في ظل التوترات بين إيران والولايات المتحدة على خلفية حادث اعتراض زوارق ايرانية لسفن اميركية في خليج هرمز، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على جنرال بارز في قوة القدس بالحرس الثوري الإيراني، وهو الجنرال أحمد فوروزانده، بتهمة تأجيج العنف في العراق. كما شملت العقوبات عراقيين في المنفى في سورية وايران، وقناة الزوراء التلفزيونية ومقرها دمشق. ويأتي ذلك فيما حذرت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) امس من انها مستعدة لاستخدام القوة اذا تعرضت البوارج الحربية الاميركية للخطر في المياه الدولية، وذلك بعد تنديدها بالمواجهة التي وقعت بين زوارق ايرانية واميركية في مضيق هرمز قبل 3 ايام. وحول العقوبات الاميركية الجديدة, قال مسؤول بالخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط»، ان العقوبات الجديدة، التي تهدف الى وقف تمويل وتنفيذ عمليات العنف في العراق، جاءت بمبادرة من وزارة الخزانة الاميركية، موضحا انها تنصب على قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني وناشطين في صفوفه. وبالاضافة الى الجنرال فوروزانده، فإن العقوبات تشمل ايضا ثلاثة عراقيين في المنفى وقناة الزوراء، التي تعمل من سورية. وقالت وزارة الخزانة الاميركية في بيانها حول العقوبات، ان الجنرال أحمد فوروزانده «يقود عمليات ارهابية في العراق وخططا لاغتيال شخصيات عراقية». وقال مسؤول بارز في ادارة بوش ان العقوبات تفرض على ايرانيين وعراقيين في المنفى، لانهم «يدعمون في الاساس التمرد بسبل مختلفة في العراق». وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، في تصريحات لرويترز، ان العقوبات ستفرض بموجب امر تنفيذي وقعه بوش العام الماضي بغرض استهداف افراد او منظمات تروج للعنف او تدعمه في العراق. واتصلت «الشرق الاوسط» بوزارة الخزانة الاميركية لمعرفة مزيد من التفاصيل، الا ان الوزارة رفضت التعليق. وقوة القدس هي وحدة قوات خاصة تابعة للحرس الثوري الايراني، اتهمتها ادارة بوش في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، بنشر اسلحة الدمار الشامل. وكانت الادارة الاميركية قد فرضت اضافة لذلك عقوبات على قوة القدس ككل في اكتوبر كوسيلة لتصعيد الضغط على طهران بسبب انشطتها في العراق وبرنامجها النووي. ودأبت الحكومتان الاميركية والعراقية على انتقاد قناة الزوراء، لبثها برامج اعتبرت مؤيدة للجماعات السنية المسلحة في العراق، ولعمليات العنف. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في يناير 2007، إن السفارتين الأميركية والعراقية في القاهرة طلبتا من الحكومة المصرية منع بث الزوراء على نايل سات. فأوقفت مصر في فبراير(شباط) 2007 بث القناة العراقية الخاصة، لأسباب قالت إنها فنية. وساعتها هدد مشعان الجبوري، صاحب القناة، بمقاضاة الحكومة المصرية واتهمها بإغلاق القناة لأسباب قال إنها سياسية، إلا أنه أكد أن قناته سوف تواصل البث عبر القمر الصناعي عرب سات. لكن أمين بسيوني، رئيس مجلس إدارة شركة نايل سات، مالكة القمر الصناعي المصري، الذي تبث عليه الزوراء، رد على الجبوري قائلا، بأن توقف القناة عن البث جاء لأسباب فنية وليس بدافع الرقابة عليها. ويذكر أن الجبوري كان عضوا في مجلس النواب (البرلمان العراقي) ويعيش الآن في سورية التي هرب إليها بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه إثر اتهامه في شهر أكتوبر 2006 باختلاس سبعة ملايين دولار من صندوق لتأمين أنابيب النفط العراقية. وتأتي العقوبات الجديدة وسط توترات هذا الاسبوع بين طهران وواشنطن، بعدما واجهت زوارق ايرانية سريعة ثلاث سفن أميركية في مضيق هرمز. وظهر في شريط الفيديو، الذي بثه البنتاغون زوارق ايرانية تضايق وتهدد بالهجوم على ثلاث بوارج اميركية تجوب مضيق هرمز بين سواحل ايران وشبه الجزيرة العربية، حيث تعبر ما بين 20% الى 25% من النفط العالمي. ووصف الرئيس الاميركي جورج بوش تلك المواجهة بأنها «استفزازية»، وأذاعت وزارة الدفاع الاميركية فيلم فيديو يظهر المناوشات بين الزوارق الإيرانية والسفن الاميركية، مصحوبا بصوت يتحدث بالانجليزية يقول «سآتي لكم وأفجركم»، الا ان طهران نفت امس صحة شريط الفيديو، واتهمت واشنطن بفبركته. وقالت شبكة «برس تي في» التلفزيونية الايرانية نقلا عن مصدر بالحرس الثوري، عن شريط الفيديو الذي بثته واشنطن ليل اول من امس ان «المشاهد التي بثتها البحرية الاميركية هي مشاهد ارشيف والحوارات مفبركة».

