سيعود الرئيس جورج بوش الذي أنهى زيارة تاريخية إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، في أيار( مايو) القادم. الهدف المعلن هو متابعة وعده بالتوصل إلى معاهدة سلام خلال السنة المتبقية من حكمه، لكن الهدف الأساسي هو المشاركة في احتفالات الدولة العبرية بالذكرى الستين لقيامها. وستكثف كونداليزا رايس بالإضافة إلى الجنرالات الأمريكيين الثلاثة، الذين عينهم بوش لمتابعة المفاوضات، من زيارتها إلى المنطقة، وستضطر لاستئجار شقة لها في القدس المحتلة بدلا من الذهاب والإياب إلى المنطقة لمتابعة ما يتوصل إليه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي خلال المفاوضات، وتشجيع الفلسطينيين على بناء قوة جديدة وتنمية قدرات مؤسسات السلطة الفلسطينية في رام الله.

غادر بوش وبقيت أمال الفلسطينيين معلقة حتى نهاية العام، وربما ستبقى معلقة حتى نهاية ولاية الرئيس الأمريكي القادم، أو الذي يليه، والوعد بحل الدولتين من خلال رؤيته، التي أطلقها في العام 2002، وهي قيام الدولة الفلسطينية خلال ثلاث سنوات أي حتى العام 2005، وتم تأجيل قيامها إلى العام 2009، وسيبقى الفلسطينيون ينتظرون الوعد وينشدون السلام.

بوش طالب الرئيس عباس بأن يكون شريكا حقيقيا يحارب الإرهاب، ويعمل على الحفاظ على أمن إسرائيل، وعبّر عن تفهمه لإحباط الفلسطينيين من الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتحدث عن تعويض اللاجئين، وطالبه بتفهم موقف أولمرت الصعب وضرورة تقديم تنازلات مؤلمة للتوصل للسلام الموعود والموهوم.

الفلسطينيون عبّروا عن ارتياحهم لزيارة بوش والتصريحات التي أدلى بها، لكن حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن الزيارة بالنسبة إلى أولمرت حققت نتائج إيجابية، خاصة أن الهدف الأساس منها هو النقاش الايجابي والبنّاء والصورة الواضحة، التي تلقاها بوش من أولمرت حول الخطر الإيراني على إسرائيل، وتفهم بوش للموقف والمخاوف الإسرائيلية، الذي شرحه أولمرت لبوش خلال الاجتماع المنفرد، الذي عقده معه، أو خلال الاجتماع، الذي عقده بوش مع أولمرت، وليفني، وباراك، ورئيسة الكنيست، وجميع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، الذين قدموا أيضاً شرحاً وافياً لبوش حول الخطر الإيراني، الذي لا يزال يهدد وجود دولة إسرائيل.

وحسب مراسل الإذاعة العبرية "شموؤيل تال" فإن أهم شيئ في الزيارة كان الموضوع الإيراني، وإدراك قادة الدولة العبرية أن بوش هو صاحب الصلاحيات في اتخاذ القرار المناسب في لجم إيران في التوقف عن تخصيب اليورانيم وشل قدراتها النووية، لذا فهم حققوا نتائج ايجابية في ذلك وسوف تثبت الأيام القادمة إن كان بوش سيتمر في الحوار والحل السياسي للموضوع الإيراني، أم سيكون هناك رد عسكري.

من جهة أخرى، قال عاموس جلعاد رئيس القسم الأمني والسياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية، إن التقارير الأمنية الأمريكية حول إيران خاطئة، وأن التهديد الإيراني لا يزال قائما، ويمكن أن تقوم أمريكا بعملية عسكرية ضد إيران. الصورة واضحة ضد إيران، والحوار سوف يستمر بين إسرائيل وأمريكا، وهو سيؤثر على المسؤولين الأمريكيين للقيام بعملية ضد إيران.

ورداً على سؤال حول إعطاء بوش الضوء الأخضر لعملية واسعة في قطاع غزة قال جلعاد: إن هذا قرار إسرائيلي، وهو خاضع للنقاش والدراسة، في وزارة الدفاع، ومن السهل أن نقول أننا نريد تنفيذ عملية عسكرية في غزة، لكن يبقى السؤال: متى وكيف سنخرج من مستنقع غزة؟ لقد حققنا انجازات هناك من خلال العمليات العسكرية المتدحرجة، التي يقوم بها الجيش، لذا يجب العمل باستمرار في القضاء على قدرات حماس وقوتها القتالية المتزايدة.

وبرغم الارتياح، الذي عبّر عنه بعض المسؤولين الفلسطينيين من الزيارة وتصريحات بوش حول الدولة، ووجوب إنهاء الاحتلال، الذي بدأ العام 67 ، وان زيارته هي اعتراف بالسلطة، وأنها شريك حقيقي بعد أن اعتبرها لفترة طويلة داعمة ومؤيدة للإرهاب، خاصة في فترة الراحل ياسر عرفات، الذي حاصره بوش، وخالف العرف والبرتوكول الدبلوماسي بتجاهله، وعدم وضع إكليل من الزهر على قبر الرئيس الراحل الشهيد.

كيف كان لهؤلاء أن يعبّروا عن ارتياحهم، وبوش وجه إهانة للفلسطينيين بتجاهله رمز وقائد الشعب الفلسطيني، وسار على البساط الأحمر في المقاطعة حيث لا يبعد عن قبر الرئيس أمتارا معدودة، فان الزيارة كانت مذلة ومهينة، ليس فقط في تجاهل قبر الرئيس الراحل، بل في استمرار إغلاق الأراضي الفلسطينية وعزلها عن العالم. وكان على الرئيس عباس مطالبته برفع الحصار الظالم والضغط على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس التعلق بآمال ووعود لن تتحقق.

فكان بوش عامل ضغط عليهم ولم يقدم لهم سوى وعود بجدية الحل هذه المرة في العام 2009، مع أن بوش كان واضحاً عندما قال يجب وضع حد للإرهاب في غزة، وهو يدرك أن الرئيس عباس لا يملك القوة لتحقيق ذلك هناك، وانه لن يستطيع تقديم الحل قبل نهاية العام الجاري، فالدولة ستأتي مع الرئيس القادم، أو ربما الذي يليه!

فهل ستكون العمليات العسكرية الإسرائيلية المتدحرجة في أنحاء مختلفة من قطاع غزة، الطريقة الوحيدة لعودة قوات الأمن التابعة للرئيس عباس، بدلا من عودة الحوار، وفض حال الاشتباك القائمة بين فتح وحماس؟!