"ليس لهذه الحالة نظير في التاريخ السياسي الأميركي"، بتلك المقولة يصف الأستاذين الجامعيين المشهور لهما بالكفاءة والاحترام "جون ميرشايمر" "John Mearsheimer" و"ستيفن وولت" " Stephen Walt " في دراستهما المعنون بـ " اللوبي الإسرائيلي"، والتي أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الأميركية والموالية لإسرائيل، والتي بلغت حد تشبيها بـ "برتوكولات حكماء صهيون"، والتي تحولت إلى كتاب يحمل نفس العنوان صدر هذا العام، مدي العلاقة الإستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب. وانطلاقاً من تلك المقولة، يتبني المتنافسين على المكتب البيضاوي موقفاً متشابهاً من إسرائيل وعملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط؛ وذلك لكسب تأييد الجالية اليهودية داخل الولايات المتحدة، ذات تأثير قوي في الانتخابات من خلال صناديق الاقتراع، أو خلال الحملات الانتخابية لكونها قوي اقتصادية تُشكل تبرعاتها عصب تلك الحملات الانتخابية.

سوف نركز على موقف اثنين من منافسي الحزب الجمهوري؛ ككاشف عن موقف باقي المتنافسين الجمهوريين من إسرائيل وعملية السلام.

رودي جولياني وإسرائيل
يرتبط جولياني بعلاقات خاصة بالقيادات الإسرائيلية منذ أن أصبح عمدة مدينة نيويورك. ويقول عنه رئيس الوزراء الحالي "إيهود أولمرت" "لم أجد أي صديق أفضل للقدس في الولايات المتحدة من رودي جولياني". وتعتبر الأوساط الإسرائيلية جولياني داعم ومؤيد آمين للأمن والمصالح الإسرائيلية. وفي عام 2001 زار جولياني مع وفد ضم العديد من القيادات السياسية بولاية نيويورك إسرائيل. وفي مداعبة مع وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت "شمعون بيريز"، قال أنه ترك الولايات المتحدة أربعة مرات ثلاثة منها كانت رحلات لإسرائيل؛ ولذلك فهو حسب تعبيره لبيريز "نصف مواطن إسرائيلي الآن"، وفي منتصف يونيو 2007، التقي برئيس الوزراء الحالي واللذان يرتبطان بعلاقة خاصة تعود إلى عقد من الزمن.

ومثل باقي المتنافسين للمنصب الرئاسي يقول جولياني أن البلدين يشتركان في العديد من القيم الديمقراطية وكذلك الحريات (السياسية والاقتصادية.)، ويعتبر إسرائيل "واحة الديمقراطية" في صحراء الطغيان والديكتاتورية. وفي حديث له يعود إلى ابريل 2005 قال أن حياة الأميركيين كانت في خطر إبان حرب الخليج الثانية، وإسرائيل هي الدولة التي وقفت بجانبهم في الوقت الذي أدار فيه البعض ظهورهم عن الأميركيين ودعمهم. ويقول أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي ضربت القيم المشتركة بين البلدين، دعمت تل أبيب واشنطن في مجال محاربة الإرهاب، بينما رفض البعض استنكار تلك الأحداث.

وبالاتفاق مع باقي المتنافسين، دعا إلى أن يكون لواشنطن دور في عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط، ففي مقالته المعنونة بـ " الاتجاه نحو سلام واقعي" "Towards a Realistic Peace" بدورية "الشؤون الخارجية" في عددها سبتمبر/أكتوبر 2007، أن أي اتفاق بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لابد أن ينطلق من إيمان فلسطيني بمحاربة الإرهاب (أي جماعات المقاومة الفلسطينية)، فضلاً عن، إظهار الرغبة في العيش السلمي بجانب الدولة الإسرائيلية، وأن أي عملية السلام لابد أن تحافظ على الأمن الإسرائيلي.

