ذهب الكلام عن «أفكار جديدة» لحل الأزمة اللبنانية أدراج الرياح أمس، بالتزامن مع تقاذف القوى السياسية اللبنانية الاتهامات بتعطيل الحل قبل القمة العربية، والهجوم الحاد على هذه الأفكار «السورية» على اعتبار أن هدفها إدخال لبنان «في متاهة» بحسب تيار الأكثرية، فيما وصلت اتهامات المعارضة حد اتهام مقربين من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى باقتراح هذه الأفكار لا سوريا.

وجاءت هذه التطورات بعدما كشفت مصادر لبنانية عن أن الرئيس السوري بشار الأسد اقترح على موسى، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة السورية دمشق، أفكاراً جديدة تقضي بانتخاب رئيس جديد شرط تشكيل حكومة انتقالية تتولى إجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس قانون الانتخابات الذي كان سارياً العام 1960، وهو القانون الذي ينص على اعتبار القضاء دائرة انتخابية.

وبينما أفادت مصادر دبلوماسية في بيروت بأن موسى اتصل بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ونقل إليهما اقتراح الأسد.. سارعت «قوى 14 آذار» إلى رفض الأفكار السورية لأنها «تنسف المبادرة العربية وتدخل لبنان في متاهة جديدة لا أفق لها»، بحسب ما صدر عن قياداتها.

وترافق رفض الأكثرية مع موقف للبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الذي أعلن رفضه لقانون 1960، الذي تتحدث عنه الأفكار، واعتبر أن «الكثير من الأمور تغيّرت وأصبحت هناك أقضية ومحافظات جديدة، وعليه فإن ما صح في قانون 1960 لم يعد يصح اليوم... وإذا كان لا بد من اخذ القضاء كقاعدة فيجب ألا يتحمل القضاء أكثر من مرشحين أو ثلاثة». ولاقى موقف صفير ردود فعل ايجابية من جانب فريق الأكثرية، خاصة من رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع.

وفي السياق، أعلن مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهري برئاسة صفير أن «التباطؤ في انتخاب رئيس للجمهورية بعد دعوة النواب الى جلسة انتخاب للمرة الخامسة عشرة مثير للعجب والسخط في آن معاً»، داعياً الفئات السياسية إلى «العمل معا على تخطي العقبات التي تحول دون إتمام هذا الاستحقاق». ولفت إلى أن «القوى المتصارعة ماضية كل منها في ما رسمته لنفسها بتدخل خارجي من مشاريع لا يبدو أنها تعود بالخير على الوطن ككل، بل تهدف إلى إرضاء مصالح دولية وإقليمية وفئوية على حساب مصلحة الوطن، وهذا ما يجب ألا يكون».

وسارع رئيس مجلس النواب إلى الرد على كلام صفير في ما يخص مسالة اعتماد القضاء دائرة انتخابية ونقل عنه زواره «عدم ارتياحه إلى المواقف التي نقلت عن البطريرك الماروني» وأنه يفضل القضاء وما فوق إذا كان هناك اتجاه لتعديل القانون. وعبر عن عدم تفاؤله تجاه ما بدأ الحديث عنه بهذا الصدد والذي يرى أنه «يشكل تلاعباً باتفاق الطائف».

واستغربت مصادر بري أن يعمد فريق الموالاة إلى نسبة الأفكار الجديدة إلى سوريا، مؤكدة على أن هذا «لا يتفق مع الواقع على الإطلاق، فهذه الأفكار هي من صنع عمرو موسى، ومن تأليفه وإخراجه». وأوضحت أن موسى هو من بادر إلى الاتصال ببري، وطرح عليه أفكاراً جديدة للحل، فرد بري قائلاً: «بصرف النظر عن هذه الأفكار وعن ايجابياتها أو سلبياتها، فأنا شخصيا لست مستعدا لأن اكرر تجربة العشرات الثلاث لأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين»، متمنياً عليه «إنضاج هذه الأفكار والاقتراحات مع فريق الموالاة، أولاً، ومع الجهات العربية المعنية، ثانياً».

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)