أثارت جرائم الشرف أزمة بين وزيرة سورية والحركة النسائية التي تطلق حملة ضد العنف، وتلقت الحركة دعما معنويا من المفتى د. احمد بدرالدين حسون إلى طالب بتنقية ترسانة القوانين وتجريم قتل المرأة باسم الدفاع عن الشرف. فقبل نحو عامين أطلق مرصد نساء سوريا حملة وطنية لوقف جرائم الشرف التي لاحظ أنها باتت تشكل ظاهرة يحميها القانون السوري.

من جانبها، رأت وزيرة الشؤون الاجتماعية د. ديالا حاج عارف أن ما يطلق عليها جرائم شرف لا تشكل ظاهرة في سوريا. ونقلت وسائل الإعلام عنها قولها إن «عدد النساء المقتولات (بدافع الشرف) والذي يتراوح بين 200 و300 امرأة سنويا هو رقم لا يشكل ظاهرة أمام ملايين النساء السوريات». وقالت الوزيرة «إننا في سوريا يجب ألا نحتفل باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة لأنه أصلا لا يوجد لدينا عنف ضد المرأة، ولكننا إذا احتفلنا فنحن نحتفل لأجل الترف الفكري». هذه التصريحات يرى فيها مدير مرصد نساء سوريا بسام القاضي أنها لا تحترم الإنسان، وتساءل: «هل نحتاج إلى قتل نصف مليون أو مليون امرأة حتى تشكل ظاهرة بالنسبة للسيدة الوزيرة؟».

كما لفت موقف مفتي سوريا انتباه المعنيين بالأمر، لما ينطوي عليه من رؤية متقدمة تجاوزت نظرة الحكومة السورية ممثلة بوزيرة الشؤون الاجتماعية، والاتحادات الشعبية ممثلة بالاتحاد النسائي، إذ قال د. حسون إنه «يجب أن ننظر لكل جريمة شرف على أنها جريمة قتل من الدرجة الأولى فلا يسمح لأحد أن يقتل باسم الشرف، إنما هنالك قوانين تؤصل للعلاقات الجنسية بين أبناء المجتمع ضمن الشرائع السماوية وقيم المجتمع.

فالقانون السوري قد احترم جداً العلاقة الجنسية وقداستها ضمن المؤسسة الروحية الإسلامية أو المسيحية، فلا يحق لأحد أن يعتبر نفسه قيماً شخصياً على تطبيق هذه القوانين التي تحدد العلاقة الإنسانية والجنسية والثقافية بين أبناء المجتمع، فهناك دولة، وزارة عدل، وهناك مؤسسة للإفتاء تنظر إلى هذه القضايا وتحاسب المخطئين فيها وتضرب على أيدي من يعبث بقيمنا وأعراض بناتنا وقيم مجتمعنا».

ويرى المحامي عبدالله علي مدير موقع سوريا للقضاة والمحاماة أن القانون السوري لا ينص على شيء اسمه جريمة شرف، وإنما هو من المصطلحات التي جرى عليها العرف بين الناس ويقصد به كل جريمة يرتكبها شخص باسم الشرف أو بدافع منه.

ويضيف قائلاً إنه «لابد أن نلاحظ أن مصطلح جرائم الشرف، يحمل في طياته تناقضاً غير منطقي، فهو يضيف الشرف الذي هو القيمة التي يكسبها الإنسان نتيجة التزامه المبادئ السامية والمثل العليا إلى الجريمة التي تمثل التعبير العملي لمدى الانحطاط الأخلاقي أو القانوني لدى الفرد أو المجتمع.

وهنا يكمن التناقض فالشرف قيمة معنوية لايمكن أن تكون دافعاً لارتكاب جريمة، خاصة إزهاق الروح.. كما أن الجريمة لا يمكن أن تضفي على مرتكبها صفة الشرف، لأن الشرف لا يؤخذ من الاستسلام لدوافع الإجرام وغرائزه وإنما من مقاومة هذه الدوافع والتغلب عليها».

ويأسف على أن «المشرّع السوري وقع في شرك التناقض حيث تبنى جرائم الشرف، وتطرف في إسباغ الشرعية عليها، وقضى بعدم معاقبة مرتكبها، كما تنص المادة 548 من قانون العقوبات والتي جاء في فقرتها الأولى:( يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد)».

من جهتها، تقول الناشطة النسائية سهى أبو شقرا إنه «من الضروري التركيز على ناحيتين أساسيتين في مناهضة جرائم الشرف الأولى، تقتضي الكشف عن الفتيات اللواتي يقتلن بتستر وبأشكال مخفية لا تراق فيها الدماء ولا يجاهر فيها القاتل بفعلته.

والثانية، ضرورة إطلاع المجتمع بالكامل، خصوصا النساء، على الخطوات التي تخطوها الأجهزة التشريعية والتنفيذية والمتعلقة بتعديل وتطوير القوانين التي تغلِّظ العقوبة على مرتكبي جريمة الشرف وأي قوانين أخرى ذات الصلة».

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)