ويتفق معهم أيضا في أن هناك التزام أميركي بضرورة الحفاظ على الأمن الإسرائيلي، والذي يعد أحد أولويات السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، وكذلك بمنطقة الشرق الأوسط. وانطلاقاً من الرابطة الأبدية والالتزام الأميركي بالأمن والتفوق العسكري الإسرائيلي، دعا جولياني إلي انضمام تل أبيب إلى حلف شمال الأطلسي (حلف الناتو)؛ وللحفاظ على الأمن الإسرائيلي من أي تهديد مستقبلي. ويرفض المفاوضات مع لبنان وسوريا فيما يخص المناطق التي تحتلها تل أبيب (مزارع شبعا وهضبة الجولان)؛ خوفاً من سيطرة الجماعات الإسلامية على تلك المناطق والتى ستكون في التحليل الأخير أحد مصادر التهديد الأساسي لإسرائيل.

جون ماكين وإسرائيل
بجانب تأكيده على القيم والسمات المشتركة بين البلدين، يرى ماكين أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تمثل أكبر تهديداً للأمن الإسرائيلي؛ من خلال سيطرتها على قطاع غزة، وتبنيها العنف والعمليات المسلحة ضد الإسرائيليين (المدنيين والعسكريين). بجانب تزايد إطلاق الصواريخ على مناطق السيادة الإسرائيلية.

ويري أن قضية حماس ليست حدود 1967، ولكن إزالة إسرائيل، ورفض العيش معها. وحماس وإيران (الداعم الأساسي لحماس) لا تريدان عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط، بل تريدان تدمير إسرائيل وإزالتها من على الخريطة؛ فلذلك يري أن واشنطن لابد أن تعمل على عزل حماس دوليا، وتدعيم الحق الشرعي القانوني لدفاع تل أبيب عن أمنها ضد صواريخ حزب الله وحماس، والضغط على دمشق وطهران؛ لوقف دعمهما لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله والجماعات التي ترى فيها واشنطن وتل أبيب أنها جماعات إرهابية.

واتساقاً مع باقي المرشحين، يدعو ماكين لتدعيم إسرائيل بكافة الأسلحة والتقنيات العسكرية المتقدمة، حيث إسرائيل من وجهة نظره حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، وذلك للتفوق الإسرائيلي النوعي على كافة الدول العربية الساعية إلى تدعيم قوتها العسكرية بالاعتماد على قوي دولية مناوئة للولايات المتحدة ولاسيما موسكو.

ويذكر أنه خلال العام الماضي (2006) تمكن من زيارة إسرائيل والالتقاء مع عائلتي الجنديين الإسرائيليين المأسورين من قبل حزب الله اللبناني والتى أثني خلالها على دورهم المقدس (من وجه نظره) في حماية الأمن الإسرائيلي ومحاربة الدول المعتدية على مشعل الحرية في منطقة الشرق الأوسط.

ويقول أنه في حال وصوله إلى المكتب البيضاوي، فإنه سيعمل على تحقيق الأمن والمصلحة الإسرائيليتين، وأن سيدعو تل أبيب إلى لعب دور محوري وأساسي في "اتحاد الديمقراطيات" "League Of Democracies"، الذي اقترحه كمنظمة تضم الدول المتشابهة في القيم والمصالح من أجل العمل سوياً من أجل قضية السلام.

متنافسين رغم توافق الرؤى
يتضح من تناولنا السابق لموقف المتنافسين الديمقراطيين والجمهوريين من إسرائيل وعملية السلام، أن هناك نقاط التقاء كثيرة بين المتنافسين حيث ينطلقون من قناعة مفادها أن هناك التقاء أميركي إسرائيلي حول قيم الديمقراطية والحرية. وأن تل أبيب واحة الديمقراطية في صحراء الاستبداد والديكتاتورية التي تتسم بها أنظمة دول منطقة الشرق الأوسط، وكذلك الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها النوعي على كافة دول المنطقة؛ حتى حلفاء الولايات المتحدة هناك، وتأكيد وتعزيز التعاون التقني والعسكري بين البلدين.

