عندما شاركت سوريا في مؤتمر أنابوليس، في نوفمبر الماضي بدعوة من واشنطن لإحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولإحلال السلام في المنطقة ظن البعض ذلك مؤشرا على احتمال بداية تحسن في العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة سينعكس إيجابا على الكثير من القضايا العالقة في المنطقة.

لكنه وبعد قرابة ثلاثة أشهر، لم يطرأ أي تحسن على العلاقة بينهما، بل حصلت الأسبوع الماضي ثلاثة تطورات في وقت واحد كان لها مغزى، وحملت رسائل واضحة تؤشر إلى ان العلاقة بين البلدين تشهد الكثير من التوتر ففي توقيت مقصود، تزامن مع عشية الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري أصدر الرئيس جورج بوش أمراً تنفيذياً بتوسيع العقوبات الاقتصادية على سوريا، بسبب ما اعتبرته الإدارة الأميركية استمرارها في تقويض الجهود لاستقرار العراق، ولاستمرارها في تقويض سيادة وديمقراطية لبنان، بحسب الرسالة التي أرفقها بوش مع الأمر التنفيذي وأرسلها للكونغرس.

وفي اليوم التالي، يوم ذكرى الاغتيال، وفي خطوة غير مألوفة، أصدر بوش، بياناً بمناسبة ذكرى اغتيال الحريري، جدد فيه اتهام سوريا بمواصلة تدخلها في الشؤون اللبنانية، وزعزعة استقرار لبنان وإعاقة انتخاب رئيس جديد للبنان، وجدّد دعم الولايات المتحدة الراسخ والقوي للبنان وسيادته وديمقراطيته واستقلاله.

وفي اليوم نفسه أيضاً أصدرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بياناً جددت فيه في ذكرى اغتيال الحريري، دعم الولايات المتحدة لحرية وسيادة واستقلال لبنان «بشكل راسخ لا يتزعزع»، وأكدت على «دعم سعي اللبنانيين للتحرر من الهيمنة الأجنبية». كما أعلنت مضاعفة مساهمة بلادها، من 7 ملايين دولار إلى 14 مليوناً في ميزانية السنة الأولى للمحكمة الدولية المكلفة بالتحقيق في اغتيال الحريري، مشددة على أن ذلك هدفه إظهار التزامنا بالعدالة في لبنان».

ثم جاء اغتيال عماد مغنية في دمشق في الثالث عشر من الشهر الحالي ليعطي، بحسب قول مصدر فيها ل«البيان»، الإدارة الأميركية «دليلاً آخر على أن سوريا كانت توفر مأوى لمغنية، وعلى علم ومعرفة بنشاطاته، وترفض التعاون بشأنه وغيره من رموز الإرهاب».

وقال المصدر إن «الدليل الذي وفره اغتيال مغنية واستمرار سوريا في تدخلها في لبنان للهيمنة عليه، وعدم قيامها بالكثير مما تقدر عليه لوقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق عبر حدودها.. كل ذلك، لا يشير إلى ان دمشق جادة في تغيير سلوكها، ما ينعكس بالمزيد من السلبية على العلاقة بين البلدين؟

وكانت مصادر أخرى، أكثر وضوحاً وصراحة بقولها لـ «البيان» إن العلاقة تتجه نحو المزيد من الخلاف والتوتر الشديد خصوصاً مع استمرار تفاقم الوضع في لبنان، بسبب استمرار عدم انتخاب رئيس جديد، حيث تعتقد واشنطن بشكل جازم ان سوريا هي التي تحول دون ذلك حتى الآن.

وعبرت المصادر عن اعتقادها بأن الرئيس بوش وإدارته «لا يعلقون أملاً على أن تغير دمشق من سلوكها، وانهم في الإدارة، لا يعتقدون في إمكانية حصول ذلك خلال ما تبقى من أشهر للرئيس في البيت الأبيض، ولذلك، فإن تصعيد الضغط على سوريا، وازدياد التوتر في العلاقات هو الأمر المرجح إن لم يكن المؤكد.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)