لكن واشنطن ردت على الاتهامات الايرانية بتحذير جاء على لسان البنتاغون امس، مفاده ان واشنطن مستعدة لاستخدام القوة اذا تعرضت البوارج الحربية الاميركية للخطر في المياه الدولية. ونفى البنتاغون من جهة اخرى الاتهامات بفبركة شريط الفيديو. وأعلن الناطق باسم البنتاغون براين ويتمان «سنتبع في المستقبل الاجراءات الرسمية في التعامل مع هذا النوع من المخاطر كما فعلنا في الماضي». وصرح للصحافيين في واشنطن أمس «من حظنا اننا لم نضطر الى استخدام القوة، لكننا مستعدون دائما لذلك اذا تعرضت سفننا للخطر في المياه الدولية». وتوالت ردود الفعل على التحرش بالسفن الاميركية، الذي يترافق مع جولة الرئيس الاميركي جورج بوش للمنطقة، اذ وصف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أمس تصرف ايران بانه «خطير جدا». وقال كوشنير للصحافيين «اعتبر تصرف ايران خطيرا جدا»، مضيفا «ان النحل، تلك القوارب الصغيرة، حاولت لدغ السفينة الكبيرة، واعتبر ان ذلك خطير جدا». وتابع كوشنير ان «كل عمل استفزازي سواء كان دفاعيا او هجوميا، يبدو لي خطيرا جدا»، داعيا الطرفين الى الاعتدال.

من جهة اخرى، يبدأ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، الجمعة زيارة الى ايران تستمر يومين بهدف السعي مجددا لاستيضاح بعض نقاط البرنامج النووي الايراني المثير للجدل. وقالت المتحدثة باسم الوكالة ميليسا فليمينغ، «يأمل البرادعي خلال زيارته ان يتمكن من تطوير سبل ووسائل تحسين وتسريع ارساء اجراءات الحماية في ايران، بهدف حل القضايا التي لا تزال عالقة»، بشأن الانشطة السابقة والحالية النووية الايرانية. ويرافق البرادعي في زيارته السادسة لايران منذ 2003، المسؤول الثاني في الوكالة الذرية اولي هينونين وفيلموس سيرفيني مدير العلاقات الخارجية والتنسيق السياسي.

ومحور الزيارة الجديدة هو البرنامج النووي الايراني، الذي تقول ايران انه محض مدني وسلمي، وتقول واشنطن وبعض حلفائها الغربيين انه يخفي اهدافا عسكرية، ويشير محللون الى انه تنقصه الشفافية، رغم اربع سنوات من التحقيقات المكثفة. وتأمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي انتقدت ايران في نوفمبر (تشرين الثاني) بشأن استئناف انشطة تخصيب اليورانيوم رغم تحذيرات وعقوبات الامم المتحدة، معرفة المزيد بشأن تجارب اجريت باستخدام البلوتونيوم واستخدام اجهزة طرد مركزي من نوع بي1 وبي2 لانتاج يورانيوم مخصب. كما تتساءل الوكالة ايضا بشأن جزيئات اليورانيوم العالية التخصيب شبيهة بتلك التي تدخل في تصنيع السلاح الذري، التي عثر عليها مفتشون من الوكالة في جامعة طهران التقنية. وكان يتعين مبدئيا ان تقدم خطة العمل المعدة من الايرانيين ومسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في اغسطس (آب) الماضي، كامل الاجوبة عن هذه الاسئلة في ديسمبر (كانون الاول) 2007، غير ان الامر ما زال معلقا بهذا الشأن. وبعد بدء ملف المباحثات المخصص لمشاكل تلوث محتمل في نوفمبر، يتعين على خبراء الجانبين من الان فصاعدا بحث «الانشطة التي يمكن ان تكون لها تطبيقات عسكرية»، بحسب خطة العمل. ومن دون تحديد اسماء، قالت المتحدثة باسم الوكالة ان البرادعي سيلتقي شخصيات رفيعة المستوى في طهران. وتوقع مصدر دبلوماسي في فيينا ان تشمل اللقاءات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وآية الله علي خامنئي المرشد الاعلى للجمهورية في ايران. وبعد التقرير الاخير لاجهزة المخابرات الاميركية الذي اشار الى ان ايران عملت على برنامج نووي عسكري غير انها اوقفته في 2003، تصر واشنطن على قيام طهران بالكشف التام عن برامجها.

وقال غريغوري شولت السفير الاميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لوكالة الصحافة الفرنسية، «ان النقطة المركزية تتمثل في الحصول على كافة الوثائق الخاصة بتاريخ كامل البرنامج النووي الايراني العسكري، اضافة الى وسائل التثبت من ان البرنامج اوقف بالفعل». واضاف ان زيارة البرادعي لايران «ستكون مناسبة للالحاح على الحصول من ايران على اعترافات كاملة وعلى اثبات من دون تأخير».