بجانب ضرورة إعادة تفعيل الدور الأميركي في عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، بعد غياب للتأزم الأميركي في العراق والعديد من مناطق النزاع، التى تورطت فيها واشنطن، ويتفقون على أن إعادة الدور الأميركي يرتبط بالخروج الأميركي من المأزق العراقي، ويتفقون أيضا على ضرورة عزل كافة الجماعات والمنظمات الساعية لاستخدام القوة المسلحة ضد إسرائيل داخل أوطانها، وكذلك إقليميا ودوليا، وعدم التحاور معها إلا بعد نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل، وكذلك الضغط على كل من طهران ودمشق اللتين تعدان أكبر داعم لكافة الفصائل المقاومة داخل فلسطين، واتخاذ إجراءات على المستوي الدولي بدعم الحلفاء لتقويض إيران عن سعيها إلى امتلاك أسلحة نووية تهدد الأمن الإسرائيلي والتى ستعمل على إخلال التوازن العسكري بالمنطقة لغير صالح إسرائيل.

لماذا الجالية اليهودية الأميركية؟
يثير موقف المتنافسين الجمهوريين والديمقراطيين تساؤلاً رئيسياً مفاده لماذا الجالية اليهودية؟. فبعيداً عن الأسباب الدينية والعقائدية التى تفرض التأييد اللامتناهي لإسرائيل، يسعي المتنافسون في الانتخابات الرئاسية إلى استمالة اليهود للحصول على أصواتهم خلال الانتخابات.

فالولايات المتحدة تأتي في المرتبة الثانية بعد إسرائيل في ضمها أكبر عدد من يهود العالم. فطبقا لإحصاءات للوكالة اليهودية "Jewish Agency" لسنة 2007، تضم إسرائيل 5.
4 مليون يهودي بنسبة 40.9% من يهود العالم، في حين تضم الولايات المتحدة الأميركية 5.3 مليون بنسبة 40.2% من يهود العالم. واليهود هم أكثر الجاليات تركزاً في الولايات المتحدة لذلك تعد ذات ثقل في الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن، أنهم أكثر الأقليات الأميركية تمركزاً في المدن، مما يعكس أهميتهم في نظر المرشحين والمتنافسين للانتخابات الرئاسية والكونجرس، فمدينة نيويورك تضم ما يقرب من (1.750.000) يهودي، ميامي (535 ألف) يهودي، لوس أنجلوس (490ألف) يهودي، فيلادلفيا (285 ألف) يهودي، شيكاغو (265 ألف) يهودي، سان فرانسيسكو (210 ألف) يهودي، وأخيراً بوسطن (208 ألف) يهودي، وتلك المدن ذات ثقل انتخابي في ولاياتها. وعلى الرغم من أن اليهود لا يشكلون أكثر من 2% من الناخبين الأميركيين، لكنهم يشاركون بكثافة في الانتخابات، حيث يصوت ما بين 80 إلى 85 % منهم بانتظام، وهي أعلي بكثير من أية مجموعة أو أقلية أخرى، بل ومن معدل الناخبين الأميركيين أنفسهم.

وتعد الأقلية اليهودية من أكثر الأقليات ثراءً في العالم، أن لم تكن أغناها بالفعل، كما يتمتع اليهود داخل الولايات المتحدة بمستوي تعليمي مرتفع داخل واشنطن، فضلاً عن، تميزهم بالنشاط السياسي مما يضاعف تأثيرهم الانتخابي، فمنهم أبرز المثقفين والفنانين والمحللين السياسيين في أجهزة الإعلام المختلفة، فضلاً عن ،مساهمة أثريائهم في تمويل الحملات الانتخابية؛ ولهذا يمكن لأي تغير طفيف في أصوات الناخبين اليهود الأميركيين أن يؤثر على النتائج النهائية للاستحقاق الرئاسي الأميركي.

وفي التحليل الأخير، نخلص إلى أن أي رئيس أميركي منتخب سواء أكان جمهورياً أو ديمقراطياً يمينياً أو يسارياً، لابد أن يحصل على تأييد الجالية اليهودية لضمان أصواتهم في الانتخابات، وفي مقابل تلك الأصوات تحصل الجالية اليهودية على تأييد هذا الرئيس لإسرائيل ودعمها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.

دعم إسرائيل بين أوباما وهيلاري كلينتون

هذا وتتسم الانتخابات الرئاسية الأميركية بالتعقيد والتشابك؛ نظرًا لشراسة المنافسة الانتخابية بين المتنافسين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ للحصول علي ترشيح حزبهما؛ لخوض السباق الانتخابي؛ من أجل الوصول إلي المكتب البيضاوي. هذا فضلاً، عن تعدد القضايا محور المنافسة الانتخابية، التي تتنوع مابين قضايا داخليه وأخري خارجية.

