حتى بولوج باب البيت الأبيض، وقال انه لن يؤيد إنشاء دولة فلسطينية حتى ينخرط قادتها في حرب جادة ضد الإرهابيين.

والآن، بعدما سيطرت حماس على قطاع غزة، يجد محمود عباس نفسه رئيسا عاجزا لسلطة فلسطينية في حين يقوم أعضاء من المسلحين المحسوبين على فتح بزعامته بمحاولة لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وفي الأثناء تتردد رايس كثيرا على المنطقة وتطلب النصيحة، ليس من بيل كلينتون فحسب، وإنما من جميع المطلعين، بمن فيهم الرئيس السابق جيمي كارتر. ومن المقرر أن تقوم في الأسبوع المقبل بلعب دور المضيف لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وخصومه الفلسطينيين في جلسة مباحثات في أنابوليس. ونذكر هنا أن المفاعل النووي السوري، الذي أغارت عليه الطائرات الإسرائيلية في شهر سبتمبر الماضي استنادا إلى معلومات استخباراتية إسرائيلية- أميركية، كانت ثمرة لتعاون امتد لعدة أعوام بين الموردين النوويين في كوريا الشمالية والسوريين. وتعليق وزيرة الخارجية الأميركية على هذا الحدث بالقول إن قضايا الانتشار النووي لا تؤثر على جهودنا في إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لهو تعليق ابعد ما يكون عن الواقعية، ذلك أن إسرائيل لن تقف تتفرج وهي مكتوفة الأيدي، فيما جيرانها يكتسبون تكنولوجيا نووية من شريك لأميركا في الاتفاق الإطاري المتفق عليه حديثا. إن رايس ترهن تركتها على السلوك المستقبلي للنظام في كوريا الشمالية والسلطة الفلسطينية. وفي النهاية هذا لن يخدم لا مصالحها الشخصية ولا المصالح القومية الأميركية.

مصادر
القبس (الكويت)