وتعدد القضايا والإخفاق الأميركي، ولاسيما في الكثير من مناطق النفوذ الأميركي يعطي لتلك المنافسه طابع خاص، حيث تأتي المنافسة الانتخابية في وقت تشهد فيه واشنطن حاله من التأزم في العراق، لارتفاع الخسائر الأميركية المالية والبشرية هناك. فضلاً عن، تبديد الآمال الأميركية المعقودة علي الحرب الأميركية في العراق، والتي لا تقل أهميةً عن جعل العراق رأس رمح للتغير في منطقه الشرق الأوسط. بالإضافة إلي تراجع الدور الأميركي في منطقة الشرق الأوسط أمام قوي جديدة علي غرار إيران الساعية إلي تدعيم موقعها في تلك المنطقة الحيوية؛ بسعيها لامتلاك قوي نوويه، وروسيا الراغبة في استعاده مجد الإمبراطورية السوفيتية في مناطق التراجع الأميركي. ناهيك عن، خروج العديد من الحلفاء الأوروبيين من الدوران في فلك السياسة الأميركية.

مع اشتعال المنافسة بين المرشحين في طرح رؤيتهم للعديد من القضايا؛ من أجل كسب أكبر عدد من المؤيدين خلال صناديق الاقتراع، أو من خلال تدفق التبرعات المالية التي تكون عصب الحملات الانتخابية. ولذلك يعمل هؤلاء المتنافسون علي كسب ود الجاليات والأقليات ذات الأهمية داخل الولايات المتحدة، سواء استناداً إلي قوتها التصويتية (عدد الأصوات)، أو قوتها المالية. ولا يجد هؤلاء أقليه يتواجد فيها هاتين الصفتين إلا الجالية اليهودية.

وانطلاقاً من أهمية تلك الجالية في الولايات المتحدة، فإن التقرير التالي سوف يتناول موقف المتنافسين الديمقراطيين من إسرائيل وعمليه السلام بمنطقه الشرق الأوسط، ولاتفاق معظم المرشحين في الخط العام تجاه العديد من القضايا سواء الداخلية أو الخارجية، فإننا سوف نركز علي أقوي اثنين من المتنافسين الديمقراظيين وهما "باراك أوباما" و"هيلاري كلينتون"

باراك أوباما وإسرائيل
تنطلق رؤية "باراك أوباما"، السيناتور عن ولاية " إلينوي "، والذي صعد نجمه في الآونة الأخيرة، لإسرائيل من أنها الدولة الديمقراطية (واحة الديمقراطية ) في منطقه الشرق الأوسط، وأنها تشارك واشنطن العديد من القيم الديمقراطيه والحريه السياسية والاقتصادية وكذلك حرية المرأة، ناهيك أيضاً عن التقارب الأميركي – الإسرائيلي في قضيه محاربه الجماعات الاسلاميه المتطرفه التي تنامت بصوره متزايدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وفي كلمته أمام لجنة العلاقات العامة الأميركية ـ الإسرائيلية (ايباك)" American Israel Public Affairs Committee (AIPAC)"، عبر عن سعادته لزيارة إسرائيل لأول مرة خلال عام 2006، والتى زار خلالها عدداً من المدن والأماكن المقدسة المشابهة لمعظم المدن والضواحي الأميركية من حيث التخطيط والمدنية. وخلال كلمته أيضاً نقل صورة المنازل التي دمرتها صواريخ حزب الله اللبناني إبان الحرب الإسرائيلية في لبنان، والتى استمرت لقرابة 34 يومًا خلال شهري يوليو وأغسطس من العام الماضي (2006). كما نقل أيضاً مشاعر الأسر الإسرائيلية التي كانت تعيش في تلك المنازل، وأعلن أنه التقي بأسرة الجندي الأسير من قبل جماعة المقاومة الإسلامية (حماس) "جلعاد شاليط"، وأسرة الجنديين اللذين أسرتهما قوي حزب الله اللبناني، والتى كانت سبب العدوان الإسرائيلي على لبنان.

وفيما يتعلق بدور الولايات المتحدة الأميركية بعملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط، ولاسيما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يري أن الحرب الأميركية في العراق (مارس 2003) التي رفضها منذ بداياتها قوضت من فاعلية الدور الأميركي في عملية السلام، وكذلك حسبما جاء في مقالته المعنونة بـ " إعادة تجديد القيادة الأميركية" "Renewing American Leader"، والمنشورة بدورية "الشؤون الخارجية" "Foreign Affairs" التي تصدر عن "مجلس العلاقات الخارجية" "Council on Foreign Relations (CFR)"، عن شهري يوليو/أغسطس الماضيين (2007).

ولكي تستعيد واشنطن دورها عالمياً وفي منطقة الشرق الأوسط، يرى أنه يتوجب على واشنطن التخلص من العبء العراقي الذي يثقل كاهلها، ولهذا طرح العديد من السياسات لحل المعضلة الأميركية في العراق، والتى كانت محور تقرير سابق تحت عنوان "أوباما يطالب العرب بدور أكبر في العراق". ويري أن الالتزام الأميركي بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لابد أن تنطلق من الحفاظ على الأمن الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار، يري أن التحديات المحدقة بإسرائيل، تبدأ من التهديد الإيراني المحتمل، المتمثل في تصريحات رئيسها "محمود أحمدي نجاد" بمحو إسرائيل من على الخريطة، وإنكار المحرقة اليهودية التي يراها الرئيس الإيراني كذبة أو أسطورة، في حين يراها أوباما على أنها حادثة وقعت بالفعل، حصدت ما يقرب من 6 مليون يهودي، والتى تُعبر عنها الصور الموجودة بمتحف "الهولوكست بواشنطن". ناهيك عن، التهديدات النووية الإيرانية لأمن الإسرائيلي؛ والتى ستؤدي في التحليل الأخير إلى اختلال موازين القوي بالمنطقة لغير صالح إسرائيل.

وبالإضافة إلى التهديد الإيراني، هناك تهديدات أخري لا تقل أهميةً عن التهديد الأول، ولاسيما تنامي نفوذ تنظيم القاعدة في منطقة الشرق الأوسط ورغبته في تقديم الدعم للفصائل الفلسطينية، وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة والذي أصبح منطقة لإطلاق صواريخ حماس على المدن والمستوطنات الإسرائيلية.

ويري أن تلك التحديات والتهديدات من الصعوبة بمكان على تل أبيب التعامل معها بمفردها، وهو الأمر الذي يتطلب التعاون بين البلدين، وزيادة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل والاستمرار في المشاريع الأمنية والعسكرية المتعلقة ببرامج الدفاع وتطوير الصواريخ، وتعزيز التفوق الإسرائيلي النوعي بمنطقة الشرق الأوسط؛ مما سيجعلها قادرة على مواجهة أي تهديد لأمنها الداخلي (حماس وجماعات المقاومة)، أو الخارجي (إيران وسوريا).

هيلاري كلينتون وإسرائيل
تُعتبر "هيلاري كلينتون"، من أشد منافسي أوباما على تسمية الحزب الديمقراطي للمنافسة على المكتب البيضاوي. وفيما يتعلق بإسرائيل وأمنها، تنطلق "هيلاري" من ذات الفرضية التي انطلق منها منافسها الأسود في تأييد إسرائيل من أن الولايات المتحدة وإسرائيل تشتركان في العديد من القيم، ولاسيما الديمقراطية وكذلك محاربة الإرهاب، وأن العلاقات بين واشنطن وتل أبيب تقوم على رابطة قوية يصعب اختراقها؛ لأنها متجذرةً بقوة، فضلاً عن، المصالح المشتركة، وتتفق أيضاً معه في أن سيطرة حماس على قطاع غزة يشكل تهديداً للأمن الإسرائيلي؛ حيث تصبح المدن المستوطنات الإسرائيلية أكثر عرضة لصواريخ حركات المقاومة الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص حركة حماس.

ولهذا دعت هيلاري، التي زارت إسرائيل أكثر من مرة ما بين سياسية وشخصية، الإدارة الأميركية إلى زيادة المعونات العسكرية لإسرائيل، انطلاقاً من الالتزام الأميركي بالتفوق النوعي العسكري والتقني لإسرائيل بالمنطقة، التي تراها أنها منطقة غير مستقرة ومضطربة. فضلاً عن، التهديد الإيراني وحزب الله اللذين لا يمثلان تهديداً لإسرائيل فقط ولكن للأمن العالمي أيضاً؛ ولذا فتري أن أمن وحرية إسرائيل يجبا أن يكونا صميم التحرك الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط.

وانطلاقاً من الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل وتفوقها النوعي بالمنطقة صوتت هيلاري بالموافقة على المعونات العسكرية لإسرائيل، التي تصل إلى 2.4 مليار دولار كمساعدات عسكرية و40 مليون دولار لمساعدة تل أبيب لاستيعاب المهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق، حسب مشروع قرار المساعدات الأميركية الذي وافقت علية لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ الأميركي في يونيو 2007. وكعضو في اللجنة العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ دعمت هيلاري التعاون العسكري والتقني بين البلدين، كما أنها اجتمعت بالعديد من المسئولين الإسرائيليين؛ لمناقشة التحديات والمصالح المشتركة.

وفي إطار تعليقها على الحرب الإسرائيلية في لبنان قالت أن إسرائيل محاطة بدول سلطوية وديكتاتورية, وأن إسرائيل دولة ذات سيادة ومن حقها حماية أمنها بالهجوم على من يشكل تهديداً لأمنها القومي (الحروب الإستباقية)، وفي ردها على ما إذا كانت تدعم الهجوم الإسرائيلي على مطار لبنان، قالت أنها تدعم أي هجوم إسرائيلي على أعدائها وأي هجوم يعمل على الحفاظ على أمنها ومصالحها.

وانتقدت كباقي أعضاء الإدارة الأميركية ومنافسيها، خطاب الرئيس الإيراني المناهض لتل أبيب، ولوجودها بمنطقة الشرق الأوسط، وأيدت بناء الجدار الفصل العنصري تحت ادعاء أنه يمثل حماية لإسرائيل من العناصر الإرهابية.

وفيما يتعلق بدور واشنطن في عملية السلام، اتفقت مع أوباما في مقالتها المنشورة بمجلة "الشؤون الخارجية" لشهري نوفمبر/ديسمبر 2007 والموسومة بـ "الأمن والفرصة للقرن الحادي والعشرين" "Security And Opportunity For The Twenty - First"، في أن المأزق الأميركي في العراق، والذي بدأ يحتل الأجندة الأميركية أثر بالسلب على الدور الأميركي في عملية السلام.
ولإعادة تفعيل هذا الدور ترى أنه يجب على القيادة الأميركية القادمة تقديم حل عملي وواقعي للمأزق الأميركي في العراق، والذي سيمكن واشنطن من لعب دور بناء في إعادة تفعيل عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي يعني في نهاية الأمر الحفاظ على الأمن الإسرائيلي وعلى العلاقات طبيعية مع كل من تل أبيب وفلسطين.

وتربط في مقالتها بين قيام الدولة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية وإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي بالاعتراف الفلسطيني بحق إسرائيل في الوجود بالمنطقة، وتقديم ضمانات من الجانب الفلسطيني؛ لتحقيق الأمن الإسرائيلي، والاعتراف الدبلوماسي والتطبيع مع إسرائيل.

ورغم تشابه موقفي أوباما وهيلاري من إسرائيل وعملية السلام وتأكيدهما على الالتزام الأميركي بدعم إسرائيل، إلا أن بعض التوقعات داخل الولايات المتحدة تقول أن الجالية اليهودية تنحاز إلى جانب أوباما والذي يمكن ملاحظته من خلال استضافة ثلاثة من كبار الجالية اليهودية "ستيفن اسبيلبيرج" "Steven Spielberg" و"ديفيد جيفن" "David Geffen" و"جيفيري كاتزبيرج" "Jeffery Katzenberg" حفلة لجمع التبرعات لعضو مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي "باراك أوباما"، فضلاً عن، تدعيم رجل الأعمال اليهودي "جورج سورس" "George Soros". والكثير داخل واشنطن يربط بين "أوباما" و "مارتن لوثر كينج" "Martin Luther King" الذي تميز بعلاقات خاصة بالقيادات اليهودية.